الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

من أخلاق شهر رمضان

من أخلاق شهر رمضان
من أخلاق شهر رمضان




أحمد عبده طرابيك يكتب:

 

يهل علينا شهر رمضان المبارك كل عام وهو يحمل معه بشائر الخير والبركات، ويعطرنا بنسائم المحبة والسلام، ولما لا وقد فضل الله تعالى هذا الشهر الكريم عن سائر شهور العام، كما أن به ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر فى الأجر والثواب، وقد اختص الله تعالى هذا الشهر الكريم بنزول القرآن فيه، ولعظم شأن القرآن الكريم فقد منح الله تعالى هذا الشهر المبارك فضائل لا تتوافر فى غيره من الشهور، الذى بشرنا الله تعالى فيه بالرحمة فى أوله، وبالمغفرة فى أوسطه، وبالعتق من النار فى آخره . فهل نحن حقاً على علم وإدراك ويقين بقيمة وقدر ومكانة وفضائل هذا الشهر؟
يتجلى قدر ومكانة هذا الشهر الكريم فى الالتزام بآدابه وأخلاقه، والتى تمثل الآداب السوية القويمة التى جاء بها الإسلام الحنيف، والتى يجب أن يتعامل بها الإنسان فى كل أمور حياته، مع أخيه الإنسان، المسلم وغير المسلم على حد سواء، فالصدق وقول الحق، وعدم الظلم والوفاء بالعهد، والالتزام بالموعد، وعدم أكل مال الغير، العام منه والخاص، وعدم ترويع الآمنين، وعدم الغش وتطفيف الكيل والميزان، وتقديم النصح والإرشاد بما يفيد الناس، والإخلاص فى العمل، وعدم إضاعة الفرص والحقوق على الغير، وغيرها من فضائل الأعمال التى تقرها وتطمئن إليها النفس والفطرة الإنسانية السوية قبل أن يقرها الشرع، فقد ولد الإنسان على الفطرة، وهى التى تنزع إليها النفس وتميل إليها قبل أن تعلم بأنها من أوامر شرع إلهى، أو قانون إنسانى.
كما تتجلى مكانة شهر رمضان المبارك فى الإلتزام بالآداب السوية مع غير الإنسان من سائر المخلوقات الأخرى من حيوان ونبات وجماد، فزراعة الأشجار والمحافظة على ما هو قائم منها للفائدة الإنسانية من أجل المحافظة على البيئة والانتفاع بظلها وما تقدمه من ثمار وجمال يريح النفس، والرفق بالحيون والطيور، وعدم استخدام بعضها فى إيذاء الغير أو ترويعهم هى أيضاً من الآداب القويمة، ولن تكتمل تلك الآداب والأخلاق إلا بآداب المحافظة على مخلوقات الله من الجماد وفى مقدمتها البيئة التى نعيش فيها، وكل مكان نصل إليه، فنظافة المسكن والشارع ووسائل المواصلات وأماكن العمل والحدائق العامة وغيرها هى من فضائل الأعمال ومكارم الأخلاق، وقد جعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - من شعب الإيمان، وفق ما جاء فى حديث شعب الإيمان : « الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، أَعْلَاهَا : قَوْلُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا : إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمان».
يأتى شهر رمضان وقد تبدلت خصالنا وعاداتنا من فضائلها إلى أرذلها، ووضع الانسان لنفسه طقوساً فى هذا الشهر تتناقض مع الحكمة الإلهية من الصوم، طقوسا تتماشى مع شهواته التى انفصمت تماماً عما أراده الله تعالى لنا من صيام رمضان، والتحلى والتمسك بأخلاقه الكريمة، فقد جعلنا الإسراف فى مقدمات خصالنا فى شهر رمضان، ونسينا مودة الفقراء والمعوزين والعطف والحنو عليهم والتقرب منهم والإحساس بحرمانهم وحاجتهم، تناسينا ومع تكرار النسيان اعتدنا على الإسراف والتبذير، وبدلاً من التقرب والتحلى بصفات الملائكة، اقتربنا من صفات المبذرين الذين هم إخوان الشياطين.
شغلتنا ملذاتنا عن روحانيات الشهر المبارك، الذى من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، لحديث النبى - صلى الله عليه وسلم - «أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى فيه سبعين فريضة فيما سواه»، وبصرف النظر عن ضعف الحديث عند بعض أهل العلم، إلا أنه يظل من فضائل الأعمال التى يزداد ثوابها ويعظم أجرها فى شهر رمضان، وفى مقدمة تلك الأعمال صلة الأرحام والمودة والتواصل بين الأهل والأقارب، والتكافل وزيارة المرضى، وكلها من الأعمال التى تزيد من المحبة والوئام والسلام بين الناس فى الدنيا، ويثاب عليها المرء فى الآخرة.
شهر رمضان فرصة لأن ننشئ ونربى أبناءنا على الفضائل التى غابت عن مجتمعنا، الذى تخلى عن مبادئه وقيمه وأعرافه وعاداته وتقاليده الأصيلة، فانتشرت الرذائل، وتدهورت الأخلاق، وتفشى الارهاب، وغاب الأمن والاستقرار، فما أحوجنا إلى العودة للتمسك بقيم ديننا الحنيف، ونجعل من شهر رمضان المبارك فرصة للتحلى بأخلاقه الكريمة، فتقدم الأوطان ورقيها يبدأ من صلاح الأفراد.