السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الدكتور سرور غضبان
كتب

الدكتور سرور غضبان




 


 كرم جبر روزاليوسف اليومية : 10 - 09 - 2009



تأجيل الصدام مع وزير العدل إلي ما بعد العيد


1


- لو كنت مكان المستشار ممدوح مرعي وزير العدل، لتركت مكتبي فوراً ونزلت إلي الخبراء الذين يدخل اعتصامهم يومه الستين، وتناولت معهم طعام الإفطار علي السلالم، ثم دعوتهم إلي مكتبي للتفاوض معهم.


- لو كنت مكانه لما سمحت أبداً أن يستمر الاعتصام يوماً واحداً، لأنه من المفترض أن يكون الاعتصام هو نهاية الطريق وليس بدايته، فالاعتصام يأتي بعد استنفاد كل السبل والوسائل.
- لو كنت مكانه لما تعاملت مع هذه الأزمة بالعناد أو الصمت، فكلاهما يؤدي إلي طريق مسدود، فماذا يضير الوزير إذا تكلم وتفاوض وتناقش واتفق واختلف معهم؟
2
- إذا كان لهم حق فلماذا لايأخذونه؟.. وإذا كانت المسألة فتونة وابتزازاً ولي ذراع فلماذا لا يتم كشفهم أمام الرأي العام، وإسقاط القناع عن مطالبهم الباطلة؟
- الزمن تغير، والمفترض أن تدار الأزمات بقوانين اليوم وليس بعقلية الأمس، فالاعتصام الذي كان جريمة تقود صاحبها إلي السجن أو الاعتقال، لم يعد كذلك ويكتسب شرعية يوماً بعد يوم.
- لم تعد مصر دولة بوليسية تستدعي التجريدات الأمنية لتأديب المعتصمين وسحلهم في الشوارع، ولم تشهد الاعتصامات الكثيرة التي حدثت مؤخراً أي تجاوز أمني.
3
- يحسب لرئيس الدولة قدرته الفائقة علي تطويع أجهزة الدولة لاستيعاب المتغيرات الجديدة، وأن تعمل لصالح المواطنين، لا أن تكون ضدهم.
- ويحسب له - أيضاً - انحيازه دائماً للناس خصوصاً إذا كانوا أصحاب حق، ومبادراته الدائمة إلي الاستجابة لمطالبهم وتدخله في الوقت المناسب لصالحهم.
- ويحسب له الإدارة الهادئة والحكيمة للأزمات التي تمر بها البلاد، ونجاحه في الوصول بها إلي بر الأمان، وهو منهج ناجح كان من المفترض أن تدار الأزمات الأخري بنفس النموذج.
4
- أأخذ علي وزير العدل أنه يحاول الحفاظ علي هيبة وزارته ووقارها بأسلوب قديم.. لقد انتهي عصر الهيبة الصامتة منذ أن خرج بعض القضاة من محرابهم إلي الشوارع والاعتصامات والفضائيات.
- وأأخذ عليه أنه يتصور أن السكوت من ذهب في مثل هذه الأحوال، رغم أن السكوت في عصر التوحش الإعلامي لم يعد من ذهب ولا فضة ولا حتي صفيح.
- وأأخذ عليه أنه لم يشرح للرأي العام حقيقة الموقف، فصار الناس أسري المشهد الهزلي للخبراء وهم يجلسون علي السلالم بالكرافتات وبدون أحذية ويتناولون الإفطار مع بعض الصحفيين وأعضاء البرلمان.
5
- ماذا يحدث إذا هبط وزير العدل السلم بدون حراسة، وصافح الخبراء وجلس معهم لتناول طعام الإفطار، ثم قدم لهم صواني الكنافة والقطايف، ودعاهم إلي إحدي قاعات الوزارة؟
- سيتحدثون ويفتحون صدورهم وإذا علا صوت واحد منهم سينهره الآخرون احتراماً لهيبة الوزير ومبادرته وسيقول كل واحد منهم ما يجول بصدره.
- سيستمع الوزير بابتسامة رسمية، وبعد ذلك إما أن يدخل معهم في حوار أو أن يحيل الأمر إلي لجنة من الوزارة والخبراء لبحث الطلبات وإعداد تقرير بها.
6
- هذا الأسلوب المتحضر لا يسقط هيبة الوزير ولا الوزارة ولكن الهيبة تهتز وتتأثر نتيجة المشهد المؤسف للخبراء وهم يعيشون علي السلم مع زوجاتهم وأولادهم وبعض أحبائهم.
- علينا جميعاً أن ندرك أننا نعيش في عصر مختلف، واستقر شكل الدولة ونظامها السياسي علي شاطئ الديمقراطية، الذي يسمح بالتعددية والاختلاف في الرأي، دون أن يكون المختلف عدواً للوطن.
- يحسب للرئيس أنه جعل الحوار السلمي بين مختلف القوي والتيارات السياسية منهجاً للحكم فاتسعت مظلة الدولة لتشمل الجميع، طالما هم ملتزمون بقوانين الدولة ودستورها.
7
- أمامنا طريقان لا ثالث لهما.. إما الحوار أو العنف، إما الكلام أو الصمت، إما الاستيعاب أو الرفض.. ومصر في هذه المرحلة تحتاج الحوار والحوار والحوار.
- الحوار الذي يفتح شرايين الإصلاحات السياسية والديمقراطية لاحتواء كل ألوان الطيف السياسي.. والذي يفتح الطريق أمام المواطنين للتعبير عن مطالبهم بشكل سلمي.
- المهم أن ننسف عقلية الاتحاد الاشتراكي التي مازالت تكمن في كثير من المواقف والتصرفات.. مصر بتتغير ولابد أن يكون التغيير لصالح الاستقرار، وليس ضده.
8
- هذا هو نص الحوار الذي نشرته في نفس المكان يوم الثلاثاء الأول من سبتمبر الجاري، وأعيد نشره بعد أن رفض وزير العدل حضور الاجتماع مع الخبراء في مجلس الشعب أمس الأول.
- رئيس المجلس الدكتور فتحي سرور كان غاضباً جداً وأبدي أسفه لعدم حضور الوزير، مؤكداً أن من يحترم البرلمان كإحدي مؤسسات الدولة فإنه يحترم نفسه.
- الدكتور سرور أبدي حرصه علي عدم حدوث تصادم بين البرلمان وبين وزارة العدل، وأعطي مهلة أخري إلي ما بعد العيد مشدداً علي أن وزير العدل خادم للعدالة وليس رئيساً لها.
9
- الأسئلة هنا كثيرة ولكن أهمها: إذا كان وزير العدل قد مارس سياسة العناد - أيضاً- مع رئيس مجلس الشعب، فلمن يستجيب؟.. وهل هذا هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع المشكلة؟
- الوزير- هنا - له وظيفة سياسية تتعلق بأداء الحكومة، ومن حق الرأي العام أن يستمع إليه ويعرف مبرراته وأسانيده.. وهو ليس هنا قاضياً يجلس علي المنصة ويصدر أحكاماً ويمتنع عن التعليق .
- ياسيادة الوزير: إذا كان الخبراء مخطئين ويمارسون الابتزاز ولي الذراع فسوف نقف معك ونحاكمهم أمام الرأي العام.. قولي حاجة.. أي حاجة.. قول بحبك.. قول كرهتك علي رأي العندليب.


E-Mail : [email protected]