الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بس أنت مش شامم».. وفقدان متعة نزول نجوم دراما رمضان للمسرح

«بس أنت مش شامم».. وفقدان متعة نزول نجوم دراما رمضان للمسرح
«بس أنت مش شامم».. وفقدان متعة نزول نجوم دراما رمضان للمسرح




منذ بدء الموسم المسرحى الجديد لعام 2016، أعلن مسرح الشباب بقيادة مديره أسامة رءوف، عن خوض الفنان فتحى عبدالوهاب لبطولة مسرحية جديدة من إنتاجه، بالطبع كان خبرا مهما وسعيدا أن يقرر عبد الوهاب النزول لخشبة المسرح بعد غياب، وانتظر الجمهور افتتاح هذه المسرحية الجديدة بفارغ الصبر، والذى تم تأجيلها طويلا بسبب عدم انتهاء البروفات بعد، ومع حلول شهر رمضان قرر المسرح افتتاح العرض لمدة أربعة أيام فقط، على خشبة الجمهورية، وللأسف كانت المفاجأة، أن العمل لم يكن على مستوى الوقت الذى انفقه فيه صناعه، أو حتى على مستوى النجوم المشاركين به.
«بس أنت مش شامم» تأليف كل من أحمد صبحى وأحمد دياب، وتدور أحداثه فى ثلاثة فصول كل فصل يحمل حدوتة مختلفة، ويربط الحواديت الثلاث رابط درامى واحد، هو أزمة «البالوعة» التى يعترض عليها المواطنون الشرفاء محاولين السعى فى التبليغ عنها لأن بقاءها يشكل أزمة كبرى، فهى سبب كل المشاكل والأزمات التى يعيشها المجتمع، وكما هو مفهوم يسقط المؤلف على بزوغ وتكاثر جماعة الإخوان والإرهابيين من هذه البالوعة، التى لا يريد أحد سدها، فى كل فصل لعب الفنان فتحى عبد الوهاب شخصية مختلفة، كان فى الفصل الأول رجل عجوز صاحب المكتبة التى يريدون هدمها، ويحذر من خطر هذه البالوعة على المجتمع، ويطالب بحل أزمتها، ثم الشاب صاحب البازار الذى يحوى تحفا وتماثيل وبالطبع يكون عمله مثارا للجدل بينه وبين المتشددين، وفى الفصل الثالث مخرج للسينما المستقلة الذى يواجه تعنت الدولة أمام ترك هذه البالوعة ويحاول القيام بعمل فيلم سينمائى للكشف عن مدى خطورتها على المجتمع، ويشاركه البطولة الفنان محمد عادل الذى لعب أيضا ثلاث شخصيات مختلفة، ففى الفصل الأول كان ضابط الشرطة الفاسد، وفى الثانى صاحب نادى فيديو تجنده جماعة الإخوان لمصلحتها، وفى الثالث داعية إسلامى فاسد يعمل لتحقيق أغراضه الشخصية من وراء الدين، فكرة مستهلكة قتلت بحثا ومعالجة فى السينما والمسرح والتليفزيون وفى الحياة اليومية التى نعيشها، فلم يأت الكاتبان بجديد يذكر، ولم يخرجا حتى عن الإطار المألوف لهذا النوع من الأعمال التى طالما انتقدت الجماعات الإسلامية وتطرفها واستعرضت أشكال صراعها مع المجتمع بكل صورها المختلفة، وبالتالى النص كان ضعيفا للغاية ولم يتجاوز أى شكل درامى ساذج سبق وأن تناول هذا النوع من القضايا، بجانب إضافة خط درامى آخر غير مبرر وغير منطقى بالأحداث وهو الجزء الجانبى من المسرح الذى صمم على شكل شرفة لمنزل رجل «أحمد الرافعى» وزوجته يستعارضان خلالهما مصر أيام الملك على مدار الفصول الثلاث، فما الحكمة من إضافة هذا الخط الذى إذا تم الاستغناء عنه لن تتأثر أحداث المسرحية فى شىء، فكأن المخرجة أرادات أن تقطع الأحداث بفاصل إعلانى ممل!!
