الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«تيران وصنافير» تعيد الجدل السياسى والقانونى حول اختصاصات السلطات

«تيران وصنافير» تعيد الجدل السياسى والقانونى حول اختصاصات السلطات
«تيران وصنافير» تعيد الجدل السياسى والقانونى حول اختصاصات السلطات




كتبت ـ هبة سالم

 

أعاد حكم بطلان توقيع ممثل الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود المصرية - السعودية، الجدل السياسى والقانونى حول جزيرتى تيران وصنافير، اللتين أكدت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بمصريتهما وأنهما جزء من الإقليم البرى للدولة المصرية.
الجدل تخطى الإجراءات القانونية إلى حدود السلطات بالدولة، القضائية والتشريعة والتنفيذية فيما يخص أعمال السيادة  للسلطة السياسية وحق القضاء فى الرقبة عليها.
قانونيًا أجمع خبراء قانونيون وسياسيون على ضرورة احترام حكم القضاء، وأنه واجب النفاذ حتى يتم إلغاؤه أو تأكيده بحكم درجة أعلى بالمحكمة الإدارية العليا حال قبول طعن الحكومة عليه، فحق الحكومة فى الطعن بحسب الخبراء لا يوقف تنفيذ الحكم، فهو واجب النفاذ ولا يوقفه إلا حكم مناقض يصدر من الإدارية العليا فى الطعن الذى أعلنت الحكومة أنها ستتقدم به.
وقال الدكتور محمد عطاالله أستاذ القانون الدولى: «إن الحكم أول درجة واجب النفاذ وللسلطة التنفيذية الحق فى الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا إلا أن الطعن على الحكم لا يوقف تنفيذ الحكم إلى أن تبت المحكمة الإدارية فى الحكم أما بالتأييد أو الإلغاء، وإذا تم تأكيد الحكم فعلى الحكومة أن تحترم أحكام القضاء لأن هدف الدولة هو ترسيخ سيادة القانون من خلال تطبيق القانون واحترام الأحكام.
وأضاف عطاالله إن هذا الحكم لن يؤثر أبدًا على الإتفاقيات الآخرى بين البلدين فالسعودية دولة شقيقة والعلاقة بين الدولتين أقوى من ذلك بكثير ولن تتوقف على اتفاقية أو ما شابه ذلك.
وقال مجلس الوزراء: إن هيئة قضايا الدولة طعنت على حكم القضاء الإدارى، القاضى ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية، وأكد مجلس الوزراء فى بيانه الذى أصدره عقب الحكم احترامه لأحكام القضاء.
ويرى خبراء قانونيون أنه حال إقرار البرلمان الإتفاقية يكون بذلك قانونًا خارج دائرة القضاء الإدارى الذى نظر دعوى بطلان الاتفاقية باعتبارها قرارًا إداريًا، ولا يكون هناك أى ولاية قضائية عليه إلا للمحكمة الدستورية العليا التى تنظر فى مدى دستورية ما يصدر من قوانين.
فيما شكك آخرون فى أحقية محكمة القضاء الإدارى فى نظر دعوى بطلان الاتفاقية باعتبار قرار توقيع الاتفاقية من أعمال السيادة المخولة للرئيس الجمهورية، إلا أن حيثيات المحكمة حملت ردًا على ذلك قائلة: «إنه من حيث تكييف الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح على الطلبات هو من سلطة المحكمة، فإن الدستور الحالى فى مادته ٩٧ حظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ومن ثم فإن اختصاص القضاء بنظر جميع الطعون التى توجه ضد أى عمل أو قرار إدارى، وأنه وفقًا لقانون مجلس الدولة وقانون السلطة القضائية فقد خلوا من تحديد جامع مانع لما يسمى بأعمال السيادة أو الضوابط والعناصر التى يستدل عليها».
ويؤيد الدكتور حازم عتلم أستاذ ورئيس قسم القانون الدولى العام بجامعة عين شمس ذلك، مؤكدًا أن الإتفاقية التى وقعتها السلطة التنفيذية غير نافذة ولم يصدق عليها من البرلمان ومن ثم فهى قرار إدارى يحق الطعن عليه أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة وما يصدر عن المحكمة من أحكام فهى واجبة النفاذ، وتكون باتة ونهائية حال عدم الطعن على أحكامها فى غضون 60 يومًا من صدور الحكم، ولا يوقف تنفيذ الحكم إلا إذا صدر حكم فى الطعن من المحكمة الإدارية العليا.
وأضاف عتلم على الحكومة والبرلمان الأمتثال لأحكام القضاء حال تأكيد المحكمة الإدارية العليا الحكم، مضيفًا هذه الإتفاقية بها عوار وغير مكتملة الأركان وإلا كان البرلمان صادق عليها لكن قبول الطعن وصدور الحكم عنوان الحقيقة، والعلاقات بين السعودية ومصر قوية واستراتيجية وأكبر من أن يعكر صفوها إلغاء إتفاقية ترسيم الحدود.
وتباينت آراء أعضاء اللجنة التشريعية بمجلس النواب بين أحقية البرلمان فى إقرار الإتفاقيات وفقًا للمادة «151» من الدستور، وبين من يشددون على ضرورة أن يستفيد البرلمان من حيثيات حكم محكمة القضاء الإدارى فى بناء قناعة حول الإتفاقية وما سيصدر عن البرلمان من قرار بشأنها.
وتنص المادة «151» من الدستور على: «يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أى معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة».
ومن جانبه وصف عبدالناصر قنديل المتحدث الإعلامى باسم حزب التجمع الحكم بالتاريخى يمثل نقطة فارقة ويحسم الجدل الذى استمر بشأن الاتفاقية والجزيرتين، مضيفًا علينا أن نعتز بقضائنا الذى سبق وشكك فيه بعض من أرادوا هدم الوطن ولكن القضاء أثبت أنه حصن للمواطن المصرى الذى يحتمى به ويلجأ إليه.. وأضاف قنديل أحكام القضاء بشكل عام بأنها عنوان للحقيقة وهذا الحكم دليل واضح على نزاهة القضاء المصرى العادل، وعلى البرلمان الامتناع عن نظر الاتفاقية وانتظار تفسير الحكم وما يترتب عليه من آثار، مشددًا فى الوقت ذاته على قوة العلاقات المصرية - السعودية.
ويرى خالد هيكل نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أن قرار المحكمة صدر عن دراسة وبحث ولن يؤثر على العلاقة بين البلدين أو الاتفاقيات المبرمة، مؤكدًا أن القضاء السعودى يحترم أحكام نظيره المصرى، وإذا تم الطعن على الحكم وصدر نهائيًا فلابد من إعادة النظر فى الاتفاقية بإلغائها.
وفى المقابل سعى التيار الشعبى لتحقيق مكاسب سياسية من الحكم، فقال مدحت الزاهد القيادى بالتيار الديمقراطى: إن أحزاب التيار وكل قوى الحملة الشعبية للدفاع عن الأرض ترى فى حكم استمرار السيادة المصرية على جزيرتى تيران وصنافير، وبطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية انتصار لكل القوى الوطنية التى عارضت الاتفاقية وللشعب المصرى أجمع.