السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رمضان شهر الخير

رمضان شهر الخير
رمضان شهر الخير





كتب: د. محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

لا شك أن رمضان هو شهر الخير، وشهر البركات، وشهر الأخلاق، وشهر البر، وشهر الصلة، وشهر الإحسان، وشهر الصبر، وشهر القرآن، وشهر الصدقة، وشهر الرحمة، وشهر المغفرة، فإذا كان رمضان نادى مناد: يا باغى الخير أقبل، وياباغى الشر أقصر.
ورمضان شهر الخير والتكافل، فيه يضاعف ثواب الأعمال، من أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، ومن فطر فيه صائمًا فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شىء.
وينبغى استثمار بركة هذا الشهر الكريم فى مزيد من التكافل والتراحم، مؤمنين بأن ما عند الله خير وأبقى، حيث يقول سبحانه: «وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا»، ويقول سبحانه: «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إلاَّ مَلَكانِ يَنْزلاَنِ، فَيقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تلَفًا»، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ»، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلاءِ الدُّعَاءَ».
وهو شهر البر والصلة وإطعام الطعام، فإلى جانب البر والإحسان والصدقات، يأتى التواصل والتراحم والتزاور وإكرام الضيف، فعن عبد الله بن سلام (رضى الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: «أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَام»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ  فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ».
وهو شهر القرآن، حيث يقول الحق سبحانه: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ»، وحيث يقول سبحانه: «حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ»، وحيث يقول سبحانه: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ *».
ومن خيرات هذا الشهر الكريم أن من صامه أو قامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (رواه البخارى)، وعمرة فيه تعدل حجة فى ثوابها وبركتها، فهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، وفيه تفتح أبواب الجنة، وتوصد أبواب النار، وتصفد الشياطين، وهو شهر الأمل، وشهر الدعاء، وشهر الإجابة، وليس غريبًا أن تأتى آية الدعاء فى قوله تعالى: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»، فى سياق آيات الصيام، وذلك لما بين الصيام والدعاء من رباط وثيق، ألم يقل نبينا (صلى الله عليه وسلم): «ثَلَاثٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرُدَّ لَهُمْ دَعْوَةً: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالْمَظْلُومُ حَتَّى يَنْتَصِرَ، وَالْمُسَافِرُ حَتَّى يَرْجِعَ».
وعلى الجملة فالصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما يوم القيامة ، كما جاء فى حديث النبى (صلى الله عليه وسلم): «يَقُولُ: الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِى فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ ، فَشَفِّعْنِى فِيهِ، قَالَ فَيُشَفَّعَانِ».
ومن هنا ينبغى على كل عاقل أن يجتهد فى استدراك ما فات والتعرض لما فى هذا الشهر من الرحمات والنفحات والبركات، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِى أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا».