الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رمضان فى عيون المبدعين 6

رمضان  فى عيون المبدعين 6
رمضان فى عيون المبدعين 6




كتب - إسلام أنور


يتميز شهر رمضان بطقوسه الخاصة على المستوى الدينى والاجتماعى والثقافي، وفى ظل الحضور الكبير لمفهوم الطقوس فى المجتمع المصرى على مدار تاريخه منذ المصريين القدماء وحتى الآن، روزاليوسف تحاور طوال أيام شهر رمضان مجموعة من المبدعين والمبدعات المصريين والعرب حول طقوسهم فى رمضان وكيف ينعكس رمضان على إبداعهم.


فى البداية يقول الروائى والطبيب أحمد عبد المنعم رمضان: «أستيقظ مبكرا بعد ساعات نوم قصيرة لأقضى النهار الطويل فى عملى بين المرضى والشكاوى والإشاعات، ثم أتتبع حركة الشمس البطيئة فى كسل وإرهاق حتى تتوارى مع صوت أذان المغرب،  تتكدس كل الأنشطة التى أمل فى فعلها فى الساعات السريعة الخاطفة بين المغرب والفجر، فتنقسم الساعات بين متابعة بعض المسلسلات التليفزيونية، وقراءات قليلة، ومشاهدة مباريات بطولة أوروبا، والتردد على المقاهى وأكواب الشاى والمياه الباردة... أشاهد هذا العام مسلسلين مأخوذين عن نصوص أدبية، أتابع باستمتاع مسلسل أفراح القبة عن رواية الأديب الكبير نجيب محفوظ، كما أشاهد مترقبا مسلسل «ونوس» المستوحى من فاوست. كذلك أتابع حلقات الموسم الثانى من برنامج بلال فضل «الموهبون فى الأرض» وعلى عكس المسلسلات، لا أفضل قراءة الروايات فى رمضان، لا يكون لدى الطاقة الكافية لمتابعتها، فاستعين بالقصص القصيرة أو ربما كتب السير أو المقالات، كما لا يمر رمضان دون قراءة ما تيسر من القرآن ومحاولة البحث فى معانيه. فبعدما انتهيت قبيل رمضان من قراءة الرواية الرائقة (حجرة على سطح) للكاتب الجميل جار النبى الحلو، والرواية المميزة (مقهى سيلينى) لأسماء الشيخ، أقرأ حاليا كتاب الفنان الرائع محمد خان (مخرج على الطريق)، بالإضافة للتنقل بين المجموعات القصصية الثلاث للقاص المتميز محمد الفخرانى. فى الثلث الثانى من رمضان غالبا ما أذهب فى زيارة إلى معرض الكتاب الذى يقام سنويا فى شارع فيصل على بعد خطوات من منزلى، لا أبتاع منه الكتب إلا نادرا ولكنى استمتع بصحبتها. بين كل فعل وآخر تكون قطع من الكنافة والقطائف وأطباق قمر الدين. وربما بشكل استثنائى فى هذا العام، فإننى سأضطر لتخصيص بعض من وقتى لمراجعة البروفات الأخيرة لروايتى الجديدة (رسائل سبتمبر) التى من المتوقع صدورها قريبا عن «دار توبقال».
ويضيف «بشكل عام أسعى دائما إلى تكرار نسخة متخيلة فى ذهنى عن رمضان، فأكل الأكل نفسه، أمارس النشاطات ذاتها، التقى الأشخاص أنفسهم، وأكرر المشاهدات المعتادة، ساعيا لإتمام الصورة المرسومة فى خيالى. وهنا أذكر ما كتبه الروائى محمد عبد النبى ضمن كتابته فى جريدة القاهرة «لقد كنا هنا من قبل، وسوف نرجع إلى هنا مرة أخرى، نقطة زمنية تُؤوينا وتلفنا بأمان الألفة، توهمنا بالاستمرارية والتجدد، مرتكزات هشّة مصطنعة، فى وجه التغيُّر والاضمحلال».
