الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أسرار تجنيد الشباب فى «داعش»

أسرار تجنيد الشباب فى «داعش»
أسرار تجنيد الشباب فى «داعش»




حوار – عمر حسن

عام مضى على تكليفه من جانب الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، يونيو الماضى، بتدشين مرصد الأزهر باللغات الأجنبية، لرصد ومجابهة الفكر المتطرف، الذى تنشره الجماعات والتنظيمات الإرهابية، داخل مصر وخارجها، وعلى رأسها تنظيم «داعش» فى العراق والشام، وهو ما عكف عليه طوال عام، بمعاونة فريق عمل متكامل من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، والمتخصصين فى مختلف المجالات، لإصدار تقارير تُفند وتدحض حجج تلك التنظيمات التى تستند إليها فى ممارسة إرهابها.
الدكتور أسامة نبيل، مدير المرصد، ورئيس قسم اللغة الفرنسية بكلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر، يروى لنا فى حوار مفتوح أهم إنجازات المرصد خلال هذا العام، ويتحدث عن كيفية تجنيد الشباب لدى التنظيمات الإرهابية، وكواليس لقائه بابا الفاتيكان، كما يوضح دور المرصد فى رمضان، وإلى نص الحوار..
■ ما آخر الشُبهات التى تم رصدها؟
- بداية.. مهمة المرصد لا تقتصر على الرصد فقط، وإنما تبدأ به، وذلك من خلال متابعة كل إصدارات الجماعات المتطرفة، سواء مكتوبة أم مرئية أم مسموعة، ومن ثم تحليل المعلومات، والتى منها ما هو شرعى وسياسى واجتماعى، ثم القيام بعملية تصحيح للمفاهيم المغلوطة، وأخطرها مفاهيم «الخلافة والهجرة والبيعة والسبى»، ومعظمها يروجها «داعش»، وآخر ما رصدناه كان مناهج التدريس لدى الجماعات المتطرفة، وقمنا بتفنيدها واستخراج ما هو غريب عن الفكر الإسلامى.
■ هل يستعين المرصد بمؤسسة الأزهر للرد على تلك الشبهات؟
- توجد لجنة شرعية خاصة بالمرصد، تتولى مهمة الرد وتصحيح المفاهيم المغلوطة، فالمرصد يعطى المخرج النهائى، الذى هو نتاج عمل الراصد والمحلُل ومن يقوم بالتوصيات، ومن يعالج القضايا، فهى دائرة عمل متكاملة.
■ لماذا يتم التركيز على «داعش» دون غيره من التنظيمات الإرهابية؟
- داعش له إصدارات واضحة ينشرها بعدة لغات من خلال نوافذ إلكترونية، وهذا يدفعنا للتركيز عليه، لأنه الأكثر تنظيمًا بين الجماعات المتطرفة الأخرى، وأيضًا لأن داعش يحاول تصدير فكره الإرهابى إلى مصر، والجماعات المتطرفة فى مصر تؤكد الفكر الداعشى، فتصحيحنا مفاهيم داعش، هو فى حقيقة الأمر تصحيح لمفاهيم تسعين بالمائة من الجماعات المتطرفة داخل مصر.
■ ما الذى يعتمد عليه «داعش» لتجنيد الشباب؟
- يعتمد على أكثر من معيار، حسب النطاق الجغرافى لكل منطقة، فمثلا فى أوروبا لا يعانى الشباب المسلم من فقر، ولكن يعانى من التهميش، فتبدأ مرحلة الإغراء لهم من منطلق أنهم يعيشون فى مجتمع كافر يُهمش فيه المسلمون، وأنه سيعيش معهم حياة أفضل وسيتزوج. بالإضافة إلى لغة المال فى المجتمعات الفقيرة، فهناك سماسرة يحصلون على 5 آلاف يورو مقابل تجنيد الشباب بداعش، والذين تبدأ أعمارهم من 16 عامًا.
■ ما أكثر الدول التى يتم تجنيد شبابها فى «داعش»؟
- مصر بعيدة تمامًا عن أى رقم لافت للنظر، لكن النسبة المخيفة تكون من دولتى تونس والسعودية، ففى تونس تم استغلال الحراك السياسى والفقر لتجنيدهم، أما فى السعودية، فاستغل تنظيم «داعش» بعض التفسيرات الوهابية، وصنعوا نوعا من التقارب بينها وبين الفكر الداعشى، مُعتمدين على اجتزاء الآيات من سياقها، وخاصة تلك التى تحض على القتال، وهو ما يصنع من شباب المملكة «ضعاف النفوس» ممولين للإرهاب وليسوا مُشاركين فى أغلب الأحيان، بنية إقامة دولة إسلامية.
■ هل يركز المرصد فى عمله على جوانب أخرى بخلاف الجماعات الإرهابية؟
- نعم.. نحن نتابع التطرف اليسارى أيضًا، ونخصص لذلك أيقونة مستقلة على موقع المرصد، تُسمى «الصحف الصفراء»، ونتعرض فيها إلى ما يسمى بالاجتهاد الشخصى لمجموعة يُطلق عليهم أدباء ومفكرون، يتعاملون مع الدين باستهتار، ويتعرضون للأحاديث النبوية، ويخلطون بين السند والمتن، محاولين نفى بعض تلك الأحاديث عن هويتها، والاعتماد فقط على تكوينهم الشخصى، والواقع أن التحليل فى الفكر الإسلامى يلزمه فريق عمل.
