الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أزمة الدولار تدمر مئات المصانع وتشرد آلاف العمال بـ«القليوبية»

أزمة الدولار تدمر مئات المصانع وتشرد آلاف العمال بـ«القليوبية»
أزمة الدولار تدمر مئات المصانع وتشرد آلاف العمال بـ«القليوبية»




القليوبية - حنان عليوه


نجحت محافظة القليوبية فى أن تتربع على عرش عدد من الصناعات الحرفية والأنشطة، التى من أبرزها صناعة السجاد اليدوي، والغزل والنسيج، والجريد، والدواجن، وصناعات البلاستيك، علاوة على اهتمام أبناء القرى بأنشطة أخرى مثل الصيد، وجمع الخردة، حتى استطاعت بعض القرى أن تصنع جميع الأدوات «من الأبرة للصاروخ»، بل والتصدير إلى الخارج فى بعض الأحيان لكن الإهمال من قبل المسئولين تمكن من تحجيم الصادرات، وتكبيلها فى القضاء على البطالة بنسبة عالية، علاوة على أن الكثير من العمال والحرفيين فقدوا صناعاتهم بسبب تعرضهم للخسائر الفادحة.
«روزاليوسف» سلطت الضوء على الصناعات المنهارة والتى تصارع من أجل البقاء، وسط غفلة المسئولين.
بداية اشتهرت مدينة شبرا الخيمة بصناعة الغزل والنسيج، حيث بدأت تلك الصناعة على يد رائد الاقتصاد المصرى، طلعت باشا حرب، لإنشاء العديد من المصانع، ومنذ ذلك الحين بدأت تدخل عالم الازدهار، لكنها الآن «ياقلبى لا تحزن»، حيث بات مصير العمال التشرد، حتى وصلت النسبة بالقطاع الخاص 65%، لينضم جميعهم إلى طابور البطالة.
لم يكن هذا فحسب بل وصلت الصناعة إلى مرحلة فى غاية الخطورة، خاصة أن هناك ما يقرب من 4650 مصنع نسيج بشبرا الخيمة أغلقت بسبب إعلان إفلاسهما لارتفاع أسعار الخامات الرئيسية التى يتم شراؤها من الخارج، بسبب أزمة الدولار، ناهيك عن انعدام زراعة القطن فى مصر، وارتفاع البولستر «الفتلة»، فضلا عن أن هناك عددا من المصانع لجأت إلى بيع الماكينات والمعدات التى يقدر سعرها بالملايين كخردة وبأسعار بخيسة الثمن.
وفى قرية «ميت العطار» التابعة لمدينة بنها، التى تهتم بنشاط «تربية الدواجن»، حيث تعتبر القليوبية أكثر المحافظات إنتاجا للدواجن، خاصة أنها تنتج 70% من إنتاج مصر الداجنى، يتركز أغلبها بتلك القرية، علاوة على أنه يوجد بها أكثر من 7 آلاف مزرعة، إلا أنها انهارت حتى سجل سعر الكيلو 25 جنيها، بسبب ارتفاع أسعار الخامات التى تستخدم فى صناعة الدواجن مثل الذرة والصويا وجميع مكونات الأعلاف، وتحكم بعض التجار فى الموانئ وصغار المربين.
ومن ضمن المشاكل التى تعرضت لها الصناعة الداجنة نقص المعروض فى السوق، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المنتج، وتحمل المربى والمستهلك خسائر جراء ارتفاع الأسعار فى عام 2011/2012، أعقبها زيادة باهظة فى أسعار مدخلات الأعلاف، حيث زاد الطن حينها نحو 1000 جنيه، علاوة على أن البيطريين لا يقدمون أي معلومات للمربين، فى الوقت الذى توجد فيه فيروسات بسبب استيراد الأدوية من الخارج، مثل: فيروس «الجمبورو»، الذى يقضى على الطيور بأكملها  بمجرد تسلله إلى العنبر، إلى جانب سيطرة كبار السماسرة على بورصة الدواجن.
أما «طحلة» إحدى قرى مركز بنها، فتنتج السجاد اليدوى النادر، التى ورثها أبناء القرية من أجدادهم منذ 40 سنة، حيث لا يخلو منزل من وجود « نول» لإنتاج السجاد اليدوى، ويعمل بالمهنة جميع أفراد الأسرة ويتعلمها الأطفال من الصغر لمساعدة أولياء أمورهم، وبسبب صعوبتها يعزف عنها جموع الشباب ويلجأون إلى نشاطات أخرى.
