الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

إثيوبيا تبدأ سيناريو تعطيش مصر..والحكومة فى غفلة




فى خطوة تمثل بدء العد التنازلى للتحكم فى حصة مصر من مياه النيل الأزرق وحجز كميات كبيرة منها.. تعمل وزارة الكهرباء والمياه والطاقة الإثيوبية على إتمام الإجراءات اللازمة استعدادا لتحويل مجرى النيل الأزرق على الهضبة الإثيوبية فى مجرى آخر مجاور، وذلك لبدء الأعمال الأساسية لأعمدة سد النهضة الإثيوبى، وأعلنت الشركة الإيطالية المنفذة للمشروع على موقعها الرسمى الانتهاء من كامل الأعمال التمهيدية الخاصة بشحن المعدات وكامل الأعمال التمهيدية الخاصة بإنشاء أعمدة وخرسانات السد.
 

 
وفى تقرير حديث لها ذكرت الشركة الإيطالية المنفذة لسد النهضة على موقعها الإلكترونى أن جميع الاستعدادات والتجهيزات التى تم اتخاذها وفقا للدراسات المسبقة تجعل سد النهضة الإثيوبى أكبر سد فى القارة الإفريقية، والذى لا يوجد سدود عملاقة تضاهيه حيث إن ارتفاعه يصل إلى 170 مترا، وتمثل التوربينات التى ستعمل على توليد الطاقة الكهرومائية منه قوتين على ضفاف النيل الأزرق حيث سيلحق بالمحطة 16 توربينا لتوليد 375 ميجاوات من الكهرباء.
 
وكشف التقرير أنه يجرى حاليا تنفيذ أعمال الحفر اللازمة حول مخارج موقع السد الرئيسى، كما تجرى أعمال بناء جسر رئيسى على النيل الأزرق فى موقع أعمال، وتجرى استعدادات تحويل مجرى النهر، وذلك فور الانتهاء تماما من الأعمال اللازمة للمنشآت والمعسكرات فى موقع العمل.
 
أوضح التقرير أن قيمة المشروع ستصل إلى 3.3 مليار دولار أمريكى، وسينتهى العمل به وفقا للبرنامج الزمنى المحدد فى عام 2014، لافتا إلى أنه شق مجموعة من الطرق إلى موقع السد لتسهيل مرور المعدات اللازمة لأعمال الحرف والشق والبناء.
 
تصميمات سد النهضة
 
وبحسب التقرير فإن هناك فوائد متعددة سوف تعود على إثيوبيا والسودان ومصر فيما يخص الملاحة النهرية للنيل من الهضبة الإثيوبية إلى المصب، وذلك فى حالة ما تم ملء الخزان بالتشاور بين حكومة الثلاث دول، خاصة وأن تصميمات الإنشاء القائم عليها نظام خزان سد النهضة مرنة بما يسمح بتخزين الكميات اللازمة دون أن يؤثر ذلك بشكل كبير على دولتى المصب مصر والسودان.
 
التأثيرات السلبية على السد العالى
 
وبرر التقرير أن خفض مستوى التشغيل للسد العالى وسدود السودان هدفه انقاذ أكثر من 6 مليارات متر مكعب من المياه لنظام النيل سنويا. والذى سوف يكون له أثر آخر فى إدارة الرواسب الزائدة فى معظم السدود وخاصة فى السودان حيث يعانون من انجراف التربة مع تأثير أنهم فقدوا أكثر من 50٪ من السعات التخزينية الحية، وهو ما يعنى أن السودان عندما تستكمل الأعمال المتكاملة للسد تستفيد بشكل كبير، وبما سيعمل على التخفيف من حدة الجفاف والفيضانات فى البلدين «إثيوبيا والسودان»، وبصفة خاصة فى ضوء موجة التغيرات المناخية التى ستضرب البلدان القاحلة وشبه القاحلة قريبا وبما يسهم فى زيادة الانتاج الزراعى بالبلدين، ويعمل على الحد من الخسائر الناجمة عن نقص المياه خلال فترات النمو الحرجة.
 
وفى التقرير الخاص بالمراجعات المالية ذكرت شركة «سى لينى» المنفذة لأعمال سد النهضة الإثيوبى أن اجمالى دخل الشركة ارتفع بنسبة 27٪ فى عام واحد بسبب هذا المشروع العملاق على النيل بأفريقيا.
 
