الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى مديح النبى بالكلمات «سيرة الرسول بالموال» لوحة من الموروث الشعبى

فى مديح النبى بالكلمات «سيرة الرسول بالموال» لوحة من الموروث الشعبى
فى مديح النبى بالكلمات «سيرة الرسول بالموال» لوحة من الموروث الشعبى




كتب- خالد بيومى


الرسول صلى الله عليه وسلم كامل البشرية، بل هو الإنسان الكامل، اصطفاه الله من بين البشر وصنعه على عينه، جعل فيه ما يتجاوز البشرية ويؤهله للصلة بالملأ الأعلى.. الأمر الذى جعله حلقة الوصل بين أهل الأرض والعوالم غير الأرضية.
وفى هذا الكتاب الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة تحت عنوان (سيرة الرسول بالموال الشعبى) للشاعر عبد الفتاح شلبى استطاع أن يرسم لوحة فنية بديعة بتيمات شعبية مميزة، وأن يخوض هذه التجربة بجرأة كبيرة، وهو يتناول شخصية من أعظم الشخصيات فى التاريخ إن لم تكن أعظمها على الإطلاق، مستفيداً بما يملكه من موروث شعبى، ووعى كامل بالأحداث والمواقف والغزوات التى خاضها الرسول صلى الله عليه وسلم.
كما حمّل أشعاره ببعض من آيات القرآن الكريم التى أضاءت سطوره الشعرية فى لغة بسيطة كما اختار الموال السباعى «النعمانى» والذى يعد أحد الفنون القولية فى أدبنا الشعبى، بل أقدم ألوان الغناء الذى يشترك فى التغنى به أبناء الأمة العربية. وقد اشتهر الصعيد فى مصر بنظم هذا النوع من الموال إلى يسمى الموال الأحمر»النعماني»، والنعمان اسم من أسماء الدم، وقد نسبت إليه الشقائق تشبيها به.
فنقرأ فى قصيدته التى بعنوان «المرجفون»: يا سيد المرسلين/ يا شهم يا إنسان/ يا رحمة للعالمين/ يا بر يا إحسان/ رديت على المرجفين بالصفح والغفران/ حسوا بخطاهم/ ولكفوف الندم عضَّوا توبتهم/ رجعوا تانى اتشاهدوا واتوضوا/ لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا.
وفى قصيدة «النور طلع» يتناول بعض الآيات التى ظهرت عند مولده صلى الله عليه وسلم وفرحة الوجود بمقدمه وتزينت الصحراء فأصبحت أكثر بهاء، وخرج النور معه يوم ولادته فأضاء ما بين المشرق والمغرب حتى أضاء قصور الروم: الليلة مولد محمد/ اصحى يا نايم/ النور طلع ع الوجود/ ونجومه وهلاله/ يا فرحة الملك كله/ يا هنياله/ الخير نبع م الجزيرة/ والهنا بحالهْ/ يا نور جماله.. يا عز جديد/ يا خير قادم/ والصحراء فرحت ولبست للهنا فرحة/ والدنيا ل لجل النبى احلوت من الفرحة/ وعايشة فى الفرحة/ من يومها لحد اليوم.
كما تناول حادثة الإسراء والمعراج فى قصيدة «الإسراء» التى بدأت من المسجد الحرام إلى بيت المقدس ونزوله لكى يربط فرسه إلى صخرة فصلى بالأنبياء والرسل إماما فيقول: ركب محمد على ضهر البراق فى الحال/ والركب سار بالنبى فى رعاية المتعال/ وصل إلى المسجد الأقصى/ فى أسعد حال/ نزل بإيده ربط حبل البراق فى الباب/ ويخش م الباب يلاقى مجمع الأحباب/ صفين من الأنبيا.. فى غاية الإعجاب/ وهو بينهم مهاب/ كله جمال وجلال.
تتميز اللغة الشعرية بأنها لغة انفعالية تتوجه إلى الوجدان، وتعتمد بشكل أساسى على اللغة الموسيقية التى يمكنها هى الأخرى أن تثير انفعالات وإحساسات لا تحصى.
وفى قصيدة (الطلقاء) التى تتناول فتح مكة وكانت هناك هواجس ومخاوف فى قلوب مشركى مكة أن الرسول قادم لينتقم ولكنه ضرب أروع الأمثلة فى التسامح عن مقدرة قائلاً: اذهبوا فأنتم الطلقاء. يقول الشاعر:
حنَّ الحبيب النبى/ وأما التقى الأبناء/ بيحضنوا الأبهات/ ويودعوا الجلساء؟/ قال: اذهبوا – يا عشيرتى – أنتم الطلقاء/ نزلت دموع الفرح والتفوا من حواليه.
فالقصيدة تتضمن وحدة دلالية محددة ضمن مفهوم مركزى هو شجاعة النبى ومقدرته وبأسه وفى نفس الوقت عفوه ولينه وتسامحه مع الذين أذوه من قبل، وهى صفات متقابلة تختص الأولى بأعدائه والأخرى بأهله ومن يسالمه.
وقصائد الديوان كلها جاءت فى سياق تفاعل المعاني، وليس مجرد التتبع التاريخي، فمن المنطقى أن تتوالى النصوص؛ وفقاً لمنطق التداعى وليس منطق التفرد بتناول الحدث.
كما يضم الديوان قصائد أخرى تتناول أحداثًا كبرى فى السيرة النبوية الشريفة مثل: غزوة بدر، وغزوة أحد، وحديث الإفك، وغزوة الأحزاب، وغزوة مؤتة، ويوم حنين.
كما تناول الديوان بعض الشخصيات المؤثرة فى التاريخ الإسلامى مثل: أبو قحافة، وعمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، والفتى علي، دمعة على حمزة، وغيرها.
والشاعر فى وهج هذا التأمل يمتلك يقظة فكرية وغدت منطقة التأملات نسيجاً خاصاً فى هذا الديوان، مما توحى به مراجعات الحياة والزمن، ونظرات فى مصائر الذاهبين والباقين، وحقيقة الموت والقبر، وفداحة الحياة والتعلق بها، وأفراح الصحبة وأتراحها.. كل هذا قد أفرغ تجاربه فى قالب متأمل تسرى فى أوصاله حرارة الإحساس والشعور.
جدير بالذكر أن الشاعر عبد الفتاح شلبى عميد رابطة الزجالين فى مصر التى تأسست عام 1931 وكان من أعضائها الشعراء: عبدالوهاب محمد، مصطفى الطائر، فتحى قورة، سمير الطائر، كابتن غزالى، محمود الطرابيشي، فوزى الطرابيشى وغيرهم.وقد سجل فى شعره يوميات حرب الاستنزاف وساند الطبقات المهمشة فى المجتمع وقدر رحل عن عالمنا عام 1994.