الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شبهة رواية الأحاديث النبوية باللفظ

شبهة رواية الأحاديث  النبوية  باللفظ
شبهة رواية الأحاديث النبوية باللفظ




فى كل يوم نعرض لإحدى الشبهات الواردة عن السنة النبوية أو الرسول صلى الله عليه وسلم ونعرض الرد الوافى لها من الأزهر الشريف واليوم نعرض لشبهة  بأن كل ما روى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قد روى بمعناه لا بلفظه.
 ويقول الأزهر ردا على تلك الشبهة أن هذا زعم باطل وفرية عظيمة؛ فلقد حث النبى - صلى الله عليه وسلم - أصحابه على رواية أحاديثه باللفظ كما سمعوها منه صلى الله عليه وسلم، ورغب فى هذا كثيرا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نضر الله امرؤ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع».
فانظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «فبلغه كما سمع» إنها دعوة إلى نقل الحديث عنه بألفاظه ومعانيه، لا بمعانيه فقط، وهذا دليل على استحباب الرواية على اللفظ، وكراهة روايته على المعنى، وإن كان ذلك لا يتعدى إلى رفض الرواية بالمعنى.. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».
وواضح ما فى الحديث من وعيد لمن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإبدال لفظ مكان لفظ - مع التعمد - يندرج تحت الكذب على رسول الله، وهذا الحديث بلغ مبلغ التواتر الذى لا مثيل له، وقد اشتهر بذلك عند المحدثين، فمن يا ترى - من أصحاب رسول الله، وهم الذين رووا لنا كل أحاديثه القولية، وكل سنته الفعلية، ومن منهم - يجرؤ على الكذب على رسول الله مع علمه بهذا الحديث؟!
ومن أقوى الأدلة التى تؤكد حرص النبى - صلى الله عليه وسلم - على الرواية عنه باللفظ ما رواه البخارى من حديث البراء بن عازب - رضى الله عنه - قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهى إليك، وفوضت أمرى إليك، وألجأت ظهرى إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذى أنزلت، وبنبيك الذى أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به. قال البراء: فرددتها على النبى صلى الله عليه وسلم، فلما بلغت اللهم آمنت بكتابك الذى أنزلت، قلت: ورسولك، قال: لا، ونبيك الذى أرسلت».
ففى هذا الحديث دعوة من النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى رواية الحديث بلفظه، والتمسك بذلك، وعدم مخالفة اللفظ، و قد أدى حثه - صلى الله عليه وسلم - الصحابة على ذلك إلى تأثرهم الشديد بما قاله، فعمل الصحابة على المحافظة على نصه.
وعليه فإن النبى - صلى الله عليه وسلم  - وإن لم ينه عن الرواية بالمعنى ربما لكى لا يشق على أمته إلا أنه رغب فى رواية الحديث بلفظه، وحث أصحابه الكرام على ذلك كثيرا ونهى من سمعه عن أن يغير لفظا ولو بمرادفه، وقد اتبع أصحابه هذا المبدأ فحفظوا لنا السنة، كما قالها صلى الله عليه وسلم.
وباختصار يمكن التنبيه على الحقائق التالية:
لقد حرص الصحابة على كتابة الحديث من فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يتغير لفظه، وحث العلماء تلاميذهم على ذلك، والأدلة على كتابة السنة فى مرحلة ما قبل التدوين الرسمى أكثر من أن تحصى.
إذا كان العلماء قد أجازوا للراوى العالم بالألفاظ ومدلولاتها رواية الحديث بالمعنى فإنهم لم يجيزوا ذلك لغير العالم بالألفاظ، ووضعوا شروطا حازمة لقبول رواية الحديث بالمعنى، مما يضمن سلامته من أى تغيير أو تحريف، وما حدث من تغيير فى بعض الأحاديث لم يقبلها العلماء.
إن الأصل فى رواية السنة هو روايتها باللفظ، والفرع هو الترخص فى رواية المعنى عند الضرورة بشروط وضوابط.
اختلاف بعض الألفاظ فى الأحاديث ليس مرده الرواية بالمعنى فقط، وإنما من أسبابه أن النبى - صلى الله عليه وسلم - كان يلقى الأحاديث وقد تتغير العبارات أو الألفاظ بما يقتضيه الحال دون أن تتغير المعاني، وذلك موجود فى القرآن حيث تروى القصة أو يقع الأمر والنهى بأكثر من صياغة فى أكثر من موضع، كما أن الإخبار عن أفعال النبى - صلى الله عليه وسلم - محل تنوع؛ فكل يروى بلفظه ما يراه، فهل يعقل أن يتهم هؤلاء السنة بالتحريف وقد أحيطت بكل هذه العناية وذاك الاهتمام؟