الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. دونيوية الجنة

واحة الإبداع.. دونيوية الجنة
واحة الإبداع.. دونيوية الجنة




اللوحات بريشة الفنان عبدالمنعم البطاوى

 

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

 



دونيوية الجنة

كتبها - محمد فرحات
خلق الله إبراهيم - أبو الأنبياء -  ولم يُنزل عليه الدين دَفعة واحدة؛ بل تركه يتأمل حوله حتى يصل إليه هو بعقله؛ فظل يبحث عن الله حوله فى الأشياء المحيطة به؛ حتى اهتدى.
وكأنَّ ما حدث مع النبى إبراهيم إشارة لذريته أنْ يصلوا إلى ربهم بعقولهم.
لا بالسير فى دوائر المعتقدات فقط.
وقد تحملُ المعتقداتُ خفايا كثيرة، وربما تغلفها وتُزيد من غموضها الأسرارُ الكثيرة، والتى لا يَرى مفاتيح هذه الأسرار إلا المتأملين.
 أمّا نتائج التفكير داخل هذه المعتقدات فتُنتَج توقعات.
محتملٌ أن تُصيب أو تُخطئ؛ ولإن الإيمان بالمعتقدات -  خاصة الدينية - يؤثر فى السلوك المجتمعي؛ قلَّ التفكير بها؛ خوفًا من الشرود عن الطريق.
ولإن الإنسان لا يموت؛ بل تتبدل على روحِه الأجساد؛ ففى حياتِه الأولى يحملُ جسدًا ينتهى وجوده - بأى شكل -، ثم يبدله الله بجسدٍ آخر فى حياته الأخرى ليُكمل عمره الأبدى به.
 بعد فناء الجسد الأول وبعد حياته البَرزخية الوسطى ما بين موته وخلده فى الجنةِ أو النار؛ أى فى النعيم أو الشقاء بِناءً على ما فعلته رُوحه بجسدِها الأول فى اختبارها الأول والأوحد.
 لذلك يعمل الإنسان الخير وما فيه صلاح مجتمعى (التعاليم الدينية) كى لا يُخالفها، ومن ثَمَّ يُكمل الجزء الأكبر والأبدى من حياته منعم غير شقى فى الجنة.
 فى الجنةِ نعيم دائم وملذات كثيرة حارَ عقل الإنسان فى تخيلها..
لكنَّ المُطمئن أنَّ وجوده فى الجنة سيُشعره بأنَّ كل ما يُريده حوله ولن يُحاول الوصول إليه؛ بل ما يُريده سيأتيه..
ربما لن يستخدم كل الأشياء بالجنة.. لكنْ يكفى شُعوره بأنْ لا شيء ينقصه..
 وقتها فقط..
سيشعرُ بالرضا..
والراحة..
إذن الجنة هى الشعور بالرضا..
شعورنا بأنَّ لا شيء ينقصنا، ماذا إذًا لو رضينا بما نحياه الآن؟
هل سنشعرُ بالجنة التى نعتقد بها؟
على الأرض، فى حياتنا الأولى المؤقتة!
أم أنَّ لذلك خُلق الإنسان ضَجورًا؟
ولنفترض أنَّ الأرض لن تتبدل يوم القيامة.. بل سيُكشف عن أعيننا حِجاب؛ فترتفع أو تنخفض إمكاناتنا البصرية فنجد كل مَلذات الجنّة حولنا..
حول بيوتنا التى نحيا بها..
بمواقعها نفسها..
فنرى الأنهار وسطها وأشجار الجنة بها وكل ما اُخبرنا به عنها حولنا..
إنْ حدث ذلك!
سنندم..
على أننا كم كنا ضجورين وغير متأملين..
وغير راضين..