السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

موائد الرحمن عبر التاريخ

موائد الرحمن عبر التاريخ
موائد الرحمن عبر التاريخ




كتب - محمد سعيد هاشم

ربما ترجع فكرة «موائد الرحمن» إلى الولائم التى كان يقيمها الحكام وكبار رجال الدولة والتجار والأعيان فى أيام الفاطميين، يروى أن أحمد بن طولون حاكم مصر ومؤسس الدولة الطولونية هو أول من رأى فى شهر رمضان مناسبة كريمة لاستثمار الفضائل؛ فأمر بدعوة أغنياء وحكام الأقاليم فى أول يوم من رمضان ووزعهم على موائد الفقراء والمحتاجين كى ينفقوا عليها، وعرفت موائد الرحمن الرمضانية فى العصر الفاطمى وسميت «السماط»، وكان الخليفة يعد مائدة كبيرة فى قاعة الذهب بقصره تمتد من الليلة الرابعة من رمضان حتى الليلة السادسة والعشرين، ويدعى إليها كبار رجال الدولة والأمراء والوزير وقاضى القضاة، إضافة إلى موائد أخرى فى مسجد عمرو بن العاص والجامع الأزهر، وكذلك إناء مملوءة بالطعام تخرجها مطابخ قصر الخليفة للمحتاجين.
ويعتبر الخليفة الفاطمى العزيز بالله أول من عمل مائدة فى شهر رمضان يفطر عليها أهل الجامع العتيق «عمرو بن العاص»، وأقام طعامًا فى الجامع الأزهر مباحًا لمن يحضر فى شهور رجب وشعبان ورمضان، وكان يخرج من مطبخ القصر فى شهر رمضان 1100 قدر من جميع ألوان الطعام، توزع كل يوم على المحتاجين والضعفاء.
وفى العصر الفاطمى كانت تمتد آلاف الموائد المليئة بأطيب الطعام للصائمين غير القادرين أو عابرى السبيل، وكان الخليفة العزيز بالله ومن بعده المستنصر بالله يهتمون بموائد الإفطار التى تقام فى قصر الذهب للأمراء ورجال الدولة، وكذا التى تقام فى المساجد الكبرى للفقراء والمساكين حتى بلغت نفقات شهر رمضان مدة 27 يوما ثلاثة آلاف دينار.
دار الفطرة
فى العصر الفاطمى أيضا بنى الخليفة الفاطمى العزيز بالله دارا سميت «دار الفطرة» خارج قصر الخلافة بالقاهرة، وقرر فيها صناعة ما يحمل إلى الناس فى العيد من حلوى وكعك وتمر وبندق، وكان يبدأ العمل بدار الفطرة من أول رجب إلى آخر رمضان، ويستفيد منها الأمراء والفقراء، حيث توزع عليهم أصنافها كل على قدر منزلتهم، ويقوم بالتوزيع مئة فرّاش، وكان يعمل فى هذه الدار مئة صانع للحلوى وغيرها من المأكولات، علاوة على ما هو مرتب لخدمتها من الفراشين الذين يحفظون رسومها ومواعينها، وكان يصرف على أجرة الصنّاع والمواعين خمسمائة دينار.
وجرت العادة فى هذا العصر أن يحضر الخليفة الفاطمى العزيز بالله إلى دار الفطرة ومعه الوزير فيجلس الخليفة على سريره، ويجلس الوزير على كرسى، وذلك فى النصف الثانى من شهر رمضان، ويدخل معهما قوم من الخواص، ويشاهد الخليفة ما بالدار من الحواصل المعمولة المعبأة مثل الجبال من كل صنف فيفرقها من ربع قنطار إلى عشرة أرطال إلى رطل واحد وهو أقلها، كل على قدر منزلته، وذلك فى أوانٍ لا تُرد، ثم ينصرف الخليفة ووزيره بعد أن ينعم على مستخدمى الدار بستين دينارا.