الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حكومة «خراب البيوت»





تحقيق - حسن أبوخزيم وبشير عبدالرءوف ومسعد رضوان ومحمد جبر
 

 
بين مطرقة القانون وسندان لقمة العيش تتجه الأنظار إلى قرار غلق المحلات المقرر تطبيقه عقب إجازة عيد الأضحى الذى يواجه رفض التجار وأصحاب المحلات والعاملين بتلك المحلات فى جميع أرجاء مصر، حيث لن يفرق القرار بين محافظة حدودية وأخرى ساحلية وكذلك محافظات الدلتا والصعيد، وكان من المقرر بحسب القرار القديم أن يكون مقصورًا على العاصمة القاهرة.
يواجه التجار القرار بالرفض بعد بحث أضراره واقترح البعض إجراء استفتاء على القرار بين التجار لمعرفة رد الفعل لديهم، إما بالموافقة وإما بالرفض، آخرون أكدوا أنهم ليسوا فى حاجة لإجراء استفتاء على القرار، وكانت كلمتهم القاطعة بمقاطعة القرار عملاً بالمثل القائل: «يا واخد قوتى ياناوى على موتى» موضحين أنه سينعكس سلبًا على أجور العمالة والإيرادات اليومية المتوقعة لعمل المحلات باختلاف أنشطتها، خاصة ما يعمل منها خلال ساعات الغلق تحديدًا.
 
 
«روزاليوسف» استطلعت آراء التجار وكانت البداية من شارع قصر العينى فيقول صاحب مكتبة آمال إنه ليست هناك حركة تجارية بالمقارنة بنفس التوقيت من أعوام سابقة، وأن الأمر لم يعد لديه ذو أهمية بعد أن أصبحت الحركة التجارية محدودة فى الشارع ولم يعد هناك سوى بعض الموظفين المترددين على المكتبة خلال ساعات عملهم لقضاء بعض احتياجاتهم التى لم تعد بنفس حجم المبيعات.
وفى شارع 26 يوليو أكد أصحاب المحلات أن قرار غلق المحلات فى العاشرة مساء بمثابة القضاء على تجارتهم، ويؤكد سعيد فتحى صاحب محل أن التوقيت الذى حدده القرار لغلق المحلات جاء متجنيًا على التجار، فالشارع له خصوصية وتمثل الحركة التجارية فيه باعثًا على الأمان للأهالى ويعتبر متنزهًا تجاريًا للمواطنين خلال فترات الليل، ويرتبط ارتباطًا كليًا بتواجد الأهالى الذين يعتبرون الشارع بالنسبة لهم هو المتنفس، مما يجعل المواطن لا يتردد على الشارع بعد توقف الحركة التجارية به.
وفى شارع عبدالخالق ثروت يوضح إبراهيم أحمد صاحب محل للأحذية أن الفترة التى حددها قرار غلق المحلات يعتبر بالنسبة لنشاطهم هو الفترة المثمرة سواء لهم أو بالنسبة للعمال لديهم، فسيدفعهم هذا القرار إن تم تنفيذه إلى تسريح العمالة لأنها ستكون عبئًا على المحال، فالعمل خلال فترة الليل هو الأكثر رواجًا، كما أن الفترة التى يحصل فيها هؤلاء العاملون على «الإكراميات» من الزبائن التى تعتبر هى المعين للعمال لمواجهة أعباء الحياة.
ويشير على خليل صاحب سوبر ماركت إلى أن هناك عمالاً يعتمدون على تلك الإكراميات دون الحصول على أجر ويفضلون العمل خلال ساعات الليل، مما سينعكس على توقف تلك الفئة عن العمل، كما أن توصيل الطلبات للمنازل أصبح خدمة تقوم بها جميع المحلات فى جميع الأنشطة مقابل ما يحصل عليه العامل من مقابل التوصيل خارج قيمة المبيعات، ويعتمدون عليها ومنهم من يعمل ليل نهار لقضاء احتياجاته ومتطلباته مما سيؤثر على توفير المطالب الأساسية لهم.