كما أن من أسباب انهيار الصناعة بالقرية ضعف السياحة والاستيراد والتصدير، حيث إن العائد من الإنتاج لا يكفى للصرف وتغطية أجور العاملين أو توفير المواد الخام اللازمة لتصنيع السجاد النادر، لذلك لكى يتم زيادة الإنتاج يقوم المهتمون بالصناعة بإرسال الأنوال إلى محافظات الجوار على رأسهم «مركز فوة بمحافظة كفر الشيخ» حتى تتمكن من إنتاج ما يغطى أجورهم.
إلى ذلك طال الإهمال «طنان»، إحدى قرى مدينة قليوب، وهى قلعة صناعة الأثاث، ويرجع امتهان القرية للمهنة منذ 30 عاما، كانت فى سنوات ازدهارها فى آخر 15 سنة، فضلا عن أنها تعتبر قبلة القليوبية بسبب توافد جميع المحافظات عليها.
بل وصلت القرية مؤخرا إلى حد التنافس مع دمياط، ورغم ما تمتاز به منتجات دمياط من جودة، إلا أن نسبة التوافد على «طنا» عالية، خاصة أن بينها وبين القاهرة مسافة لا تتجاوز 17 كيلو، بينما تبعد دمياط عن القاهرة نحو 220 كيلو مترا، لكن أهالى القرية العاملين بها يواجهون مشاكل كثيرة دفعت الكثير منهم إلى غلق مصانعهم، على رأسها ارتفاع أسعار الخامات والبويات والمعدات والأخشاب، فضلا عن عدم وجود ضمان اجتماعى أو تأمين صحى، والكارثة أن الحكومة لم تساعدهم فى الارتقاء بحرفتهم بل تحاربهم بالتراخيص التى تتطلب ما يزيد على 3 آلاف جنيه لعمل الإجراءات..أما عن صناعة «الجريد» التى تميزت بها قرية «أمياي» التابعة لمركز طوخ، فيعمل بتلك الصناعة أبناء القرية، وطلاب وخريجو الجامعات، حيث استطاعت تلك الحرفة فى خفض نسبة البطالة بالقرية، وتقوم صناعة الجريد اليدوى بإنتاج أقفاص الجريد المستخدمة فى تعبئة الفاكهة والخضراوات وغيرها من المنتجات الزراعية، حيث واجه أبناء القرية البطالة بالتوسع فى إنشاء ورش صناعة الأقفاص والأدوات المصنوعة من جريد النخيل ففى القرية أكثر من ٢٥٠ ورشة.
أيضا قرية «ميت كنانة»، بطوخ حيث تشتهر بالصناعات المرتبطة بحطب الحناء ومنها صناعة الشماسى والمظلات ومشنات الطعام، وكانت بداية ممارستها صناعة مشنات الخبز ، ثم تطورت إلى الشماسى، ويوجد بالقرية نحو 500 ورشة، يعمل بها مايزيد على 7 آلاف عامل، علاوة على أنه لا يزال عدد كبير من أهالى القرية والمناطق المجاورة لها يعتمدون عليها كمصدر دائم للعيش والرزق،
كما تشتهر قرية «القلج» بالخانكة بالصناعات المرتبطة بالنخيل، حيث يوجد بها ما يقرب من ٦٠٠ ألف نخلة، إلا أن عدم وصول المياه وتطهير الترع وردم معظمها تسبب فى إهدار التربة وتحولها إلى ملحية، ما أدى إلى تبوير مئات الأفدنة وعجز غيرها عن إنتاج جيد، بل أجبرت الأهالى على اللجوء إلى الرى بالصرف الصحى.. وفى قرى «كفر علوان» تمكن شبابها من الاعتماد على أنفسهم، من خلال جمع الخردة، واستخدامها فى صناعة أوانى الألومنيوم، وأطباق الصينى الرديئة التى يتم تصنيعها من خلال الكسارات المنتشرة، فهى القرية الوحيدة على مستوى المحافظة التى لم توجد بها بطالة بعد امتهان أطفال الـ5 سنوات تلك الحرفة.. كذلك منطقة «الزرايب» بالخصوص التى تشتهر بتربية الخنازير لما بها من أعمال فرز القمامة وإعادة تدويرها، حيث سيطر على أبناء القرية حرفة جمع القمامة وفرزها وتغذية الخنازير على ما يتحصل عليه من القمامة وإعادة تدوير ما يدخل منها فى الصناعات الأخرى.. أيضا «باسوس» إحدى قرى القناطر الخيرية، يطلق عليها «تايوان مصر»، حيث يصنع بها كل شىء من الإبرة للصاروخ بدءا من الآلات الكهربائية والأسلاك والخراطيم البلاستيك وأدوات السباكة والكهرباء واللمبات.
وكان مرور نهر النيل له دور مهم فى ظهور «صيد الاسماك»، إلا أن الصيادين يواجهون مشاكل وهموما لا تنتهى، حيث غلاء المعدات والوقود وانهيار الثروة السمكية بسبب تصريف النوادى مخلفاتها، وسط مطالب بتدخل المسئولين لمحاسبة المخالفين.