السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شبهة منع رواية الأحاديث النبوية «2»

شبهة منع رواية الأحاديث  النبوية «2»
شبهة منع رواية الأحاديث النبوية «2»




فى كل يوم نعرض لأحد الشبهات الواردة عن السنة النبوية أو الرسول صلى الله عليه وسلم ونعرض الرد الوافى لها من الأزهر الشريف واليوم  نكمل  الرد على شبهة منع الرسول لكتابة الأحاديث.
ويؤكد الأزهر الشريف فى رده أن النبى - صلى الله عليه وسلم -  أجاز كتابة السنة والأدلة على ذلك كثيرة، فهناك أحاديث أكثر ثبوتا وأصرح دلالة أباح فيها النبى - صلى الله عليه وسلم - كتابة الحديث منها:
الحديث الأول: ما رواه البخارى ومسلم وغيرهما أنه «لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة خطب... فجاء رجل من أهل اليمن فقال: اكتب لى يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: اكتبوا لأبى فلان» ([6])، قال ابن حجر: «هو أبو شاه». وقيل للأوزاعي: ما قوله اكتبوا لى؟ قال: هذه الخطبة التى سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر صريح من النبى - صلى الله عليه وسلم - بالكتابة.
الحديث الثانى: روى البخارى بسنده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما اشتد وجعه قال: «ائتونى بكتاب، أكتب لكم كتابا لاتضلوا بعده...» . ولو لم يكن النبى - صلى الله عليه وسلم - يبيح الكتابة ما دعا إلى كتابة هذا الكتاب، ولهذا يقول ابن حجر: «وفى هذا الحديث دليل على جواز كتابة العلم؛ لأنه هم أن يكتب لأمته كتابا يحصل معه الأمن من الاختلاف، وهو لا يهم إلا بحق»
الحديث الثالث: روى البخارى بسنده عن وهب بن منبه عن أخيه، قال: سمعت أبا هريرة يقول: «ما من أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - أحد أكثر حديثا عنه منى إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب»
فإذا كان حديث أبى شاه يحتمل أن يكون إذن الكتابة له خاصا لأنه كان أميا وكان أعمى؛ فإن هذا الحديث بطرقه التى ذكرها البخارى وغيره أقوى فى الاستدلال للجواز، لأن ابن عمرو لم يكن أميا ولم يكن أعمى.
الحديث الرابع: روى البخارى بسنده عن أبى جحيفة قال: «قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا إلا كتاب الله، وفهم أعطيه رجل مسلم، أو ما فى هذه الصحيفة، قال قلت: وما فى هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر».
إن هذه الأحاديث المرفوعة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وغيرها إن لم تدل على أن حديث أبى سعيد غير مرفوع إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فإنها تقضى بتأويله، والجمع بينه وبينها.
ولا نقول كما يقول بعضهم: إن حديث أبى سعيد هو المتأخر، فيكون ناسخا لها؛ لأن حديث أبى شاه كان عام الفتح، وذلك فى أواخر حياة النبى صلى الله عليه وسلم، وحديث أبى هريرة فى المقارنة بينه وبين عبد الله بن عمرو متأخر أيضًا، لأن أبا هريرة متأخر الإسلام، وهو يدل أيضا على أن عبد الله كان يكتب بعد إسلام أبى هريرة، وحديث همه - صلى الله عليه وسلم - بكتابة كتاب لن تضل الأمة بعده كان فى مرض موته - صلى الله عليه وسلم - ويبعد جدا أن يكون حديث أبى سعيد الخدرى قد تأخر عن هذه الأحاديث كلها خصوصا حديث «الهم»، ولو كان حديث أبى سعيد فى النهى متأخر عن هذه الأحاديث فى الإذن والجواز، لعرف ذلك عند الصحابة يقينا صريحًا.
وبهذا يتبين أن النهى عن كتابة السنة لم يكن لكونها بدعة كما يدعى أصحاب هذه الشبهة، ولكن لعلل أغمض هؤلاء المدعون أعينهم عنها، على الرغم من أن هذه العلل واردة فى نفس الأحاديث التى احتجوا بها.