شبهة عدم وجود أمر قرآنى باتباع السنة (2)
روزاليوسف اليومية
فى كل يوم نعرض لإحدى الشبهات الواردة عن السنة النبوية أو الرسول صلى الله عليه وسلم ونعرض الرد الوافى لها من الأزهر الشريف واليوم نكمل الرد على شبهة عدم وجود أمر قرآنى باتباع السنة.
ويقول الأزهر إنه مما تجدر الإشارة إليه أن القارئ المتدبر للقرآن الكريم، يجد أن القرآن فى دعوته إلى التمسك بالسنة، وأمر المؤمنين بذلك قد اتخذ ثلاث صور:
الصورة الأولى: تتمثل فى طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فى آن واحد، وهذا مستمد من مثل قوله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون (20) (الأنفال).
الصورة الثانية: تتمثل فى طاعة الله - عز وجل - وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك فى مثل قوله عز وجل: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين (12) (التغابن).
الصورة الثالثة: تظهر فى الطاعة مستقلة للرسول - صلى الله عليه وسلم - فى مسائل ترك فيها الحق - سبحانه وتعالى - لرسوله مهمتى البلاغ والبيان؛ إذ لم يرد لها بلاغ فى القرآن الكريم، وأوضح دليل على الأمر باتباع السنة، والسمع والطاعة لكل ما صح عن النبى - صلى الله عليه وسلم - ورد فى سورة الحشر فى قوله عز وجل: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب (7) (الحشر).
فالآية تؤكد عقوبة الاكتفاء بالقرآن، وتحذر من شدة العقاب يوم القيامة، ثم إن هناك آيات فى القرآن خارج هذه الصور الثلاث تنص على أن طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من طاعة الله فى مثل قوله عز وجل: (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا (80) (النساء).
كما تنص أخرى على نفى الإيمان، عمن لم يحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يقوله ويقضى به، ومثالها قوله عز وجل: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (65) (النساء).
ومعلوم أن هذا الذى قضى به - صلى الله عليه وسلم - لم يكن تنفيذا لآية موجودة فى القرآن، وإنما كان بحكم من عنده هو صلى الله عليه وسلم بوحى سماوي، ومع ذلك فقد أعلن القرآن أن الإنسان لا يعد - أيا كان - مؤمنا بالله إلا إذا قبل حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخضع له، ثم لم يجد أى حرج تجاهه.
والله أمرنا عند التنازع أن نرجع إلى القرآن والسنة فى قوله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (59) (النساء).
فالآيات السابقة تدل دلالة واضحة على أن السنة هى المصدر الثانى للتشريع فى الإسلام بعد القرآن الكريم الذى يمثل المصدر الأول له، ولا يمكن لدين الله أن يكتمل، ولا لشريعته أن تتم إلا بالأخذ بسنة النبى - صلى الله عليه وسلم - جنبا إلى جنب مع القرآن الكريم.
وبعد.. فماذا يصنع من يشككون بهذه الحجج القرآنية التى إن قبولها رجعوا إلى السنة فبطل قولك، وإن لم يرجعوا، خالفوا القرآن بزعمهم أن الدين اكتمل به دون السنة.