كارثة تحويل مجرى النيل
 
ومن جانبه كشف د. محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والرى الأسبق أن عمليات تحويل مجرى النيل الأزرق على الهضبة الإثيوبية يمثل كارثة حقيقية، وذلك لأن القيام بمثل هذه الخطوة فى الوقت الراهن يبرهن على أن الجانب الإثيوبى يسير فى اتجاه التشييد الحقيقى لجسم السد وقبل انتهاء اللجنة الثلاثية المشكلة من خبراء الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا وعدد من الخبراء الدوليين من قول كلمتها النهائية الخاصة بتأثيرات السد السلبية على مصر، وبما يعنى أن أى قرارات تخرج عن هذه اللجنة لن يعتد بها خاصة وأن السد سيكون بالفعل تم الانتهاء منه ولن تخسر أديس أبابا كل هذه الأموال التى دفعتها لتهدم السد وتعمل على تغيير موقعه، أو تقليل ارتفاعه لتقليل المخاطر المحتملة على حصة مصر.
 
وشرح وزير الرى الأسبق عملية تغيير المجرى الملاحى للنيل بأنها تتم من خلال حفر مجرى مجاور للنهر حتى يتم التحكم فى المنطقة المراد إنشاء السد الجديد بها بتجفيفها تماما من المياه الأصلية ووضع أساسات السد، وهو ما يعنى أن الجانب الإثيوبى سيعمل على وضع مصر أمام أمر واقع وهو اتمام إنشاء الأعمال الكاملة للسد. وحذر علام من مثل هذه الخطوة إذ إنها تعنى بدء التحكم الإثيوبى فى حصتنا، ومقدمة فعلية لعمليات إنشاء الستائر غير المنفذة للمياه، متسائلا ما فائدة المفاوضات الرسمية الحالية باللجنة الثلاثية لتقييم سد الألفية، وما فائدة نتائج وتوصيات هذه اللجنة المشتركة طالما تم البناء الفعلى للسد وبنفس التصميمات والسعة التخزينية والارتفاع الذى تعترض عليه مصر لاضراره بحصة شعبها من المياه.
 
وأشار علام إلى أن السودان لن يكون طرفا من أطراف هذا الصراع المصرى الإثيوبى خاصة وأن السد وفقا للتقارير الفنية مفيد جدا للجانب السودانى حيث يزيد كمية الكهرباء المولدة من سدودها الصغيرة، ويعمل على تقليل كمية المواد الرسوبية بسدود «مروى وسينمار والصويرص»، فضلا عن الفائدة التى ستعمل على تنظيم التصرفات المائية لمجرى النهر السودانى وتحويل نظم الزراعة إلى الدائمة بدلا من الموسمية وتقليل مخاطر الفيضانات على الخرطوم.
أكذوبة تقليل البخر
 
وحول ما ذكره تقرير استشاريى السد بشأن تقليل كميات البخر لمياه النيل وبما يعنى توفير كميات اضافية من المياه، أكد وزير الرى الأسبق أن هذا الكلام كان من الممكن أن يكون صحيحا لو لم يكن السد العالى موجودًا، لافتا إلى أن تخزين المياه خلف سد النهضة بدلا من السد العالى سيعمل على زيادة كميات البخر لموارد مياه النيل، حيث إن الحرارة أكثر ارتفاعا بالهضبة الإثيوبية، مشددا على أن كميات المياه التى تهدر فى البخر فى بحيرة ناصر ستتضاعف من 2 مليار سنويا إلى 3.5 مليار متر مكعب سنويا.
 
وطالب علام القيادة السياسية بسرعة اتخاذ اللازم تجاه ما ورد بتقرير الاستشارى المنفذ لمشروع سد النهضة والذى تحدث لأول مرة بصراحة عن الأضرار المحتملة على مصر وبشكل فنى صرف، مؤكدا أن انتظار أعمال اللجنة الثلاثية والتى ستأخذ عدة أشهر سيضيع علينا الكثير حيث سيكون السد اكتملت أعماله بالفعل.
 
ولفت إلى أن حكومة أديس أبابا تعمل حاليا على شغل المصريين بالاتفاقيات الخاصة ببرنامج ملء خزان السد الجديد، وكيفية تشغيله، إلا أن هذا هو فخ خطير خاصة أن وجود السد نفسه له خطورة مدمرة على مصر، حيث إنه يقلل 9 مليارات متر مكعب من حصتنا السنوية وهذا يعنى بوار 2 مليون فدان، وتشريد 5 ملايين أسرة، فضلا عن أنه من غير المعقول أن تنفق إثيوبيا مليارات الدولارات على أعمال إنشاء السد وترتضى بانتظار تشغيله لحين انتهاء برنامج ملء على مدار 15 عاما مثلا حتى لا تتأثر حصتنا، وهو أمر غير مقبول تنمويا، فضلا عن أن وجود السد يعنى احكام القبضة الإثيوبية على كامل حصتنا إذا أرادت عدم تمريرها لأن السعة التخزينية للسد 74 مليار متر مكعب.