الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شبهة الإسلام يجيز زواج القاصرات (3)

شبهة الإسلام يجيز زواج القاصرات (3)
شبهة الإسلام يجيز زواج القاصرات (3)




فى كل يوم نعرض لإحدى الشبهات الواردة عن السنة النبوية أو الرسول «صلى الله عليه وسلم» ونعرض الرد الوافى لها من الأزهر الشريف واليوم نكمل الرد على شبهة أن السنة غير محفوظة مثل القرآن الكريم.
ويقول الأزهر إن البعض يرى  عدم جواز  تحديد سن معينة للزواج من قبل ولى الأمر. وهو ما ذهب إليه غالبية الفقهاء، قال ابن المــنذر» أجمع كل من نحـفظ عنه من أهل العلم، أن تزويج الأب ابنته البكر الصغيرة جائز، إذا زوجها من كفء».
ويمكن مناقشة هذا بأن دعوى الإجماع غير مسلمة، لأنه لا يتصور مع وجود الخلاف إجماع ، فقد خالف فى ذلك ابن شبرمة، وعثمان البتى، وأبو بكر الأصم. فكيف يتصور الإجماع، والمخالف مثل هؤلاء؟!.
وهذا الاتجاه مبنى على اتفاق الفقهاء بأن المرأة حتى وإن زوجت (عُقد عليها) صغيرة فإنها لا تُسَلَّمُ  إلى الزوج حتى تُطِيقَ العلاقة الزوجية.. فالعبرة عندهم بتحمل المرأة تبعات الزواج.
والراجح  ما ذهب إليه الفريق الاول من الفقهاء من تقييد سن الزواج بسن معينة، وهو لا يعد من الأمور التى فيها مخالفة للشرع، بل هو من باب تغير الفتوى بتغير الزمان والعرف والحال؛ ولذلك من القواعد الفقهية المعمول بها عند الفقهاء: «لا يُنكر تغيّر الأحكام بتغير الزمان» على أن يكون تحديد سن الزواج  من ولى الأمر مشروطا بالمصلحة التى يتوخاها التشريع، ويدفع  المفسدة عن القاصرات، لأن تصرفه منوط بالمصلحة كما نص الفقهاء.
ويؤكد هذا البعد أن  النبى «صلى الله عليه» وآله ومسلم عقد على أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها بموافقة وليها الشرعى، إلا أنه لم يدخل بها إلا بعد أن أصبحت تطيق الحياة الزوجية من معاشرة وغيرها حسب طبائع وعادات الناس فى ذلك الزمان ولم يكن زواجه منها صغيرة واقعة عين حتى نستغربها وإنما كانت ثقافة وعادات العصر فى ذلك الوقت تجيزه والحوادث والتاريخ شاهد على ذلك، وهو ما يدل على أن الأحكام التى تحيط بزواج الصغيرة عقدًا ودخولا إنما هى بنت بيئتها، وظروفها الاجتماعية مع مراعاة أعراف الناس فى كل عصر ومصر.
كما وتجدر الإشارة إلى أن الزواج فى تلكم السن لم يكن فى عصر النبوة مستغربا ولا مرفوضا من المجتمع ولم يكن مسبة يشنع بها على النبى «صلى الله عليه وآله وسلم»؛ إذ لو كان زواجه صلى الله عليه وآله وسلم منها صغيرة مرفوضا لما سكت المشركون عن ذلك ولنالوا وانتقدوا فعله ورفضوه ولكن هذا لم يحدث.
أضف لذلك أن الزواج من الصغيرة لم يكن سمة المسلمين وحدهم بل إن تراث غير المسلمين جد مليء بمثل هذه القضايا التى كانت مقبولة فى عصرها ومصرها.
فعلى المثير لقضية زواج الصغيرات وعلى الرابط بينها وبين الإسلام أن يدرك أن الزواج شعيرة مباحة فى الشرع تصبح مقننة حسب عادات وثقافات الناس بما لا يكون فيه ضرر لأى من أطراف هذه المنظومة، وعليه أن يدرك أن العقل والمنطق والموضوعية فى البحث والدراسة لا تجوز أن نحاكم التاريخ بطبيعة وعقلية وقوانين الحاضر، فبمعنى أوضح إذا أردنا أن نقيس فعلا ما أو أن نحاكم تصرفا ما فلابد أن نقيسه بمقاييس عصره وبيئته لا بمقاييسنا فى عصرنا هذا.
وبالإضافة إلى ما سبق ذكره: فإن المسلمين كان لهم فضل السبق الحضارى فى تحديد سن الزواج قبل الغرب بـأكثر من مائة وخمسين عامًا تقريباً، منذ أن أقر الفقهاء فى منتصف القرن التاسع عشر تحديد سن الزواج بخمسة عشر عامًا فى المادة: (986) من مدونة الأحكام العدلية التى وضعها الفقهاء إبان الدولة العثمانية، فى حين تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة فى ديسمبر 1979 وأصبحت نافذة المفعول فى سبتمبر 1981 م ,وقد قررت اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة فى الفقرة: 2 من المادة: (16) ألا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أى أثر قانوني.
وهذا الرأى هو المعمول به فى قانون الأحوال الشخصية المصرى للمسلمين، فقد نصت المادة: (31) من القانون رقم (143) لسنة 1994  بشأن الأحوال المدنية والمضافة عام  2008 على الآتى: «لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة .... ويعاقب تأديبيًا كل من وثق زواجًا بالمخالفة لأحكام هذه المادة.