الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«رمضان» شهر صوم «المسلمين» وتنامى هلاوس «الإرهابيين»

«رمضان» شهر صوم «المسلمين» وتنامى هلاوس «الإرهابيين»
«رمضان» شهر صوم «المسلمين» وتنامى هلاوس «الإرهابيين»




كتب - أيمن عبدالمجيد

لم يعد شهر رمضان شهر صوم المسلمين فحسب، بل بات شهر تنامى هلاوس التنظيمات الإرهابية وتكثيف عملياتها الإرهابية أيضًا، ما يعكس بحسب خبراء نجاح أمراء الإرهاب فى العزف على أوتار المشاعر الدينية لاتباعهم بدفعهم لمحاولة استنساخ الجهاد والغزوات التى شهدها التاريخ الإسلامى فى رمضان، بحثهم على تنفيذ عمليات إرهابية مجرمة قانونًا وشرعًا عبر تضليلهم لخدمة أجندات الإرهاب ومحركيه.
وبات لدى الأجهزة الأمنية فى البلدان العربية والدول الغربية المستهدفة معرفة دقيقة بسيكولوجية التنظيمات والعناصر الإرهابية، الأمر الذى دفع حكومات تلك البلدان لاتخاذ إجراءات أمنية مشددة مع حلول شهر رمضان وحتى انتهاء احتفالات عيد الفطر، إلى جانب تكثيف الضربات الاستباقية للخلايا الإرهابية وفرض رقابة محكمة على المشتبه بهم للحيلولة دون نجاح التنظيمات الإرهابية فى تنفيذ جرائمها فى رمضان.
وفى سيناء نجحت القوات المسلحة والشرطة فى توجيه ضربات استباقية للتنظيمات الإرهابية نابعة من معلومات دقيقة ودراية بسيكولوجية التنظيمات الإرهابية، ما أسفر عن الحد من نشاط الإرهابيين، وتحجيم قدرتهم على تنفيذ عمليات كبيرة، لتنحصر عملياتهم فى استهداف محدود لأفراد بالشرطة.
 وفى رمضان الماضى نجح الجيش والشرطة فى إحباط عملية نوعية كبيرة للإرهابيين كانت تستهدف السيطرة على مدينة الشيخ زويد باستهداف متزامن لعدد من الأكمنة،  وجاء رد الجيش والشرطة قويًا بتوجيه ضربة موجعة للإرهاب اسفرت عن مقتل نحو 300 إرهابى.
ليست مصر وحدها التى تواجه خطر احتمالات تكثيف الإرهاب هجماته فى شهر رمضان، بل باتت الظاهرة عالمية وفى تونس قالت الحكومة التونسية بداية رمضان الجارى فى بيان لها، أنها وضعت خطة أمنية مشددة خاصة بشهر رمضان تقوم على الاستباق والاستعلام وحماية المنشآت الحساسة.وشهد شهر رمضان الماضى استهدف موكب النائب العام المصرى المستشار هشام بركات ما أدى إلى استشهاده، فيما شهد عملية إرهابية عبر إطلاق نار على سياح بمنطقة سوسة التونسية ما أسفر عن مقتل 21 سائحًا، وفى اليوم ذاته أستهدف انتحارى مسجدًا للشيعة بدولة الكويت ما اسفر عن عدد من القتلى وسبقها بأيام تفجير مماثل بمسجد بالمملكة العربية السعودية.
الدول الراعية لتنظيمات إرهابية مثل تركيا لم تعد ذاتها فى مأمن فقد شهدت عملية تفجير قسم شرطة فى أول أيام شهر رمضان الجارى، بينما شهدت الولايات المتحدة الأمريكية حادث إطلاق نار على رواد ملهى للشواذ راح ضحيته 50 قتيلاً وقرابة 52 جريحًا.
ويؤكد العميد خالد عكاشة الخبير الأمنى، أن الأجهزة الأمنية فى مختلف دول العالم خاصةً التى سبق لها التعرض لعمليات إرهابية أو مهددة بالاستهداف، تتخذ إجراءات أمنية احترازية مكثفة مع قدوم شهر رمضان الكريم، خاصةً فرنسا وبلجيكا وألمانيا إلى جانب الدول العربية.
وقال عكاشة لـ«روزاليوسف»: إن أفرع الأجهزة الأمنية المتخصصة فى متابعة نشاط التنظيمات الدينية ومكافحة الإرهاب، تدرك سيكولوجية الإرهابيين ونمط تفكيرهم وسلوكهم، فقيادات الإرهاب تستغل الشحنات الإيمانية فى شهر رمضان، لإشعال حماسة عناصرها لتنفيذ عمليات نوعية مكثفة فى شهر رمضان.
