الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

قبل ما أجدادهم يمشوا!!

قبل ما أجدادهم يمشوا!!
قبل ما أجدادهم يمشوا!!




وليد طوغان يكتب:


التهليل بعد حكم تيران وصنافير مُلفت للنظر. الذين هللوا للحكم، وانصفوا القضاء المصرى، هم أنفسهم الذين وصفوا القضاء أكثر من مرة بما ليس فيه، وقالوا عنه ما لا يجوز، فى مناسبات تانية، وأحكام أخرى.
عندك مثلا أحكام التظاهر، عندك الأحكام ضد الإخوان، عندك اكثر من حكم، واكثر من موقف.
حاذر ان يغرك الناشطون. الارتياح فى أوساطهم بعد الحكم الأخير لم يكن لوجه الله، ولا كانت الدعوى المرفوعة أمام الادارية لوجه الوطن.
صحيح حق التقاضى مكفول، ولكل مصرى حقه فى اللجوء للقاضى، لكن هذا لا ينفى أن هناك من احترف التشكيك فى القضاء، ثم فى الوقت نفسه كان أن احترف اللجوء للقضاء، لإثارة الفتن، وإحداث القلاقل.
افرض كان حكم الادارية العكس؟ افرض ان الادارية العليا ألغت حكم أول درجة، وأصبحت اتفاقية تيران وصنافير واقعا ملزم للجميع؟
افرض مجلس الشعب أقر الاتفاقية، فخرجت من طور القرار الإدارى، لتطور الامر الواقع؟
لا تتصور ان الموضوع حق الوطن، وحق المصريين، لدى هؤلاء. فالذين يبدون حرصهم على «تيران وصنافير» صيانة لارض الوطن، هم أنفسهم الذين عارضوا، مثلا، علميات القوات المسلحة ضد الإرهاب فى سيناء صيانة لأرض الوطن!
الذين قالوا إنهم فداء للأرض المصرية، كانوا هم الذين يبحثون فى حقوق المحبوسين بأحكام قضائية، بتهم التخريب والهدم والحرق والثورة، بينما يتجاهلون يوميا أكثر من ضابط يقع شهيدا، وأكثر من جندى يسقط منفجرا بقنبلة صناعة محلية، دفاعا عن الأرض، وهم يتكلمون عن الحريات!
بعضهم يريد حريات على الكيف والهوى. نظرة بعضهم لمؤسسات الدولة تتنوع بين اليمين وبين الشمال، حسب المزاج و«المود».
على مواقع التواصل استغرب بعضهم نية الحكومة اللجوء للإدارية العليا طعنا على الحكم. الغرض كان الترويج لفكرة إصرار نظام 30 يونيو على «بيع الارض». آخرون روجوا للحكم باعتباره دليلا على «مصرية الجزيرتين»، كله هرى وكلام فى كلام، خرج بالمشكلة من تيران وصنافير، لأزمة اكبر.
الأزمة هى معركة الضرب تحت الحزام بين الدولة، ومن يضعون أنفسهم فى خانة «المعارضة». لاحظ ان الفارق الكبير بين معارضة نظام، ومحاولة إحداث شرخ فى مجتمع ما.
كثير من النشطاء اصابهم «الُسعار»، فلم يعد لديهم خطوط واضحة بين مفهوم الاختلاف السياسى، وبين مفهوم «التهييج الشعبى» وإثارة الفتن الاجتماعية، لإسقاط دولة.
بالمناسبة، حكم الادارية، لم يثبت جنسية الجزيرتين، لم يقل إنهما مصريتان، ولا قال إنهما سعوديتان. حيثيات الحكم قالت ان الحكومة المصرية تقاعست عن تقديم ما لديها من مستندات، فقضت المحكمة ببقاء الجزيرتين تحت السيادة المصرية. هناك من استغل الحكم بنيات ليست خالصة لوجه الله. هناك من اراد الاصطياد فى الماء العكر، لمآرب أخرى، ودوافع تانية.
قبل سنوات، استصدر بعضهم أحكاما بمنع تصدير الغاز لاسرائيل، النهاردة، الحكومة تبحث فى مفاوضات شاقة، ايجاد طريقة لاستيراد الغاز من اسرائيل!
قبل سنوات، استصدر أعضاء حركة 9 مارس حكما بإخراج الشرطة من الحرم الجامعى، الدكتور حسام عيسى عضو حركة 9 مارس عاد وطلب دخول الشرطة الحرم الجامعى عندما كان وزيرا للتعليم العالى!
ثق لو الإدارية العليا ألغت بطلان حكم «تيران وصنافير»، سيعود النشطاء للهرى والكلام الفارغ، وستجد الذين أشادوا بالقضاء المصرى الشامخ العادل، سيعودون للطعن فى سمعة كيان مصرى صميم، أُسس قبل ان يتعلم أجدادهم المشى!