الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تجربتى مع عبدالله كمال

تجربتى مع عبدالله كمال
تجربتى مع عبدالله كمال




محمد عبد الشافى  يكتب:

يوم الاثنين 13 يونيو 2016 مرت علينا الذكرى الثانية على رحيل الكاتب الصحفى ورئيس تحرير مجلة وجريدة روزاليوسف الأستاذ عبد الله كمال؛ حقيقة عند كتابة هذا المقال سألت نفسى من عبد الله كمال؟ وأحاول أن أجيب عن هذا السؤال فى حدود تجربتى القصيرة والضعيفة جدا معه حيث إننى عملت معه ثلاث سنوات ونصف فقط ولم أكن قريبا منه وعلى هذا وفى حدود تجربتى معه أُجيب بأن عبد الله كمال كان «إنسان جميل وفارس نبيل» وإذا ما شرحت الشق الأول من العبارة وهو «إنسان جميل» أقول أن الناحية الإنسانية كانت تختلط بدمه فكم سمعت عن مواقفه الإنسانية فلا مريض إلا وكان يقف بجانبه وكم من زميل ساعده على الظهور والنبوغ فى المهنة وكم من زميل ساعده على تأسيس أسرة بمساعدته بفرصة عمل داخل مصر أو مساعدته فى السفر خارج البلد لم يمد أحد يده له وكف هو يده عنه ثم كان إنسانا بدرجة امتياز مع رجاله الذين يعملون معه وبخاصة المخلصون والأكفاء منهم فكان يقدرهم ماديا ومعنويا.
أما الشق الثانى وهو «فارس نبيل» فإن فراسته كانت فى قوته وحزمه فى إدارته وقراراته فيكفيه أنه أول رئيس تحرير فى مصر يتخذ قرارا باختيار كل صحفى فى جريدة روزاليوسف من الشباب الذين تدربوا وتتلمذوا على يديه دون سابق خبرة وجعل منهم كوادر تعتمد عليهم غالبية صحف مصر الآن لذا استحق وبجدارة لقب «أستاذ» وأيضا فراسته تتمثل فى مهنيته التى لا حدود لها فكان متابعا جيدا لكل ما يحدث من حوله فكنا نقرأ له يوميا ما لايقل عن صفحتين سواء فى الجريدة أو فى المجلة وكان يكتشف الأخطاء من بين السطور فيأتى بالمخطئ ولا يتركه إلا بعد محاسبته وكان جهده البدنى خارقا فكان لا ينام فكم من محرر قال لى بأنه كان يوقظه من نومه حتى يكلفه بفكرة موضوع ينفذها أو قضية مهمة يتابعها وكذلك فراسته كانت تتمثل فى إدارته الحازمة فكان الجميع يعدون له ألف حساب.
لكن فى هذا الشق أيضا ما أحب أن أؤكد عليه هو أنه كان فارسا نبيلا فى مبادئه فكان صاحب مبدأ وظل متمسكا به حتى وافته المنية فمبادئه التى كان يتبناها قبل ثورة 25 يناير ظل متمسكا بها ولم يتلون أو يغير منها رغم ما تعرض له من متاعب فكان صلبا لا ينكسر وهشا لايعوج فى مواجهة أى هيئة أو أشخاص حاولوا تهديده أو النيل منه كما أن كلامه وتصريحاته ظلت كما هى دون تغيير وآخر نقطة فى هذا الشق كانت نظافة اليد فلم نسمع عنه قط أنه اختلس أو ارتشى وكانت القضية الوحيدة التى ذكر فيها اسمه هى قضية هدايا الأهرام فكان أول من سارع برد هذه الهدايا.
أما الآن أتحدث عن تجربته معى كانت أول مرة رأيت فيها عبد الله كمال فى شهر أكتوبر من عام 1984حين كنا طلابا فى كلية الإعلام بجامعة القاهرة وكنا نتقابل على فترات متباعدة مع صديق عمرى الناقد الفنى ونائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر الأستاذ محمود عبد الشكور الذى كانت تجمعه بعبد الله كمال صداقة قوية وكان يحبه ويقدره بدرجة كبيرة فكانت تلك اللقاءات تجمعنا أثناء الدراسة، وبعد التخرج من الجامعة انصرف كل واحد منا إلى طريقه فى الحياة وفى عام 1991ذهبنا أنا ومحمود لزيارة عبدالله كمال فى روزاليوسف وكان وقتها مكلفا بملف من ملفات روزاليوسف الصحفية القوية آنذاك وطلب منى رقم تليفون أحد ضباط الرقابة الإدارية الذى كانت تجمعنى به علاقة وقتذاك ثم تفرقنا وفى عام 2003 وبعد مرور 12 عاما اتصل محمود بعبدالله وكان وقتها مديرا لمكتب جريدة الرأى العام الكويتية يطلب منه أن أعمل معه فى المكتب فرحب على الفور وذهبت وقابلته وعملت معه فكتبت سلسلة من الحوارات مع رموز مصر من الضباط الأحرار والوزراء السابقين وكانت سلسلة متميزة أعجبته فكان يعطينى قدرى ومكانتى فى المعاملة ولكن تعرضت لحادث وأُصبت بتمزق فى أربطة القدم وانقطعت عن الذهاب إلى المكتب وفى عام 2005 اتصلت به مع محمود كى أهنئه برئاسة تحرير مجلة روزاليوسف ومن بعدها هنأته بإعادة إصدار جريدة روزاليوسف فقال لى أنا موجود تعال لتعمل معى لكن وقتها كنت مرتبطا بالعمل مع الأستاذ عصام كامل وكان مديرا لتحرير جريدة الأحرار وقتها وكنت أعمل معه فى إعادة إصدار جريدة النور الدينية فاعتذرت لعبدالله.
أخيرا فى عام 2007 أيضا اتصل صديق عمرى محمود بعبدالله يطلب منه أن أعمل معه فلم يتذكرنى ولكن عندما ذهبنا أنا ومحمود ورآنى شدنى إلى أحضانه مداعبا لى ومعاتبا لماذا تركت مكتب الرأى العام وأنا كنت أقدر كتاباتك لأن يدك نظيفة فسأله محمود ماذا تقصد قال هو يكتب بشكل جيد وفى نهاية الجلسة طلب منى العودة لمقابلته يوم الأربعاء وبالفعل ذهبت فى الموعد فوجدت عنده الأستاذ محمد عبد النور والأستاذ حازم منير مديرا التحرير فوضع يدى فى يد حازم منير وقال له محمد يجلس معكم فى مكتبكم لحين نجد له مكانا يعمل فيه وبالفعل وبعد أسبوع جاءنى الأستاذ محمد عبد النور وأجلسنى على مكتب سكرتير التحرير ومن وقتها وأنا أعمل سكرتيرا للتحرير، فكان يتابعنى ويسأل عنى حين أغيب ويسألنى عما إذا كان هناك أحد يضايقنى فى عملى.
وفى عام 2010 تعرضت لأزمة وكان حلها فى يد محافظ القليوبية وقتها وعندما أبلغته بها اتصل على الفور بالمحافظ وتم حل المشكلة وظل يعاملنى أفضل معاملة وبعد أن ترك روزاليوسف كنت أتصل به وكان آخر ما قاله لى يا محمد لاتترك روزاليوسف فهذا مكانك ولاتتركه.
تلك تجربتى مع عبد الله كمال وهذا ما استخلصته منها «إنسان جميل وفارس نبيل» رحم الله عبد الله كمال رحمة تملأ ما بين السماء والأرض.