السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تحرش.. وتكدس.. ومشاجرات.. ضريبة استخراج البطاقات الصحية بـ«بنى سويف»

تحرش.. وتكدس.. ومشاجرات.. ضريبة استخراج البطاقات الصحية بـ«بنى سويف»
تحرش.. وتكدس.. ومشاجرات.. ضريبة استخراج البطاقات الصحية بـ«بنى سويف»




بنى سويف – مصطفى عرفة


رحلة عذاب يومية يتعايشها أهالى محافظة بنى سويف بمستشفى الهلال التابعة لهيئة التأمين الصحى لاستخراج البطاقات الصحية اللازمة لقبول ملفات قيد أطفالهم فى مدارس رياض الأطفال والصف الأول الابتدائى، وبدلا من استخدام التكنولوجيا والكمبيوتر لإنجاز مصالح المواطنين، يرى المواطنون العذاب ألوانًا، حيث إن كل من أراد استخراج البطاقة الصحية يترك كرامته قبيل الدخول إلى منطقة التأمين الصحى.
ناهيك أن هناك تكدسًا من آلاف من أولياء الأمور بصحبة أطفالهم، وكأنهم فى يوم الحشر للحصول على البطاقة قبل أيام قليلة من إغلاق باب التقديم فى المدارس لضمان قبول أطفالهم، بالإضافة إلى أن هناك مشاجرات بين الأهالي، واشتباكات بالأيدى وسباب، وذلك على خلفية أسبقية الدور.
فى البداية يقول عبدالرؤوف محمد، -أعمال حرة-، من أهالى مدينة بنى سويف، إنه توجه للتقديم لنجله محمود 4.6 سنة فى إحدى المدارس الرسمية «التجريبية» للغات شرق النيل، وبعد أن اشترى الملف واستكمل الأوراق فوجئ بإدارة المدرسة ترفض استلام الملف إلا بعد إحضار البطاقة الصحية لنجله، ومع أنه يحمل كارنيه التأمين الصحى وبطاقة التأمين التى تم استخراجها عند استخراج شهادة الميلاد، لكنهم أصروا على البطاقة الصحية، وبعد جهد كانت الكارثة أنها تستخرج من مستشفى الهلال التابعة للتأمين الصحى، وعندما وصلت المستشفى صعقت من أعداد المترددين من أولياء الأمور، ولم أتمكن على مدار 3 أيام من الوصول للغرفة التى تتواجد فيها الموظفة المنوط بها استخراج الشهادات.
وتشير زينب عبدالله حسن، -موظفة- بإحدى المصالح الحكومية، إلى أنها توجهت إلى مستشفى الهلال لمدة 4 أيام متتالية من أجل استخراج بطاقة صحية لنجلتها «مرام» 6 سنوات، التى تستعد لدخول الصف الأول الابتدائى، ورغم انها تحضر فى الثامنة صباحا كل يوم أملا فى الوصول لغرفة الشهادات، إلا أنها فشلت فى الوصول لأنها لا تجيد التزاحم، حيث يختلط الرجال بالنساء وسط صرخات الأطفال وبكائهم، والغريب أن الموظفين ورجال الأمن الإدارى بالمستشفى الذين من واجبهم تنظيم المترددين يتعاملون معهم بعصبية وكأن المواطنين هم المسئولون عن الزحام، علاوة على أننا عندما نستفسر عن أى معلومة لا نجد إلا الشخط والنتر وأسهل كلمة معرفش، والمؤدب منهم يلتزم الصمت ويتركهم يأكلون فى أنفسهم.
وتؤكد عواطف سلامة، -ربة منزل-والدة الطفلة «شاهندة»، 6 سنوات، أن الطابق الرابع المخصص لاستخراج الشهادات الطبية للأطفال بمستشفى الهلال التابع لهيئة التأمين الصحى ببنى سويف عنوان للمعاناة وامتهان للكرامة الإنسانية، و«زى ما تقول قول»، حيث التكدس والزحام وقلة الأدب والتحرش والألفاظ البذئية والمشاجرات  وتدافع بين الرجال والسيدات للوصول لغرفة الشهادات»، وهناك 3 غرف فى الطابق وقد تمكنت بعد رحلة عذاب من الوصول لإحدى الغرف بعد أن وقفت 4 ساعات كاملة أكابد الزحام وعندما تسلمت الموظفة الملف فوجئت بها تطلب رؤية نجلتى فأخبرتها أنها ليست معها لأنها لا تستطيع الصمود أو تحمل الزحام، إلا أنها أصرت على حضور الطفلة لأنها والدتها وليست والدها باعتباره الوالى الطبيعى، ونظرا لانشغال زوجى فى عمله بالقاهرة عدت بابنتى على أمل استخراج الشهادة لإمكانية إلحاقها بموعد التقديم وعلى مدار يومين متتاليين ولم أتمكن من الحصول على البطاقة.
