الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شبهات وردود

شبهات وردود
شبهات وردود




فى كل يوم نعرض لإحدى الشبهات الواردة عن السنة النبوية أو الرسول صلى الله عليه وسلم ونعرض الرد الوافى لها من الأزهر الشريف واليوم  نعرض لشبهة اعتبار القرآن المصدر الوحيد للتشريع دون السنة.
ورد إلى الأزهر شبهة انتشرت  فى بعض وسائل الإعلام تتضمن : أن القرآن هو المصدر الوحيد للتشريع وأن السنة النبوية ليست المصدر الثانى للتشريع وإنما هى تفعيل الرسول – صلى الله عليه وسلم – للنص القرآنى فقط، وهى سلوك وتصرفات عملية تحدث فى واقع الحياة وليست نصا يتلى على الناس ويدون فى الكتب،  وأننا لو بحثنا فى القرآن كله عن آية واحدة تأمر الناس باتباع كتاب تشريعى مستقل غير القرآن لم نجد، وسنجد آيات كثيرة تثبت أن المسلمين لا يرثون إلا كتابا واحدا وهو القرآن، وأن السنة لم يحفظها الله كما حفظ القرآن.
وقال الأزهر فى رده إنه  يمكن الرد على شبهته بما يلي:
أن الزعم بأن القرآن هو المصدر الوحيد للتشريع وأن السنة النبوية ليست المصدر الثانى للتشريع وإنما هى تفعيل الرسول – صلى الله عليه وسلم – للنص القرآنى ...إلخ. فهذا زعم باطل؛ فالله - سبحانه وتعالى - أنزل القرآن الكريم هداية بينة، ومعجزة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - باهرة باقية، ثم أعطاه السنة مفصلة للكتاب وشارحة له كما قال عز وجل: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) (النحل: ٤٤)، فكانت السنة أصلا من أصول الدين تاليا لكتاب الله تعالى، تؤخذ منها العقائد والأحكام والأخلاق، وغير ذلك..
فالقرآن الكريم هو الأصل الأول للدين والسنة هى الأصل الثاني، ولقد اختص الله تعالى هذه الأمة الإسلامية بحفظ دينها وصيانتها له، وتعهد به سبحانه، فحفظت هذه الأمة كتاب الله المنزل إليها، فتلقته بأمانة وثقة وتواتر، وذبت الكذب والخلل عن الحديث النبوى بما وضعته من قوانين للرواية هى أصح وأدق طريق علمى فى نقل الروايات واختبارها.
ولقد كانت عناية الأمة الإسلامية برواية الحديث النبوى وحفظه تهدف إلى صيانة هذا التراث العظيم من التحريف والتبديل فيه؛ فحاز حديث النبى - صلى الله عليه وسلم - من الوقاية والمحافظة ما لم يكن - قط - لحديث نبى من الأنبياء، فقد نقل لنا الرواة أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى الأمور كلها؛ العظيمة واليسيرة، بل فى الجزئيات التى قد يتوهم أنها ليست موضع اهتمام، فنقلوا تفاصيل أحواله - صلى الله عليه وسلم - فى طعامه وشرابه، ويقظته ونومه، وقيامه وقعوده، حتى ليشعر من يتتبع كتب السنة أنها ما تركت شيئا صدر عنه - صلى الله عليه وسلم - إلا روته ونقلته.
إذا كانت عناية المسلمين بالسنة والعمل بها معلومة من الدين والتاريخ والحضارة والتراث الإسلامى بالضرورة، ولا يجهل ذلك جاهل - فإن الإنسان بعد ذلك لتأخذه الدهشة والعجب ويحار لبه فى أفهام وعقول منكرى السنة، كيف يطعنون فى حجيتها؟! وبأى عقل وعلى أى منطق اعتمدوا فى قبولهم القرآن دون السنة؟! أليس الذى أخبرنا بالقرآن هو صاحب السنة، الصادق المصدوق الذى لا ينطق عن الهوى؟! أليس رواة القرآن هم رواة السنة من خير القرون وخيرة الأجيال؟! القائمين بالحق والمقيمين بالعدل من الصحابة - المشهود لهم بالثناء الحسن فى التوراة والإنجيل والقرآن - والتابعين بإحسان إلى يوم الدين؟!
فلماذا يقبل منكرو السنة رواية الصحابة والتابعين للقرآن ولم يقبلوها فى السنة، أليسوا هم الذين استرعاهم الله على الكتاب فكانوا أمناء وشهداء بالقسط فى حفظه وصيانته وروايته، فلم وثقوا فى جانب وطعنوا فى آخر؟! أليست الطريق التى وصلنا القرآن والسنة منها طريقا واحدا؟!
ألم يكن منهجهم فى الحفظ والتثبت والرواية واحدا، وإن اختلف فى جعل الصدارة والأولوية للمصدر الأول للدين وهو القرآن، إلا أنه لم يهمل المصدر الثانى وهو السنة.
 إن الذين يطعنون فى السنة إنما يطعنون فى أخص خصوصيات هذه الأمة وهو الإسناد الذى ميز الله به أمة الإسلام وألهمها إياه - ولم يكن فى أمة من قبل - لحفظ كتابه وسنة نبيه، إنهم يريدون للأمة الإسلامية أن تكون كالذين من قبلهم، حيث طال عليهم الأمد؛ فقست قلوبهم ونبذوا دينهم وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون، وما كان ضلال الأمم السابقة وتحريفهم لكتبهم إلا لفقدهم ما حبانا الله به من حفظ الإسناد، فهل المقصود أن نكون مثل الذين من قبلنا فنترك ونهدم شطر الدين؛ فنضل ونحرف ونغير ونبدل كل ما ليس له تفصيل فى القرآن.