وفى شارع محمد فريد جاء رفض خالد على صاحب سوبر ماركت قاطعًا بحجة أن غلق المحلات سيغيب معه عنصر الأمان سواء للمواطن أو لأصحاب المحلات، فإذا ما حدثت فروق فى التوقيت بين غلق محلا وآخر يكون هناك أمان لدى الباقين لوجود بشر بالشارع وهناك محلات مازالت تعمل، قائلاً: إنه مع حالة الصمت التى سوف تعم الأماكن مع غلق المحلات فمن غير المضمون على الإطلاق توافر عنصر الأمان للمارة أو أصحاب المحلات.
ولفت إلى أن الموعد المحدد لغلق المحلات يعتبر هو الفترة التى يبدأ فيها أرباب البيوت فى قضاء حاجاتهم عند العودة من العمل، وغالبًا ما تكون بعد هذا التوقيت وتمتد لما بعد ذلك.
ومن جانبهم رفض أصحاب الكوافير الرجالى على اعتبار أن ساعات الليل هى ساعات العمل الحقيقية لهم، فعملائهم يترددون على المحال خلال ساعات الليل حتى إنهم لا يلجأون لفتح محلاتهم خلال ساعات النهار، إلا متأخرًا نظرًا لطبيعة نشاطهم والفترة التى يفضل العملاء التردد على محلاتهم خلالها.
ولم يقتصر قرار غلق المحلات عند العاشرة مساءً على أصحاب الأنشطة التجارية فقط، بل امتد ليكون مثار غضب من جانب أصحاب وسائقى التاكسى، فيقول محمود الفلكى صاحب تاكسى أنهم يعتمدون على استخدام عملاء المحلات التجارية فى عملهم والذين ترتبط تحركاتهم خلال ساعات الليل بالتسوق من مناطق وسط البلد، وهو ما سينعدم مع تطبيق قرار غلق المحلات ليكون سببًا فى قطع الأرزاق.
ويجزم رئيس جمعية تجار مصر ياسر الشلقانى أن التجار رفضوا تمامًا ودون إجراء استفتاء على قرار غلق المحلات عند الساعة العاشرة مساءً، معتبرًا القرار بمثابة صورة من صور زيادة البطالة فى مصر فى ظل تطبيق القرار بجميع المحافظات فى آن واحد، دون أن يكون ذلك مقررًا تطبيقه على محافظات القاهرة الكبرى كما كان محددًا من قبل.
ويشير الشلقانى إلى أن غلق المحلات يتسبب فى زيادة نشاط الباعة الجائلين الذين ستزداد فرصة عملهم لغياب المحلات، متسائلاً: عن مدى إمكانية توفير الحماية الأمنية لجميع المحلات التى ستغلق أبوابها فى توقيت واحد.
ويؤكد رئيس جمعية تجار مصر أن المحافظات السياحية ستواجه توقف لأنشطتها لعدم استثناء محافظة دون الأخرى، فى الوقت الذى نحاول فيه استعادة الأنشطة السياحية مرة أخرى فى مصر، مما سيؤثر سلبًا على تقبل السائحين لهذا الوضع، موضحًا ترشيد الكهرباء من الممكن أن يكون بطرق أخرى تنحصر فى الترشيد نفسه وليس باستخدام سبل من شأنها زيادة البطالة وتعثر انطلاق السياحة وتنشيط الحركة التجارية للخروج من المأزق الاقتصادى.
وفى سياق متصل أكد محافظ الجيزة الدكتور على عبدالرحمن على عقد العديد من الاجتماعات مع مسئولى الغرفة التجارية بالمحافظة بحضور عادل ناصر رئيس الغرفة التجارية بالمحافظة الذى تم خلاله الاتفاق على وضع العديد من التوصيات موضع التنفيذ لإنجاح القرار الخاص بغلق المحلات التجارية فى العاشرة مساءً قبل تنفيذه خاصة فى ظل وجود بعض الأسواق العشوائية وتجارة الرصيف التى يمكن أن تستفيد من غلق المحلات مبكرًا.
وأضاف عبدالرحمن محافظ الجيزة أنه سيتم خلال أيام وضع آليات تنفيذ قرار مجلس المحافظين الأخير بغلق المحلات التجارية فى العاشرة مساءً فى ضوء خصوصية الجيزة باعتبارها محافظة سياحية فى المقام الأول، لافتًا إلى أن تلقى المحافظة خطابًا من الغرفة التجارية بموافقتها على تنفيذ قرار مجلس المحافظين مؤكدًا أنه لا يوجد تنفيذ للقرار بالقوة.