ومن جانبه يقول الشاعر السكندرى ميسرة صلاح الدين «نرتبط منذ طفولتنا ارتباطا وثيقا بالمناسبات، دينية كانت أو اجتماعية.. ننتظرها ونتجمل لها معنويا وماديا، ومع الوقت ترتبط معنا بحلو الذكريات وجمال الماضى. ولكنى اليوم عندما أنظر خلفى على الماضى الذى ذهب ولن يعود، وعلى المستقبل المختلف والعالم الجديد الذى بدأت ملامحه فى الظهور فى الوقت الذى قد أكون فيه قد بلغت من العمر العقلى والنفسى ما يؤهلنى للحكم بموضوعية على بعض الأشياء، و أمضيت فى أروقة الفكر والإبداع وقتا ليس بقليل قارئا وباحثا ورحالا مع الشعر والمسرح.. وأخيرا مغامرا فى طرقات الترجمة كتجربة جديدة أضافت لى الكثير والكثير. وإن كانت تجاربى الكثيرة، على تواضعها، قد كانت لها نتيجة واحدة.. فهذا أمر جيد.. ويمكن تلخيص تلك النتيجة فى عبارات قليلة بأن القيمة الحقيقة هى قيمة العمل، وأن الواجب والحتمى الذى لا فكاك منه هو العمل؛ العمل الشاق المضنى الغزير المحدد الهدف والرسالة والملامح.
ويضيف «لم يعد هناك وقت كثير لنضيعه، لقد أصبحت الشعارات التى تغذينا عليها منذ سنين عن أهمية العمل، والشعارات التى تم تلقينها قديما وحديثا عن تجديد الخطاب الدينى، أو تجديد الخطاب الثقافى واجبة التنفيذ. نحن فى مرحلة لا تتسع إلا للعمل، مرحلة مفصلية فاصلة فى أعمارنا، وفى عمر الوطن، لا وقت لنضيعه، لا نملك رفاهية التبذير، ولا وقت للمجاملات وللاحتفالات، وللعادات الاجتماعية التى تميل للإسراف والإهدار والمبالغة. بالطبع كان لى من العادات والطقوس التى كانت تصل لمرحلة القدسية فى الاحتفال وفى تناول الطعام، وفى ساعات الراحة كان الفانوس الملون عشقى، والحلوى والمشروبات الرمضانية زائر ذو طبيعة خاصة أنتظره على مدار العام.. لكنى ومن باب التمسك بالأمل وبالإخلاص فى محبة الوطن، وبالطبع على سبيل الرغبة فى تحقيق الذات وبلوغ الطموح الذى كلما اقتربت منه ابتعد، وكلما أزيلت عثرة أو ذللت صعوبة، أصبح الدرب أشد وعورة والوصول صعب المنال، قررت أن أغير عاداتى تماما هذا العام، وأرفع شعارا جديدا «لم يعد هناك مكان إلا للعمل».
وفى هذا السياق تقول الكاتبة رحاب إبراهيم «كلما نكبر تتعقد الأمور، وتتشعب الأفكار، أن تمسك بيقين ما يرضيك هو هدية كبرى، يقينى الآن أن الصوم نوع من التطهير للجسد، فكرة أن تنزع عن جسدك رفاهية ما اعتادها حتى كاد ينسى قيمتها، أن تقسو عليه قليلا، ليزداد شفافية، يقترب أكثر من تلك الأفكار الغامضة عن الروح والملكوت الأعظم، فكرة كهذه ربما تنطبق على مراسم الحج أيضا، الرحلة الشاقة للجسد بحثا عن خلاص الروح، فكرة ربما تكون جزءا أساسيا فى العقائد والأديان المختلفة، والتى أعتقد أنها جميعا فى الأصل دين واحد».
وتضيف «أجمل الطقوس تلك التى تذكرنى برمضانات بيت العيلة، أعيدها مع أبنائى قدر المستطاع، نقص ورق الكراسات القديمة شرائح طولية نلفها دوائر متداخلة لنصنع الزينة، أحب الزينة التقليدية والفانوس المعدنى بشمعة وألوان زاهية، لا أحب الزينة والفوانيس وارد الصين، بلاستيك معاد تدويره تماما مثل الكثير من  المشاعر، تأسرنى تواشيح الفجر بصوت نصر الدين طوبار، وقرآن المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت..أما التليفزيون فلا يجذبنى إطلاقا، خاصة مع كم الإعلانات المبتذلة التى ينفق عليها الملايين لتوبخ الناس على أنهم لا يزالون يتمتعون ببعض الصحة والحياة..وتدعوهم لتقديم التبرعات».
وتكمل رحاب «أمامى عدة كتب أتمنى الانتهاء من قراءتها قريبا: «ورد ورماد» رسائل محمد شكرى ومحمد براده، فن الحب لإيريك فروم، بالإضافة للكتب المهنية فى مجال عملى في، وخاصة تلك المتعلقة بالعنف الأسرى تجاه المرأة والطفل والمسنين».