ليس هناك جدل بأن فتحى عبد الوهاب من أهم أقوى نجوم جيله، وقدم الكثير من الأعمال الدرامية والسينمائية الناجحة فهو ممثل قدير ومحترف، لم يخزل جمهوره فى أى عمل قط سواء سينمائى أو تليفزيونى، ودائما ما كان يمتعنا بأدوار مهمة ومتميزة وتمثيل متقن وغير تقليدى، لذلك عندما يقرر كسر الحاجز بينه وبين جمهوره والنزول إلى خشبة المسرح، فى وقت غير معتاد خلال شهر رمضان كان يجب أن ينزل وبقوة خاصة أن الجمهور متعطش لرؤية نجومه المفضلين على خشبة المسرح، وبرغم من أنه حاول جاهدا أن يفعل شيئا متميز سواء بأدائه أو بإلقاء بعض الإفيهات لكن دون جدوى، لأن الجسم الأساسى للعرض وهو النص لن يسمح له بالإبداع، فبرغم محاولاته المستميتة ومعه محمد عادل كى يقدما من «الفسيخ شربات»، لا يمكن أن تغفر أو تغفل ضعف وسذاجة البناء الدرامى للعرض، الذى لا تشفع له جودة التمثيل.
تكمن الأزمة الثانية فى أن هذا العمل احتوى على طاقات تمثيلية ليست قليلة، فمعظم المشاركين موهوبين ومحترفين مثل أحمد الرافعى ورباب طارق ومحمد عادل الذى فرض نفسه هذا العام كأحد نجوم دراما رمضان وبالطبع بطل العرض فتحى عبد الوهاب فلماذا لم يسع مسرح الشباب فى استغلال هذه الطاقات الجبارة فى عمل مسرحى قوى وضخم، فكيف ينجح المسرح فى تجميع هؤلاء على مائدة فارغة من الطعام الجيد؟!! وحتى على مستوى الصورة المسرحية كانت هزيلة للغاية، فكأن مهندسة الديكور جاءت بمجموعة من الموتيفات التعبيرية وألقتهم بشكل عشوائى على خشبة المسرح دون خيال أو ترتيب. 
كان قد أنتج مسرح الشباب هذا العام والعام الماضى عدد لا بأس به من الأعمال الجادة والجيدة لمخرجين شباب، ونجح المسرح فى رفع راية أن النص المسرحى هو بطل العمل، فلماذا خفضت هنا الراية، برغم من أنه يمتلك ممثلا كبيرا قادرا على تقديم عروض كلاسيكية أو حتى أعمال مسرحية خفيفة ممتعة وراقية، كيف ارتكب المسرح هذه السقطة الفنية، ولماذا ارتبطت عادة عروض النجوم الكبار بالدراما السهلة المستهلكة الخالية من أى طعم وإبداع، وتركوا الإبداع للشباب الذى مازال يريد إثبات وجوده على الساحة فقط، وكأن العمل الجيد أصبح لإثبات الوجود ليس إلا، ونسوا أن هناك جمهورا يحتاج إلى إبداعهم كنجوم كبار وينتظرونهم بفارغ الصبر، خصوصا أن فتحى عبد الوهاب من الجيل الذى سطع نجمه بأهم عرض مسرحى فى التسعينيات وهو «بالعربى الفصيح» للمؤلف لينين الرملى والتى عرضت وقتها ثلاثة مواسم متصلة وحققت نجاحا منقطع النظير بمصر والوطن العربى، وكان هذا العمل بداية ظهور نجوم كثيرين، فكان من الأولى أن يعود بعمل يليق به.. وبمستواه الفنى!!
شارك فى بطولة «بس انت مش شامم» حنان عادل، محمد الأباصيرى، مصطفى حمزة، محمود عبد الرازق، أحمد سعد، إياد أمين، غرام سعد، جهاد أبو العينين، محمد حلوانى، محمد سويسى، أحمد فتحى، أحمد فايز، هبة توفيق، أشعار حسام حداد، وألحان أحمد الحجار واستعراضات مصطفى حجاج، وإخراج عبير لطفى.