وقال عادل ناصر رئيس الغرفة التجارية بالجيزة وسكرتير عام الاتحاد العام للغرف التجارية إن المصلحة العامة والعليا للوطن تقتضى الاتفاق على تنفيذ قرار مجلس المحافظين مع تنظيم مواعيد غلق المحلات، مشيرًا إلى أهمية تحديد فترة انتقالية لتطبيق القرار، حتى لا يحدث ارتباك فى الأسواق بالإضافة إلى أهمية التعاون مع المحافظة ومديرية الأمن لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين المحلات التجارية فترة الغلق علاوة على تشكيل لجان مشتركة مع شرطة المرافق لحل أى مشاكل قد تحدث فور تطبيق القرار.
وأشار إلى أهمية المرونة فى تطبيق القرار وطبيعة كل منطقة والأخذ فى الاعتبار الطابع السياحى للجيزة ووجود العديد من المنشآت السياحية والمناطق الأثرية واختلاف كل نشاط عن الآخر.
فى الوقت ذاته حصلت «روزاليوسف» على مذكرة تم إرسالها من رئيس الغرفة التجارية بالجيزة برئاسة عادل ناصر إلى محافظ الجيزة ورئيس الاتحاد العام للغرف التجارية للمطالبة بالقضاء على العشوائيات وإيجاد حلول لتجارة الرصيف التى يمكن أن تستفيد من غلق المحلات مبكرًا خاصة أنها لا تدفع أى مستحقات للدولة سواء من الضرائب والتأمينات والجمارك مطالبًا بتحديد فترة انتقالية لتنفيذ قرار غلق المحلات التجارية حتى لا يحدث ارتباك وفوضى فى الأسواق، ولدى التجار حسب ظروف كل محافظة مع توقيع بروتوكول تعاون مع وزارة الداخلية ومديرية الأمن بالمحافظة لاتخاذ الإجراءات القانونية لتأمين المحلات طوال فترة الغلق خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التى تمر بها البلاد.
وطالبت الغرفة التجارية بالجيزة بتشكيل لجنة مشتركة من المحافظة وشرطة المرافق والغرفة التجارية لمتابعة تنفيذ قرار غلق المحلات وحل المشكلات التى تطرأ عند التطبيق فورًا على أن تجتمع اللجنة بشكل دورى لمتابعة التنفيذ.
وطالبت المذكرة باستثناء شعبة الفنادق السياحية للعمل طوال اليوم والمطاعم السياحية أن يتم الغلق بداية من الواحدة صباحًا فى الشتاء والثانية صباحًا فى الصيف.
وأشار صلاح الدين طه عثمان الأمين العام للغرفة التجارية بالجيزة إلى وجود تخوفات من بعض التجار بشأن تنفيذ قرار غلق المحلات التجارية فى العاشرة مساءً، لافتًا إلى عقد العديد من الاجتماعات بين الغرفة التجارية والتجار لتوضيح أهمية ومزايا القرار، مطالبًا بتأجيل القرار لمنح المحافظات فرصة للترتيب مع توفير الحماية الأمنية لجميع المحلات التجارية.
ومن جانبه أكد مؤمن عبدالمحسن صاحب محلات مؤمن والمتحدث باسم أصحاب محلات إمبابة على رفضهم لقرار مجلس المحافظين بشأن إغلاق المحلات التجارية الساعة العاشرة مساءً، مشيرًا إلى أن أصحاب المحلات يجهزون لتنظيم وقفة احتجاجية بعد انتهاء اجازة عيد الأضحى الأسبوع المقبل، أمام جميع الجهات المسئولة للتعبير عن رفض القرارات نتيجة أن الغرفة التجارية لم تتحدث مع أصحاب المحلات التجارية علاوة على أن منطقة إمبابة تعد منطقة شعبية ولا يتماشى معها قرار الغلق العاشرة مساءً نتيجة وجود العديد من الأضرار الجسيمة لتنفيذ القرار الذى وصفه بالجائر.
