الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

55 مليون جنيه.. تكلفة سرقة التيار الكهربائى فى رمضان

55 مليون جنيه.. تكلفة سرقة التيار الكهربائى فى رمضان
55 مليون جنيه.. تكلفة سرقة التيار الكهربائى فى رمضان




تحقيق- محمود ضاحى


مع قدوم شهر رمضان المبارك  تتزين الشوارع، والمقاهي، فتضاء الأنوار فى كل المآذن وتتهيأ لاستقبال ضيف كريم كلنا نشتاق له.. وعلى الجانب الآخر تخسر الدولة ملايين  الجنيهات بسبب سرقة التيار الكهربائى لهذه الزينة.. الإدارة العامة لشرطة الكهرباء واصلت جهودها لضبط المخالفات فى مجال سرقة التيار الكهربائى، وقالت وفقاً لآخر احصائياتها إن الحملة التى شنتها أسفرت عن ضبط 5 آلاف، و127 قضية سرقة تيار كهربائى من خلال التوصيلات غير القانونية فى 24 ساعة فقط،  وتنفيذ 541 جنحة حبس.. لكن  ظاهرة سرقة التيار الكهربائى تعتبر أهم أسباب المشكلة، حيث تستهلك حوالى 12% من جملة الإنتاج الكلى للكهرباء فى مصر، وتكلف الدولة شهريا نحو 55 مليون جنيه.
بجوار محطة مترو» سعد زغلول «بوسط البلد انتشرت الزينة المعلقة بعواميد الكهرباء المنتشرة فى الشارع، تتدلى منها مصابيح مبهرة .. أما فى منطقة «بولاق الدكروري»  وفى أحد المقاهى يبتسم صاحبها، واضعاً كراسيه للزبائن ليلاً بعد انتهاء صلاة التراويح، ملقياً بأسلاك الكهرباء على فروع الشجرة لتوصيلها بأحد أعمدة الإنارة، فيزدحم المقهى بسبب مباريات كرة القدم الأجنبية التى يتزامن وقتها مع شهر الصيام، وبسؤاله عن فواتير الكهرباء وأسعارها لم يكترث، متسائلاً بأى صفة تسأل، فانتابه الشك ولم يرد، وينتشر حوله بائعو الفاكهة والخضار.
وتنتشر الظاهرة بداية من شارع رقم 10 فى بولاق، وحتى آخره، حيث أصبح مشهد امتداد الوصلات والأسلاك بين منتصف الشارع والمنازل وأعمدة الإنارة أمراً عادياً.
أعرب «على سعد»-  60 عاماً – من منطقة بولاق - عن استيائه الشديد من غلاء فواتير الكهرباء، قائلا: «حسبنا الله ونعم الوكيل لما تيجى فاتورة الكهرباء 200 جنيه، كل حاجه بقت أسعارها نار.. الكهرباء والميه والأكل والشرب حتى اللمون بقى بـ 30 و 40 جنيهًا، لمصلحة مين ده كله، وفين الرقابة وليه الحكومة عايزة تجوع الشعب؟ .. حرام عليكم قربنا نموت من غلاء الأسعار».
«سمير محمد»  35 عامًا - أحد سكان بولاق -  قال إن التكلفة العالية لتوصيل الكهرباء بالطرق القانونية، تجعلهم يلجأون إلى الحصول عليها بطريقتهم الخاصة.. وتابع: «المصيبة أن كل حاجة سعرها بيزيد ومش عارفين نعمل إيه؟»، ورفض توصيف مخالفة حصوله على التيار بأنه سرقة باعتبار أنه بالأساس له حقوق على الدولة فشل فى الحصول عليها بالطرق المتبعة.
الدكتور سامر مخيمر - أستاذ الطاقة خبير الطاقة النووية - قال إن الوزارة تدعى أن أحد أسباب عجز الكهرباء هى سرقة الكهرباء، لكن المشكلة لا تسمى سرقة بالمعنى المفهوم، كما تمتنع وزارة الكهرباء عن التوصيل بشكل رسمى، وأوضح أن الموطنين يلجأون للحلول العشوائية عندما يتعسر عليهم روتين وزارة الكهرباء وإداراتها، مضيفاً: فى النهاية الناس بتحل مشكلتها بالفهلوة، لتنتهى من الأزمة لأنه من الصعب الحياة بدون إنارة، فهى ليست مشكلة مواطنين ولكنها مشكلة حكومة دولة.
وأكد أن المحصلين هم أضعف فئة فى الوزارة، لعملهم تحت ضغط من القيادات التى تعلوهم، مضيفاً: الكثير منهم يزور فى قراءة العداد، وأغلب القراءات تكون بطريقة عشوائية، وتحسب عن طريق أرقام فى المتوسط، كما أن أغلب المحصلين لا يذهبون من الأساس كل شهر لقراءة العداد لكن تكون زيارته كل شهرين أو ثلاثة أشهر مع وضع أرقام بالكيلوات للقراءات بالمتوسط وليست صحيحة أو دقيقة، والعمل يسير بالإذعان وفى حالة رد فعل بوجود شكوى من العميل يكون الرد«ادفع ثم اشتكى»، واصفا إياه بلغة بلطجة الكهرباء.
ويقول أحمد عبدالرحمن خليل - موظف بشركة الكهرباء فى منطقة شبرا – إن الشركة وضعت تقنينًا مؤقتًا لسارق الكهرباء وعملت نظامًا اسمه الممارسة عن طريق مباحث الكهرباء وذلك يكون عن طريق فنى منتدب من الشركة للمباحث، برفقة فنى، لقياس الأحمال، ويضيف أن الممارسة تنقسم إلى قسمين، الأولى للمصانع والمحلات التجارية، والثانية للشقق السكنية، موضحاً أنه  تقنين داخلى من الشركة بعد رفض قرار مجلس الوزراء بتركيب الكهرباء للمخالفين والعشوائيات، وأكد أن نظام الممارسة  يتسبب فى إهدار كبير فى الكهرباء، لأن تقدير الأحمال يعود للفنى ومن الممكن شراء ذمته بالرشوة لتخفيض الأحمال خاصة المصانع والمنشآت التجارية، لكن الشقق السكنية مسعرة بدون معاينة، معتبراً أنه أكبر إهدار وظلم لبعض المشتركين لأنه يتم مساواة الجميع فى قيمة الممارسة.
وطالب بضرورة  تركيب العدادات الكودية للمخالفين والعشوائيات حتى يخرج العامل البشرى من التقدير، ويقف نزيف الإهدار للكهرباء، وأكد أن الشركة فى السنوات الماضية كانت قد تعاقدت على صفقة عدادات غير صالحة ولا تقوم بفصل العداد عن المشترك فى حالة انتهاء فترة الشحن، وبذلك المشتركون لا يقومون بالشحن وتستهلك بدون مقابل.
وبالاتصال بالدكتور محمد اليمانى المتحدث الرسمى باسم وزارة الكهرباء رفض الرد، بعد أن طالب بتأجيل الحديث عدة مرات، وبالاتصال  بالدكتور محمد سليم رئيس قطاع الرقابة بالكهرباء رفض الرد أيضاً.
أما الشيخ عبدالناصر بليح - مدير أوقاف الجيزة- فقال إن سرقة التيار الكهربائى حرام ويعتبر غلولًا، «ومن يغلل يأتى بما غل يوم القيامة»، وهو اختلاس من المال العام يعاقب سارق التيار الكهربائى يوم القيامة بالصعق لأن الجزاء من جنس العمل.