مياه «الفيوم» ملوثة.. ورئيس الشركة مشغول بنحر العجول
حسين فتحى
الفيوم ـ حسين فتحى
لم تعد قرى ونجوع محافظة الفيوم وحدها التى تشكو سوء حالة مياه الشرب، بل امتدت الشكوى إلى سكان مدينة الفيوم، فى ظل انشغال رئيس الشركة بالمحافظة بنحر الذبائح والإشراف عليها ومتابعة ما ينشر على شبكات التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، متجاهلا شكاوى الفيومية، من تلوث مياه الشرب وانقطاعها لفترات تتخطى الأسبوع بقرى يوسف الصديق وإطسا وطامية.
ففى قرى «قوتة ـ بريشة ـ الصبيحى ـ قارون ـ سيدنا الخضر» بمركز يوسف، أصبحت مياه الشرب حلمًا يصعب تحقيقه خلال فصل الصيف، وهوما يدفع الأهالى إلى تدبير احتياجاتهم من المياه من مدينة أبشواى التى تبعد أكثر من 15 كيلو مترا، مستخدمين العربات الكارو والتروسيكلات، بالإضافة إلى العديد من القرى بمركزى إطسا وطامية التى تعانى هى الأخرى من الانقطاع المستمر لمياه الشرب.
يقول عوض اللحامى، مهندس زراعى، مقيم بقرية بريشة، على ساحل بحيرة قارون: إن أغلب القرى التابعة لمركز يوسف الصديق دون مياه منذ شهر إبريل الماضى، وهو ما يدفع الأهالى إلى البحث عن تجار المياه الجدد، الذين يستغلون اختفاء المياه ويقومون بإحضار فناطيس كبيرة وتفريغها فى جراكن صغيرة وبيعها للأهالى بسعر 3 جنيهات للجركن الواحد، وللأسف الشديد، مسئولو شركة مياه الشرب تعاملوا بـ«ودن» من طين وأخرى من عجين» وانشغالهم بصرف المكافآت التى يحصلون عليها يوميا.
ويلفت المهندس ربيع أبولطيعة، نائب مجلس النواب، عن دائرة يوسف الصديق، إلى أن لأول مرة فى حياته يرى مياه الشرب البيضاء أصبحت صفراء كلون عصير «المشمش» وعندما حاول الاستفسار من رئيس الشركة بالفيوم كان ردة مجحفا وكأنه جاء لمنصبه لتعذيب مواطنى المحافظة، مطالبا باستبعاده حيث لا يتحرك من كتبه إلا فى المناسبات فقط.
هناء عبدالجواد، ربه منزل، تقول: إن آلاف المواطنين بقريتى قوتة وأبعدية ويعانون من عدم وجود مياه الشرب، خاصة فى شهر رمضان الذى يحتاج فيه الأهالى إلى «الحموم» فى ظل درجة الحرارة الحارقة، حيث إن المنطقة تقع فى حضن صحراء الريان, مطالبة محافظ الفيوم بضرورة التدخل خاصة أن مسئولى مياه الشرب بالمنطقة يتجاهلون مطالبهم بإيجاد حل لمشكلة اختفاء المياه.
ويشير مفرح عبدالجيد، أحد المتضررين، إلى أن أهالى القرى النائية جنوب الريان يشربون من البحر بعد أن فشلوا فى تدبير احتياجاتهم من الصنابير الموجودة بالمنازل، التى أصبحت فقط قطعًا ديكورية، مشددا على أجهزة الدولة بضرورة إعادة النظر لهؤلاء البسطاء بتوفير أبسط حقوقهم وهى شرب كوم ماء نقى.
وفى مركز طامية فالحال لا يختلف كثيرا عن مركز يوسف الصديق، فبالرغم من إنشاء محطة لإنتاج مياه الشرب النقية منذ عام 2009 بتكلفة مليار و200 مليون جنيه على مساحة 105 أفدنة، لا تعمل حتى الآن بسبب عيوب كارثية فى التصميم وتهالك معداتها التى لم تعمل، وهو ما جاء على لسان مصطفى عبداللطيف، المقيم بقرية منشأة الجمال، الذى أشار إلى أن الشركة صاحبة حق التنفيذ قامت ببيعه إلى شركة من الباطن واكتفت بالحصول على العمولة، علاوة على تقاعس وزارة الإسكان فى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتسببين فى إهدار المال العام.
ويضيف رفعت محمد رمضان، بالمعاش: إن وزير الإسكان وعد منذ عام ونصف العام بتشغيل محطة بيت الرى العملاقة مع نهاية شهر مايو من العام الماضى، وجاء مايو ومضى هو الآخر ولم تعمل المحطة التى كان من المقرر أن تغذى قرى مركز طامية ومنطقة كوم أوشيم الصناعية وبعض قرى مركز الفيوم، لافتا إلى أنها لا تعمل سوى بقدرة 30% من طاقتها بسبب العيوب الفنية التى عجز الكل عن إصلاحها ولم يجرؤ أحد على محاسبة المسئولين عن إهدار أكثر من مليار جنيه فى صحراء طامية، خاصة أن هذه المحطة تسحب المياه مباشرة من مياه النيل عبر منطقة جرزة القريبة من حدود محافظة الفيوم.
وفى مدينة الفيوم اتهم عيد رمضان، موظف، مسئولى مياه الشرب بأنهم وراء تلوث المياه التى تحولت إلى اللون الأصفر بالإضافة إلى ترسب كميات من الأتربة والرمال داخل المياه، وهو ما يهدد بإصابة أغلب سكان مدينة الفيوم بمرض الفشل الكلوى، منوها إلى أن سكان المناطق الراقية بباغوص ومنشأة لطف الله والحادقة وقحافة يشكون من لون مياه الشرب الذى تحول إلى اللون الأصفر الغامق وهو ما يعنى سوء عملية التنقية، مطالبا المسئولين عن المعامل الكيميائية بتحليل مياه الشرب بمدينة الفيوم.
من جانبه يتساءل أحد الموظفين بشركة مياه الشرب بالفيوم عن السر فى قبول منحة أحد المقاولون المتعاقدين مع الشركة بذبح عجول داخل محطة «حنين» للصرف الصحى، معتبرا ذلك إحدى وسائل «كسر العين»، وأن ذلك تم أثناء قيام محافظ الفيوم بافتتاح التوسعات بالمحطة، الأمر الذس أثار غضب العاملين بشركة مياه الشرب والصرف الصحى.
أما مسئول المعامل الكيميائية بشركة المياه، فاعترف بوجود تغيير فى لون المياه على غير طبيعتها وحاول الهروب من المشكلة، مشيرا إلى أن الخطوط التى تصل بالمياه للمنازل بمدينة الفيوم قديمة منذ فترة الستينيات وتحتاج إلى التغيير جميعها.
أيضا اعترف مسئول معمل التحليل بشركة المياه بوجود تغيير فى لون المياه إلى اللون البرتقالى، وهو ما يدل على عدم وجود «شبه» فى المياه، ما ينذر بوقوع كارثة محققة وهى إصابة المواطنين بالأمراض المزمنة وعلى رأسها الفشل الكلوي.
لكن الدكتور مروان صبحى، وكيل مديرية الصحة بالفيوم، يؤكد أنه لن يكتفى بتحاليل المعامل التابعة لشركة مياه الشرب، وأنه سيرسل المعامل التابعة لمديرية الصحة للحصول على عينات من مآخذ المياه التى تضخ المياه لمدينة الفيوم خاصة المناطق المكتظة بالسكان للوقوف على مدى مطابقة المياه للمواصفات.