الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حكومة «الوحدة الوطنية» التونسية ليست الحل

حكومة «الوحدة الوطنية» التونسية ليست الحل
حكومة «الوحدة الوطنية» التونسية ليست الحل




علية العلانى  يكتب:

أعادت مبادرة رئيس الجمهورية التونسى، الباجى قايد السبسى، البارحة بتشكيل حكومة وحدة وطنية إلى السطح الجدل حول أزمة الحكم بما فى ذلك الحكومة والرئاسة والبرلمان فى حل المعضلات الكبيرة التى تشهدها البلاد فى الاقتصاد والأمن.
وبقدْر ما بدأت المؤسسة الأمنية والعسكرية والديوانة تسترجع عافيتها رغم النواقص المتعددة، فإن الوضع الاقتصادى ازداد سوءا حسب الأرقام الاقتصادية المرعبة التى قدمها رئيس الدولة فى مداخلته التلفزية فى 2 يونيو 2016.
إن ما يلاحظ بالعين المجردة أن الاقتصاد يعيش أزمة خانقة والدبلوماسية تشهد عجزا وتخبطا.
دبلوماسية بلا رؤية ولا آفاق
المتأمل العادى فى سياستنا الخارجية يرى أنها تشكلت على مقاس توجهات حركة النهضة، فالهجومات التى تكررت على لسان بعض الوزراء السابقين فى حركة النهضة (والقريبون منها) على مصر وعدة دول خليجية مثل الإمارات أنتجت ابتعاد الحلفاء التقليديين عن تونس ودعم وحصر علاقاتنا الخليجية فى قطر التى لا ندعو إلى إضعافها بل تعديلها، فأنْ تنحصر علاقاتنا الخليجية مع هذه الدولة فقط فإن لذلك تبعاته السياسية المعروفة، كما نعلم جيدا أن الدول الخليجية الفاعلة لن تتعامل مع تونس بشكل قوى ما دامت حركة النهضة فى الحكم، وهو ما يدفعنا إلى أن نتجه نحو حكومة مستقلين لا حكومة وحدة وطنية إذا أردنا إرجاع الحرارة للعلاقات (التونسية الخليجية)، لأن هذه الدول الخليجية قادرة على تقديم الهبات والقروض الميسرة لتونس، وهى قادرة كذلك على الاستثمار الجيد، لذا لا بد أن نعيد النظر جذريا فى سياستنا الخارجية فى هذا المجال.
اقتصاد على حافة الهاوية
إن الأرقام الاقتصادية المقدمة من طرف رئيس الدولة التونسية فى هذه المداخلة التلفزية عن التصدير والسياحة والاستثمار تزيد فى تثبيت صورة الفشل الذريع للحكومة فى هذا المجال، وفشل الحكومة لا يتحمله الحبيب الصيد لوحده بل تتحمله السلطتان التشريعية والتنفيذية لأن تشكيلة الحكومة الحالية المتحصلة على ثقة البرلمان أصبحت حكومة محاصصة بامتياز.
وما زاد الطين بلة أن مقترح رئيس الدولة سيجعلها حكومة الترضيات التى لا تنتهى لا حكومة الإنجازات، وفى الحقيقة كان من المفروض أن ينادى الرئيس الباجى قايد السبسى بحكومة مستقلة تتشكل من كوادر من التكنوقراط والمستقلين من أعلى طراز والتى تعج بهم تونس، كما أنه بالإمكان الإبقاء على بعض الوزراء الناجحين فى حكومة «الصيد» رغم عددهم القليل، ويتم الاتفاق على دعمها من البرلمان الحالى، وفى صورة تعذّر ذلك يمكن لرئيس الجمهورية أن يدعو لانتخابات سابقة لأوانها، وتعمل هذه الحكومة المستقلة إلى غاية الانتخابات البرلمانية القادمة فى 2019 وتُكلف بملفين مهمين فقط: إنجاز الحوكمة الاقتصادية من خلال مقاومة الرشوة وترشيد الجباية وزرع ثقافة العمل، وإنجاز الحوكمة السياسية والإدارية والأمنية من خلال إعادة النظر بشكل جدى فى التسميات الإدارية حتى لا نفاجأ بوضع كارثى فى الانتخابات البلدية القادمة، وتحقيق الحاجيات اللوجستية والقانونية والمادية للمؤسسات الأمنية والعسكرية والديوانة، ورسكلة أعوان هذه المؤسسات وإبعاد من تمّ فرضُهم لأسباب أيديولوجية، وتحسين الظروف المادية لهذه الأسلاك الثلاثة بشكل عادل.
إن الحديث عن حكومة وحدة وطنية يمكن طرحه بعد انتخابات 2019 لكن لا معنى له فى ظل الأزمة الخانقة حاليا، وفى ظل هيمنة القطب الواحد على الحياة السياسية.