السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الأبداع.. ُسـمْ الدماغ

واحة الأبداع.. ُسـمْ الدماغ
واحة الأبداع.. ُسـمْ الدماغ




اللوحات بريشة الفنان عبدالمنعم البطاوى

 

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

 



ُسـمْ الدماغ

كتبها – سيد طه يوسف

يحوطه الفقر من كل جانب...،تزوّج على كِبَر ،تخطتْ زوجته أعتاب الخمسين من عمرها ،ولم تُنجب له خِلفةً تبلل رِيقَهُ،ولِضعف بنيته الجسدية لا يعمل إلا شهراً واحداً فى العام.. بحلول شهر رمضان يجهز طبلته وقنديله وخُرْجه...؛ وبعد انتصاف الليل يطوف شوارع القرية يقرع الطبلة ويهتف بتواشيحه؛ قارعاً جميع أبواب دورها، فاتحاً الخُرج ؛الذى يضع له فيه أهل القرية ما لذ وطاب... ،فى كثير من الأحايين يتناول سحوره عند بعض ميسورى الحال.. قبل أذان الفجر بسويعة يعود إلى زوجته محملاً بالخيرات.. ،كما يناله الكثير من زكاة فطر أهل القرية بنهاية رمضان ،وبحلول موسم كل حصاد يطوف بحماره وبخُرْجه على الحقول..،يسكن « المسحراتى « فى داره المنفرد أقصى القرية، تجاوره الحقول؛ التى على رؤوس معظمها حظائر البهائم؛المُحاطة بالهشيم ؛والتى تقضى بها البهائم النهار ،ثم يعود الفلاحون بها مساءً لديارهم خوفاً عليها من الذئاب،مع انتصاف إحدى ليالى رمضان الصيفية، وبينما « المسحراتى « يجهّز طبلته وقنديله ،لدغته عقرب فى كاحله...، هَمَّ بالصراخ ،رزخت زوجته بكفها على فمه قائلة :تماسك ،لو علم أهل القرية بحالك لاستخلفونك بآخر ،وقد يثبت مكانك ويضيع علينا مصدر القوت الوحيد...،أجلسته على الأريكة ،أسرعت بإحضار شفرة حلاقة،فصدت مكان اللّدغة وربطته ببعض الحناء ،وضعت فى فمه شطر ليمونة، ربطت بقوة أسفل ركبته،وبينما يهذى « المسحراتى « من سريان السُّم بساقه؛ وضعت فى فمه طرف وسادة يعض فيها من شدة الألم ،ولكتم صوت صراخه... ،وبينما هو كذلك راحت تحدو وراء ظلها فى صحن الدار تفكر؛ كيف يستيقظ أهل القرية للسحور ؟ فجأةً توقفت ،حملقت فى السماء ،أحضرت أعواد الثقاب...، خرجت تترقب، عادت بعد بضع دقائق... ،استيقظ جميع سكان القرية، هرعوا نحو النار المشتعلة بالحظائر.. سيطروا على النيران فأخمدوها، وبعد سويعة من عودتهم  إلى دورهم أُذِنَ لصلاة الفجر .