مسائل بترولية « 1 »
عبد الله كمال
كان الحديث عن البترول فيما مضي موضوعًا غامضًا.. لثلاثة أسباب.. إما نقص المعلومات وهو منهج كانت تتبعه وزارة البترول فيما مضي.. أو عدم التخصص.. فنحن بطبيعتنا شعب لا يتابع شئون البترول وإن كانت لدينا ثروة منه.. وثالثًا لأن قطاع البترول نفسه لم يكن يلاحقنا بالدرجة التي يفعلها الآن.
الحال تغير.. لأسباب سلبية ولأسباب إيجابية.. وأبدأ بالوجه الحسن.. فقطاع البترول أصبح حالة.. وبخلاف أن دوره يتنامي في الاقتصاد القومي.. ويتزايد الاعتماد عليه بمضي الوقت ومع ارتفاع أرقامه ومعدلاته واكتشافاته.. فإن القطاع حقق ازدهارًا كبيرًا مع الرخاء الحادث في صناعة الغاز.. والأهم أن للقطاع تأثيرًا مباشرًا في حياة الناس.. سواء عمليا من خلال تزايد الاعتماد علي الغاز في البيوت.. أو وظيفيا لأن الكثيرين صاروا يأملون في وظيفة بالقطاع المزدهر.. أو ترفيهيا لأن القطاع أصبح لاعبًا مؤثرًا في مجال الرياضة.. من خلال فرقه المتنوعة.. والأهم لأنه ينتشر إقليميا ويؤثر في علاقات مصر مع الأشقاء وأبناء العم.
الأسباب السلبية واضحة.. أحدها دولي ويتعلق بأزمة الطاقة العالمية.. والثاني يتعلق بمناقشات أسعار الطاقة في المجتمع.. والدعم الذي يخصص من ميزانية الدولة لها.. وهي أكبر أرقام الدعم.. والثالث تزايد المنافسة في القطاع مع اتساع دور القطاع الخاص.. وقد أصبح لرجال الأعمال في قطاع البترول صحف تقوم بالتخديم علي مصالحهم.. فتؤلب وتزايد وتشن حملات معروفة الأهداف.. وهذه مسألة سوف نعود إليها فيما بعد وليس الآن.
وأرغب اليوم وغدًا في أن أتوقف عند أكثر من مسألة بترولية أو تتعلق بذلك القطاع الواعد.. وأبدأ بأبسطها.. ذلك الجدل الذي يثار حول دور قطاع البترول في مجال الرياضة.. والاستثمارات التي يقوم بها في هذا المجال.. أنا شخصيا أتمني أن يكون لكل القطاعات دور مماثل.. حتي لو لم يكن الأمر جديدًا علي الساحة.. لأن من المعروف محليا ودوليا أن الشركات الكبيرة والقطاعات المؤثرة تقوم بمثل ذلك.. لدينا نادي المقاولون العرب.. ونادي غزل المحلة.. وأندية الكهرباء.. والاتصالات.. والأسمنت.. وكان فيما مضي لناديي السكة الحديد واسكو صيت كبير.
المشاركة في هذا القطاع ليست جديدة.. ولتلك المشاركة فضل كبير في التعريف بالعلامات التجارية للبترول محليا وإقليميا.. من كان يمكن أن ينتبه شعبيا إلي علامة إنبي وعلامة بتروجبت.. والميزة أن التركيز في هذه الأعمال حقق فائدة قومية وليس للقطاع وحده.. فقد خرج من تلك الاندية لاعبون عظام شاركوا في المنتخب القومي.. والاستثمار حقق بمضي الوقت فائدة كبيرة لأن أسعار اللاعبين تتصاعد.. ولأن الدعاية التي يحققها النشاط الرياضي للبترول هي بند مؤثر لا تسجله الميزانيات.
لا أنسي في هذا السياق أن أشير إلي أن الاستثمار الرياضي له بعد عقاري.. فقطاع البترول اقتحم في القاهرة الجديدة بمنشآته الرياضية آفاقًا لم تكن محسوبة.. وأنفق نحو 200 مليون جنيه علي مجموعة الأندية التي أسسها هناك.. فرفع قيمة المنطقة المحيطة.. وتسبب في ارتفاع جاذبيتها.. وصارت قيمة المنشآت الآن تقترب من 2 مليار جنيه.. لكن أحدًا لا ينتبه إلي تلك الفائدة العظيمة.. وينظر تحت أقدامه.
وإذا ما انتقلت إلي مسألة بترولية أخري.. فإنني أشير إلي حدث نوعي وتاريخي سوف يقع بعد أيام.. وكان يفترض أن يتم قبل أيام.. لولا معوقات فنية.. وهو وصول الغاز المصري إلي لبنان يوم 15 سبتمبر الحالي.. حدث كبير جدًا.. دفعت إليه زيارة وزير البترول المصري المهندس سامح فهمي إلي بيروت منذ أسبوع.. وهو خبر مهم جدًا لم يحظ بالقدر الواجب من الاهتمام من الصحافة في مصر.. رغم أنه كان خبرًا رئيسيا في صحافة وتليفزيون لبنان.
نهر الغاز المصري يمتد.. وصل الأردن منذ سنوات.. وسوريا.. وهو من هناك سوف ينتقل إلي لبنان.. وتلك مسألة حيوية للبلاد الشقيقة.. وتزيد الترابط والارتباط.. وتمثل مصادر دخل إضافية للميزانية القومية المصرية.. وفي لبنان سيكون الغاز مؤثرًا في توليد الكهرباء.. وتخفيف تكاليف الإنتاج المحلية.
هذه صفقة متكافئة.. عطلتها لبعض الوقت مسائل فنية بين سوريا ولبنان.. ولكنها أيضًا تفتح الآفاق أمام وصول خبرات مصرية يمكن أن تفيد لبنان في مجالات مد شبكات الغاز.. أي فرص جديدة للبشر في مصر.. بخلاف الفرص المتاحة للقطاع الذي خلقها.
ونكمل غدًا.
الموقع الاليكترونى: www.abkamal.net
البريد الالكترونى: [email protected]