أما الحاجة هدى متولى، بالمعاش، فتصطحب حفيدها «مهند»، 6 سنوات ونصف السنة، وتقف تستند على عكاز فى حالة صحية سيئة قالت بأسى: هذا الطفل حفيدى نجل كريمتى التى تعمل فى الخليج مع زوجها وتركوا لى الطفل الذى بلغ سن دخول المدرسة ومن على باب المستشفى الأسانسيرات إما معطلة وإما مخصصة للعاملين والأطباء والممرضات، الذين يتدافعون لدخولها دون أدنى مراعاة لمشاعر المواطنين، أو حتى رحمة لشيخوخة الزائرين.
وتابعت: وعندما اشتكيت إننى لا طاقة لى بصعود الطابق الرابع أخبرونى بوجود أسانسير مخصص لراغبى استخراج الشهادات الصحية المدرسية موجود فى الجراج خلف المبنى، وبمجرد الوصول هناك وجدت أكثر من 100 ولى أمر، وتحلف بالله إنها صعدت بعد أكثر من ساعة انتظار، وداخل الصالة المخصصة فوجئت بأعداد مهولة يتكدسون بشكل خطير للوصول إلى الغرف الثلاث المخصصة لاستخراج الشهادات الصحية، فى الوقت الذى لا توجد فيه مروحة أو نقطة مياه، علاوة على أن المراحيض مغلقة.
وبسخرية ممزوجة بالحزن والغضب.. قال محمد شعبان- طالب جامعى- جاء لاستخراج شهادة صحية لشقيقه «محمود» 4.8 أشهر، بعد وفاة والده للالتحاق بإحدى المدارس الخاصة: «البلد دى لن ينصلح حالها فبعد ثورتين المحسوبية هى السائدة ويا بخته الذى يعرف ممرضة أو فرد أمن بالمستشفى سوف يحصل على الشهادة فى دقائق دون حتى أن يراه الموظفون، لأن له واسطة وهذه الجموع المتزاحمة والتى تتزايد يوما بعد يوم من أجل شهادة صحية، وأنا حضرت من السابعة صباحا وكنت أول واحد وعند نزول الموظفين فوجئت بالعشرات يحيطون بهم من كل جانب وتكدسوا على باب الغرفة وبعد أن وقفت ساعتين فى الزحام جلست على أقرب كرسى أراقب المحظوظين الذين تأتى لهم الشهادات وعندما اشتبكت معهم أدخلونى إحدى الغرف وطيبوا خاطرى واستخرجوا شهادة لشقيقى وكتبوا فوقها غير مطالب بدفع الرسوم المالية، لأنه يتمتع بمظلة قانون التأمين الصحى، إلا أنهم فى المدرسة رفضوا الاعتراف بتأشيرة المعافاة من مبلغ 80 جنيهًا الرسوم المقررة بحجة أن التأشيرة ليس عليها خاتم، الأمر الذى أجبرنى على العودة مرة أخري.
ويلفت سيد حسونة، ولى أمر الطفل «محمد» 6.3 أشهر، إلى أن الحل، فى القضاء على هذه المهزلة والزحام، سهل ويتلخص فى أن يتم سداد الرسوم المقررة 80 جنيها لاستخراج الشهادة، بل ويمكن تحصيلها من المدرسة مقابل زيادتها 100 جنيه، على أن يقوم إدارى من المدرسة بجمع الملفات والتوجه بها للمستشفى واستخراج الشهادات فى هدوء، خاصة أن استخراجها لا يستوجب إجراء الكشف الطبى على الأطفال أو إجراء أى تحاليل لهم، فقط استكمال أوراق ويمكن للتأمين الصحى بالتنسيق مع مديرية الصحة والمستشفى الجامعى بتنظيم قوافل طبية لإجراء الكشف الطبى على الأطفال داخل المدارس لاكتشاف الإصابات المزمنة، ومن ثم يمكن علاجهم وتقديم المشورة الصحية لهم.
وتلتقط فريدة يونس - ربة منزل-  أطراف الحديث، بقولها: إذا تعذر هذا الحل فيمكن زيادة منافذ استخراج الشهادات بالوحدات الصحية ومستشفيات اليوم الواحد أو داخل مقار الوحدات المحلية تخفيفا على المواطنين، على أن يتم سداد 5 جنيهات أو 10 جنيهات يتم تخصيصها للموظفين الذين سينتقلون لاستخراج الشهادات، محذرة من أن فترة القيد المدرسى قاربت على الانتهاء، متوقعة أن يتحول الزحام والمشادات الكلامية التى نشهدها الآن  إلى معارك بين الأهالى بعضهم البعض وبين الأهالى والموظفين.
وعبثا حاولنا التحدث مع الموظفين أو مسئولى المستشفى، إلا أن الإجابة الوحيدة كانت: «ممنوع الإدلاء بأى تصريحات صحفية إلا بعد الحصول على تصريح كتابى من رئاسة الهيئة بالقاهرة»، ضاربين بمعاناة الأهالى عرض الحائط.