ورفض أسامة مصطفى المتحدث الرسمى لأصحاب المحلات بالمنيب قرار مجلس المحافظين بتطبيق قرار غلق المحلات التجارية نتيجة اعتماد جميع المحلات على البيع فى الوردية المسائية، علاوة على أن القرار سيؤدى إلى تشريد غالبية العمال بالوردية المسائية، مشيرًا إلى أنهم سيقومون بفتح المحلات وإن استدعى الأمر الصدام نتيجة الحاجة الماسة لفتح المحلات التجارية ليلاً لأنه لا يصح تنفيذ هذا القرار بعد ثورة عظيمة قام بها الشعب المصرى لرفع الظلم وليس لوضع الظلم على الفقراء.
ومن جانبه أكد الدكتور حمدى عبدالعظيم الأستاذ بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن قرار مجلس المحافظين بإغلاق المحلات التجارية الساعة العاشرة من مساء كل يوم له آثار سلبية على الاقتصاد القومى، وأن الخسائر المتوقعة من تنفيذ القرار ستصل إلى 4 مليارات جنيه سنويًا.
وفى نفس السياق أعلن مجلس إدارة الغرفة التجارية بالغربية برئاسة محمود عوارة عن رفضه لقرار الحكومة بإغلاق المحال التجارية فى العاشرة مساء لعدم مراعاة ظروف كل محافظة وطبيعة النشاط التجارى بالمحافظة.
كما قرر المجلس إرسال مذكرة إلى الاتحاد العام للغرف التجارية أكد فيه أن قرار غلق المحلات سيؤثر سلبًا على العملية التجارية وعلى أصحاب المحلات خاصة محلات بيع الملابس والأقمشة ومستلزمات المنازل.
وكان مجلس إدارة الغرف التجارية على مستوى الجمهورية قد خاطب جميع مجالس الغرف التجارية لمناقشة تداعيات هذا القرار، وعقد مجلس إدارة غرفة الغربية اجتماعًا فى ضوء ذلك أعلن فيه رفضه للقرار.
وأصدر المجلس عدة توصيات أكد فيها أن الغرفة التجارية هى المنوط بها تحديد المواعيد بدائرة اختصاصاتها طبقًا لظروف كل محافظة، وعلى الإدارة المحلية فى كل محافظة تشجيع التجارة المنظمة وحماية المستهلك والقضاء على العشوائيات.
وطالب الحكومة تشجيع العمل المؤسسى وإعطاء الغرف التجارية فرصة لتنظيم التجارة والنهوض بها مع التأكيد على أن تنظيم فتح المحال أمر حضارى لابد منه لكن لابد من مراعاة ظروف كل محافظة وكل منطقة تجارية.
و فى شمال سيناء اعلنت الغرفة التجارية فى اجتماعها الذى عقدته برئاسة عبدالله قنديل بدوى رئيس مجلس ادارة الغرفة عن رفضها لهذا القرار.
وطالبت بتحديد موعد لاغلاق المحلات التجارية والقضاء على مشكلتى الانفلات الأمنى والباعة الجائلين الذين لا يشملهم القرار، وتحديد مواعيد الاغلاق من الساعة 12 فى فصل الشتاء.. ومن الساعة الواحدة خلال فصل الصيف.
وقال عبد الله قنديل بدوى رئيس مجلس ادارة الغرفة ان محافظة شمال سيناء محافظة بكر ومقبلة على التنمية والاستثمار، وذات طبيعة خاصة لكونها محافظة سياحية ساحلية، وتستلزم وجود محلات مفتوحة فى جميع المجالات.
وأضاف محمد الناصح سكرتير عام الغرفة أنه ضد القرار لما يسببه من أضرار بالموسم السياحى الصيفى.. خاصة أن المحافظة ليست بها أماكن ترفيهية، وليس أمام المصطاف أو زائر المحافظة سوى التسوق والشارع التجارى الوحيد بالمحافظة.. ويطالب بإعفاء المشروعات التجارية بشمال سيناء من الضرائب بدلا من اغلاقها، ولتشجيع الاستثمار والسياحة بالمحافظة ولدعم التنمية والاقتصاد القومى.