الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شبهة الحديث سبب المذهبية العشوائية (1)

شبهة الحديث سبب المذهبية العشوائية (1)
شبهة الحديث سبب المذهبية العشوائية (1)




فى كل يوم نعرض لإحدى الشبهات الواردة عن السنة النبوية أو الرسول صلى الله عليه وسلم ونعرض الرد الوافى لها من الأزهر الشريف واليوم نعرض للرد على شبهة الحديث سبب المذهبية العشوائية.
تميز علم الحديث الشريف بمنهجية علمية فريدة قائمة على الاستقراء والبحث، والنقد والاستنباط، فجمع بين جنباته جلَّ المناهج المطروقة فى البحث العلمى  مع البعد التام عن أى مظهر من مظاهر العشوائية العلميةـ فى كل أطواره ما بين النشأة والنضج، ولأجل هذا حاز هذا العلم الشريف على ثناء العلماء المسلمين وغيرهم، من ذلك قول المستشرق مرجليوث: «ليفتخر المسلمون ما شاءوا بعلم حديثهم».
ولما يمثله هذا العلم من أهمية عظيمة فى الحفاظ على الدين -أصولا وفروعا، وبخاصة علوم السنة النبوية المطهرة فقد تعرض لحملات من الطعون قديمًا وحديثًا، وهذه الطعون فى مجملها مبنية على جهل أو تجاهل لقواعد هذا العلم الشريف وتطبيقاته.
وما تلك الشبهة  إلا حلقة فى تلك السلسة الرامية إلى التشكيك فى السنة، إن لم يكن إنكارها، وذلك من خلال الطعن فى التوثيق التاريخى للسنة النبوية، والطعن فى المنزلة العلمية للعلماء الذين قاموا بهذا التوثيق، والفتنة فى دلالتها اللغوية والتاريخية إنما تعبر عن حالة يلتبس فيها الحق بالباطل، ولعل نظرة سريعة على أسباب نشأة هذا العلم الشريف كفيلة بنفى هذا الوصف عنه؛ فلم تكن نشأته إلا ردًّا مباشرًا على حالة الفتنة وظهور الفرقة فى المجتمع المسلم، وكان الهدف الأساس هو الحفاظ على تراث الأمة من أن يتعرض للتزييف بأى صورة من الصور، وتنقية الوعى الإسلامى والعربى من الخرافات والأباطيل التى رام البعض أن يلصقها بالتراث الإسلامي.
وتكمن الأهمية العظمى لهذه الفلترة العلمية التى قام بها علم الحديث فى حماية العقل المسلم من الغزو الفكرى والأخلاقى المترتب على شيوع الأباطيل فى نسيجه الفكرى والاجتماعي؛ حتى لا يتحول إلى فريسة طيعة يسهل على كل مبطل أن يقودها إلى الهلاك.
وعبارات أهل العلم دالة على ما ذكرت، من ذلك: قول محمد بن سيرين «ت110هـ»، وهو من أئمة التابعين؛ فإنه قال: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم» .
والتابعى الجليل محمد بن سيرين من رجالات القرن الأول، وعبارته السابقة تدل على أن هذا العلم إنما نشأ عقب الفتنة التى بدأت بمقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضى الله عنه-، وما أعقب ذلك من ظهور تيارات سياسية متعارضة، وجماعات متنافرة متعصبة لأهوائها، مما ترتب عليه وجود محاولات للوضع والتلفيق، فانتفض أهل العلم للتصدى لهذه المحاولات بوضع علم الحديث كميزان توزن به المرويات، ويفرق به بين الحق والباطل، فأين الفتنة إذن؟!!!