الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حضور بارز لأدباء الأقاليم فى مسابقة «المواهب الأدبية»

حضور بارز لأدباء الأقاليم فى مسابقة «المواهب الأدبية»
حضور بارز لأدباء الأقاليم فى مسابقة «المواهب الأدبية»




كتب - إسلام أنور


رغم ضآلة القيمة المادية لجوائز مسابقة «المواهب الأدبية» للمجلس الأعلى للثقافة إلا أن القيمة المعنوية للمسابقة تبقى الأهم وخاصة فى ظل تميز الأعمال الفائزة بالمراكز الأولى فى دورة عبد الرحمن الأبنودى التى أعلنت نتائجها منذ أيام.
 تتميز هذه الدورة من المسابقة أيضًا بالحضور البارز للكاتبات من خارج القاهرة وهو خطوة مهمة فى  تحقيق قدر من العدالة والمساواة فى الفرص وأيضًا خطوة مهمة فى كسر هيمنة العاصمة التى ظلت ومازلت تسيطر على الثقافة وكافة مجالات الحياة فى مصر.
فى مجموعتها القصصية الحائزة على المركز الأول بعنوان «هكذا تكلمت لا لوبا» تطرح الكاتبة والمترجمة جيلان صلاح الدين سؤال مركزى فى معظم القصص حول الهوية بصورها المختلفة بدءَ من هوية الروح والجسد مرورًا بهوية المجتمعات وصولًا لتفكيك مفهوم الهوية ذاته وطرح أسئلة حول دوره فى الإنسان.
المجموعة مكونة من 12 قصة، وقد عكفت جيلان على كتابتها قرابة العامين حتى خرجت فى صورتها النهائية، وهى مجموعتها القصصية الأولى.
فى مجموعته القصصية «فى بيتنا سرطان» الفائزة بالمركز الثانى يرصد الكاتب محمد بطيخ علاقة الإنسان بالمرض والمشاعر المتناقضة ما بين الضعف والألم والقوة والأمل والتمسك بالحياة.
وفى روايتها «وصال» الحاصلة على المركز الأول تتناول الكاتبة أسماء جابر العديد من القضايا والأسئلة عن الذات والآخر والآنا والنحن والوحدة العالم الكبير، ومن أجواء الرواية : «الوحيدون لا يَمُتُّون إلى عالم البهجة بأى صلة.... لاصلة بين النبض الذى فى ضلوعهم وبين الأفراح، لكنهم بينهم وبين الحزن ميثاق غليظ، تعتاد قلوبهم الألم، وتفيض عيونهم حتى وهم صامتون، وإذا استهتنها الأسى تفجرت  بما لم تتفجر به المقل، تمتلئ بهم الأرض، لا يشعر بمرورهم أحد، كأطياف يعبرون، يعيشون كما الأنبياء منبوذين، على سفر، وإن حلُّوا  فقلوبهم رحَّالة  دائمًا.
 مَثَلُ هؤلاء كثيرون.... رأيت منهم أول ما رأيت أمى ثم أولئك العابثة وجوههم على  أرصفة القطار، كانت  تنتظر كما ينتظرون، يرحل هؤلاء وتستبدل المواطئ أقدامهم بأخرى..ولا يتبدل الوجوم الرابض بين عينيها،  لا يغادرها الأسى، هكذا كانت أمى البيضاء ذات العشرين ألمًا،كلما رن صدى طار فى أرجاء النجع،وكلما صدحت زغاريد فى أقصى الدرب، وكلما  زفت البشرى مكتوبًا لإحدى الجارات من زوجها المغترب، وكلما عاد مسافر إلى زوجته وأولاده فامتلأت داره صخبًا ولغطًا وإيناسًا، تكتم لوعتها فتبدو لا فرق بينها وبين طائر القمرى الحزين،كانت صدَّاحة بموال ٍ لا شبيه له فى الحزن... لطالما أرهفتُ السمع لهدير حزنها الهامس، حفظتُ موالها عن ظهر قلب، وأصررت  أن أسترد نضارة قلبها المحزون.
كانت صامتة دامعة،كسماءٍ  يجتمع فيها الإشراق والغيم، يتلبد قلبها بالوجع فتذرفه عيونُها، لم أقو أبدًا على مساءلتها، كانت جمرة الجهل بداخلى تتقد مع كل عام يمر شبيهًا بسابقه، مرارًا حاولت أن أفصح بما يعتصرنى لكن الحروف تعثرت على لسانى  كأنى لا أعرف الكلام، ظل السؤال متحجرًا  ما بين شفتيَّ حتى هذه اللحظة، كم مرة حجبتنى تلال الحزن الشامخة فى صوتها المبحوح عن الكلام، حنجرتها لا تنساب إلا بالعديد... ربما يجيبنى أبى عن سبب الحزن الذى اتخذ من قلب أمى وطنُا له، لكن المحطات لم تنته بَعْد،تلقينى  محطة لأخرى فــيُلقم الشوقُ قلبيَ جمرةً أخرى،  أرصفة المحطات الممتدة بلا انتهاء لا تحنو على الغرباء، تَخَلَّى المتعبون عن أوجاعهم وتربعوا».