وأوضح عكاشة أن قيادات الإرهاب تروج داخل التنظيم أن شهر رمضان شهر الاستشهاد والفداء مدلسين على اتباعهم بمقارنة ما يفعلونه بما شهده عصر الرسول والخلفاء من غزوات وانتصارات فى شهر رمضان مثل غزوة بدر، وشتان بين ما يفعله الإرهابيون اليوم وصحيح الدين، إلى جانب ايهامهم بأن تنفيذهم عمليات انتحارية فى رمضان وهم صائمون يضاعف من ثوابهم ويلحقهم بالصالحين فى جنات النعيم.
وأضاف عكاشة: على الأجهزة الأمنية أن تزيد من يقظتها خلال الشهر الكريم وخلال احتفالات عيد الفطر، مؤكدًا نجاح أجهزة الأمن فى توجيه ضربات استباقية وضبط خلايا إرهابية كان من المحتمل أن تنفذ عمليات إرهابية فى رمضان، فقد نجح الأمن فى رصد مكان اختباء الخلية الإرهابية التى اغتالت 9 من أفراد الشرطة بمنطقة حلوان منذ شهر، وتم مداهمة وكرهم فى أول أيام رمضان وتصفية بعضهم والقبض على آخرين، إلى جانب القبض فى رمضان على خلية إرهابية بالإسكندرية تنفذ عمليات إرباك للدولة بإشعال الحرائق.
ويرجع الدكتور هشام بحرى رئيس قسم الطب النفسى بطب جامعة الأزهر، ميل الإرهابى لتنفيذ عمليات إرهابية فى رمضان، إلى كون الإرهابى يعانى ضعفًا عقليًا فيما يخص قياسات المنطق، فالتطرف نوع من أنواع الأمراض العقلية، يلجأ إليه الشخص الذى يشعر بالتعرض إلى قهر عائلى أو اقتصادى أو من سلطة سياسية كانت أو أبوية، للانتقام من الآخر، ورغبته الدفينة فى الانتقام الناتج عن شعوره بالقهر تبدأ بميله للعزلة عن المجتمع، وهنا يكون فريسة سهلة للاستقطاب لصفوف التنظيم الإرهابى الذى يشعره بذاته وكيانه بايهامه أنه يقاتل من أجل قضية أو مبدأ أو عقيدة فيجد الإرهابى فى ذلك التنظيم حاضنة تمكنه من تنفيذ عمليات يشعر معها بلذة المغامرة والانتقام من الآخر الذى يبرر لنفسه قتله بعد تكفيره.
ويضيف بحرى لـ«روزاليوسف» هناك فارق بين قيادات التنظيم فهى أكثر وعيًا ودراية بما تفعل وتخطط، فنشاطها فى رمضان يعود أولاً: لسهولة شحن الأتباع بجرعات إيمانية لطبيعة الشهر، ومن جانب آخر تسعى لاستغلال الشهر فى تنفيذ عمليات ظنًا منها أن قوات الأمن تكون منهكة أو فى حالة خمول ناجم عن الصيام.
فيما يفسر ماهر فرغلى الخبير فى شئون التنظيمات الإرهابية، العقلية الإرهابية بأن تنظيمات الإسلام السياسى تعيش على فكرة النبوءات التى ينتظرون تحقيقها، فمثلاً ينتظرون نبوءة عودة الخلافة والمواجهة الحاسمة بين معسكر الإيمان والكفر، وذلك يتضح فى تنظيم داعش الذى يتحدث عن الدولة الإسلامية ويصدر صحيفة باسم دابق، وهو مكان فى سوريا سيشهد معركة فى نبواءتهم، ومن ثم فإن شهر رمضان شهد فى تاريخ الاسلام 19 معركة وغزوة تاريخية بداية من غزوة بدر وحتى اليرموك وهم يستحضرون ذلك ويتأثرون به.
وأضاف فرغلى كل ذلك يسهم فى حشد صفوفهم ودفعهم لتصعيد عملياتهم إذا اتيحت لهم فرصة فى شهر رمضان.
ويتفق أحمد بان خبير الجماعات الدينية مع ذلك، مؤكدًا أن التنظيمات الإرهابية تعمل بفكر الاسقاط على أحداث تاريخية شهدها شهر رمضان بين المسلمين فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، فى معركتهم مع الكفر، ولإقناع أنفسهم بهذا الإسقاط تقسم الجماعات الإرهابية المجتمعات بين معسكرين، الكفر والإيمان، فالإرهابى يرى فى نفسه وتنظيمه ومن تبنى فكره معسكر الإيمان، وما دونهم كفار يستحل دمهم وأموالهم، ومن ثم يتخيل أنه فى حرب مقدسة ضد كفار فيسعى للنيل بتكثيف العمليات فى رمضان، الأمر الذى يستوجب تشديد الإجراءات الأمنية فى الشهر الكريم.