■ ما أخطر ما رصدتموه على القنوات الفضائية فيما يخص هذا الشأن؟
- آفة الفتاوى، فالدين أصبح مهنة من ليس له مهنة، وللأسف بعض القنوات تستضيف شخصيات محدودة العلم والفكر، تطمح فى الظهور الإعلامى، ليتكلموا فى قضايا فرعية لا تخص العامة، وقد يختلف عليها علماء الدين، ومع ذلك تتم مناقشتها على الملأ، ويأتى شخص يريد أن يفرض رأيه بها وينفى صحة أى رأى مخالف.. كل هذا يتم رصده ولكن ننشر فقط تقارير عن القضايا المهمة، والباقى نتعرض له فى شكل مقالات.
■ برأيك.. كيف يتصدى الأزهر لتلك الظاهرة؟
- أعتقد أن الأحكام القضائية التى صدرت فى حق البعض، لفتت نظر أولئك الأشخاص بضرورة حساب الكلمة قبل السخرية من الدين وعلمائه، وللعلم الأزهر لا يقاضى أحدًا، وإنما يقدم البلاغات محامون يغارون على دينهم.
■ هل ترى أن المرصد كافٍِ لتصحيح صورة الإسلام لدى الغرب؟
- المرصد نواة لمراصد أخرى من نفس النوع فى جميع أنحاء العالم، فنحن نهتم بمُسلمى العالم، ولكن أولى بكل دولة أن تهتم بالمسلمين داخلها، لأنه لا يجوز أن يحمل المرصد المهمة منفردًا، فعلى تلك الدول أن تُنشئ مراصد خاصة بها لتتبّع الفكر المتطرف داخلها، صحيح أننا نجحنا فى رصد معلومات عنهم، ولكن ستكون المهمة أسهل إذا كان المرصد من داخل الدولة نفسها.
■ فى اعتقادك، هل تشعر أن المجتمع الغربى يتعمد أحيانًا تشويه صورة الإسلام؟
- معظم الحكومات فى الغرب لها اتجاه متميز نحو الأزهر، لكن هناك أحزابًا متطرفة تحارب أى تطبيق للدين الإسلامى، ولعل هذا كان سبب لقائى بابا الفاتيكان، لقتل أى محاولة لتشويه الدين، ودراسة القيم المشتركة بين المسلمين والمسيحيين.
■ هل وقّع مرصد الأزهر بروتوكلات تعاون مع أى جهات أخرى؟
- نعم.. وقعنا اتفاقية مع معهد الملك للدراسات الدينية فى الأردن، وبصدد توقيع أخرى مع معهد باريس للدراسات الجيوسياسية، فنحن على تواصل دائم معهم، باعتبار أن فرنسا بها الكثير عدد من المسلمين فى أوروبا، وكذلك اتفاقيات مع ألمانيا وإنجلترا.
■ هل حاكى مرصد الأزهر نموذجًا آخر عند إنشائه؟
- المرصد فريد من نوعه لأنه ناطق بسبع لغات، ولكن بحكم عملى عضوًا فى اللجنة العلمية بمرصد باريس، كان لدى خبرة فى طريقة عمل المراصد، وظّفتها عند تكليفى مع ثلاثة زملاء آخرين من جانب الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، بعمل مرصد يتبع الأزهر.
■ ما اللغات التى ينطق بها المرصد؟
- إنجليزية، وفرنسية، وألمانية، وإسباينة، وأردية، وفارسية، وسواحلية، وقريبًا سيكون هناك الإيطالية والتركية واليونانية.
■ هل يوجد مرصد مشابه فى أى دولة عربية؟
- يوجد مرصد أبو ظبى، ولكنه ينطق باللغة الإنجليزية فقط، ويهتم بقضايا «الفيس بوك» و«تويتر»، لكن الجرعة المعلوماتية لدينا أكبر، فنحن نصدر تقارير يومية وأسبوعية وشهرية، ولكن فقط التقارير الشهرية هى التى يتم نشرها على الموقع.
■ هل ترى أن نشر نتائج المرصد فقط على موقعه الإلكترونى شىء كافٍ للوصول للجميع؟
- حينما كنت فى دولة الفاتيكان وقابلت البابا فرانسيس، بدأت الحديث عن المرصد ففوجئت بأن عددًا كبيرًا من الأشخاص يعرفون المرصد جيدًا، بل وبعضهم ناقشنى فى محتوى منشور على موقع المرصد.. فى الحقيقة نحن خلال فترة قصيرة تمكنّا من الوصول لعدد كبير من الناس فى مختلف دول العالم.
■ ما أهمية الجولات الخارجية التى تقوم بها؟
- الجولات الخارجية لها دور مهم ومحورى فى التعريف بالمرصد، فشتان بين أول زيارة قمت بها وآخر زيارة، فالمرصد خلال عام واحد أصبح له صدى خارج مصر، كما أنه أصبح مرجعية لدى العديد من الصحف الأجنبية.
■ ما دور المرصد فى رمضان؟
- دور المرصد توعية الناس بأن شهر رمضان ليس للصيام والصلاة فقط، ولكنه للعمل أيضًا والإنتاج، وسنتطرق خلاله إلى الحث على أهمية المعاملات بين المسلمين وغير المسلمين.
■ فيما يخص التناول الدرامى للقضايا الدينية، هل سيكون من شأن المرصد متابعته؟
- طبعا سنتابع، وإذا وجدنا دراما تؤكد ثوابت الدين وتحترمها فأهلًا وسهًلا، وإذا وجدنا العكس سننقدها نقدًا حسنًا، ونُحدد دورها المطلوب، فالدراما يمكن توظيفها بخدمة الدين أيضًا، وليس فقط لهدم الثوابت لدى الناس.