الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د. سالم عبدالجليل لـ«روزاليوسف»: الدعوة فى رمضان أصبحت عبارة عن حالة من الهوس على الفتاوى الدينية فقط

د. سالم عبدالجليل لـ«روزاليوسف»:   الدعوة فى رمضان أصبحت  عبارة عن حالة من الهوس على الفتاوى الدينية فقط
د. سالم عبدالجليل لـ«روزاليوسف»: الدعوة فى رمضان أصبحت عبارة عن حالة من الهوس على الفتاوى الدينية فقط




حوار - ناهد سعد


أكد الشيخ سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق أن الدعوة فى رمضان اصبحت هوسًا على الفتاوى الدينية فقط لا غير، وأن المتكلمين عبر الشاشات والفضائيات لا يظهرون بأنهم بشر يخطئ  ويصيب ويتمسكون بآرائهم.
أضاف: إن التدين الحقيقى لا يمكن أن ينتج من خلال القنوات الفضائية، وأن المؤسسة الدينية تأثرت بما أصاب المجتمع، إلا أنه كان يجب عليها أن تعالج مشكلات المجتمع ولا تتأثر بها.
■ بداية  كيف ترى شكل الدعوة فى رمضان؟
- الدعوة فى رمضان للأسف عبارة عن حالة من الهوس على الفتاوى الدينية فقط لا غير و الجمهور على نوعين: جمهور مثقف أسئلته هادفة جيدة إلى حد كبير، وهناك عكس ذلك. للأسف غالبية الجماهير تسأل فى أسئلة مهمشة جداً ما يدل على أُمية دينية موجودة فى الأمة. أحيانا المتصل أو المتصلة تسأل بهدف الفضفضة.. كذلك المساجد فليس بها أئمة على القدر المطلوب من التأهيل لاستغلال ذلك الشهرالجليل لمواجهة الدعاوى الباطلة التكفيرية التى ظهرت مؤخراً.
■ أليست هناك مشكلة فى تدنى مستوى غالبية خطباء الأزهر؟
- لا يمكن أن نقول هذا الكلام بصفة عامة فكما يوجد خطباء غير متخصصين ليسوا على قدر من الثقافة والعلم والوعى إلا أن هناك من الأئمة والخطباء خاصة المعينين من وزارة الأوقاف بعض الأئمة أو الخطباء غير المؤهلين لكن الغالبية منهم بخير والحمد لله ووزارة الأوقاف اتخذت عددًا من الآليات لتجديد الخطاب الدينى وتطوير أداء الخطيب بشكل عام.. ففى الماضى كانت القوى العاملة تقوم بتعيين بعض خريجى الأزهر بغض النظر عن الكفاءة والرغبة والموهبة ومن عام 98 وحتى الآن لا يتم تعيين أى إمام إلاّ بعد اجتياز مسابقة و كنت أشرف على تلك الاختبارات التى كنت أتأكد من خلالها على مستواه العلمى إضافة إلى التدريب المستمر.
■ برأيكم.. لماذا تحول بعض نجوم الفضائيات الدينية خاصة المنتمية للتيار السلفى إلى شخصيات مقدسة لا يجرؤ أحد على نقدها؟
- هذا صحيح، لأن الشخص الذى ليس لديه وعى طبيعى أن يرى الشخص الذى على الشاشة هو الله، الله فى السماء وهو فى الأرض. وبالتالى يأخذ كلامه مسلماً، وما دونه باطلاً، والأمر لا يقتصر على التيار السلفى بل يمتد لغيره أيضاً، فقد وجدت شريحة جعلت من بعض من يدعون على أنفسهم «داعية» نموذجاً للعالِم الإسلامى الذى لا يمكن إطلاقاً أن يولد مثله، ولذا أنا أُعيب على المتكلمين عبر الشاشات أنهم لا يظهرون بأنهم بشر يخطئ  ويصيب. أنا شخصيا فى إحدى المرات اتصل بى شيخ يراجعنى فى مادة علمية كتبتها فى مقالة ويقول لى لماذا تضيق على الناس وتقول أن العقيقة لا يجوز فيها الاشتراك، بينما يجوز الاشتراك فى الأضحية؟ قلت هذا رأيى. قال»: ولكن هناك رأيًا آخر صحيحًا ومرجوحًا يجيز الاشتراك ويقيس على الأضحية قلت له شكرًا وبعدها تراجعت فى برنامجى وقلت بما قاله. فعندما نشعر الجمهور أنه يمكن أن نتراجع، فنحن نُربى الناس على التراجع وأن الشيوخ ليسوا آلهة أو معصومين. وأعتقد أن هذا يزيل جزئية التقديس للشخص وهذا ضرورى لجميع من يظهر على هذه القنوات.
■ كيف ترى دور المؤسسة الدينية فى الفترة المقبلة خاصة مع حالة الانفلات الأخلاقى المنتشرة فى الشارع؟
- المؤسسة الدينية عليها عبء كبير جدًا فهى المسئولة عن تثقيف جماهير الأمة بالثقافة الواعية التى تجعل هذه الجماهير تقف على أرض صلبة، فتستطيع التمييز بين ما هو صواب وما هو خطأ، بين ما هو نابع من ضيق أفق، وما هو نابع من اتساع أفق، المؤسسة الدينية تحاول إزاحة شبهة للأسف موجودة فى نفوس الكثيرين وهى أن المنتمى للحكومة مسيس ولا يؤخذ من كلامه، والمؤسسة الدينية عليها أن تتبنى عددًا من القنوات الوسطية وليس قناة واحدة والاستفادة من القنوات التليفزيونية الأرضية الحكومية الموجودة فى كل بلد. أيضا ضخ الكوادر الدعوية المتميزة، وصناعة نجوم كما صنعوا السلفيين نجومًا، كى ينشروا الفكر الوسطى.
■ القنوات الدينية هل كانت منتجة لحالة من التدين الحقيقى البناء أم لا؟
- لا شك أن التدين الحقيقى لا يمكن أن ينتج من خلال القنوات الفضائية، التدين الحقيقى فى تصورى إنما يؤسس من خلال الأسرة والمدرسة والمسجد ثم يأتى الإعلام كدور مساعد فى التثقيف والتوعية. ولو غابت الأسرة والمدرسة والمسجد يُصبح الإعلام مجرد تثقيف عام بالدين، وهذا التثقيف سيخضع لتوجهات هذه القنوات الدينية. فإذا كانت القناة توجهها وسطياً سيكون تثقيفا وسطيا، وإذا كان تعصباً سيكون تثقيفا تعصبياً، ولن ينشئ هذا التثقيف لا الوسطى ولا التعصبى تديناً حقيقيا، لأن التدين الحقيقى يحتاج تربية وليس فقط معلومات.
بمعنى أن الأب يربى ابنه على الصدق، والأمانة، والقيم، والسلوكيات الحسنة، المدرسة تقوم بهذا والمسجد يقوم بهذا لكن الإعلام متى يربي؟! الإعلام يضخ مادة علمية، ولذا أرى أن بعض القنوات الفضائية الدينية فى الآونة الأخيرة صنعت مثقفين دينيين، وساهمت فى نشر ثقافة دينية بشكل عام. كما أحدثت حِراكًا فى الثقافة الدينية لكنها لم تستطع إطلاقا خلق أو تكوين شخصية إسلامية أو تدين حقيقي.أعتقد أنه لكى تنشىء الشخصية الدينية تدينًا حقيقيًا يجب تعاضد جميع المؤسسات بداية من المؤسسة الصغيرة الأم وهى الأسرة ثم المسجد ثم الدراسة ثم الإعلام وبدون ذلك لا يمكن إنشاء تدين حقيقى.
■ ما تصورك لإعادة بناء المؤسسة الدينية لتقوم بدورها؟
- الخطاب الدينى المتشدد غير المتوازن السبب الرئيسى فيما وصلت إليه حال المؤسسة الدينية فى المجتمع، المؤسسة الدينية تأثرت بما أصاب المجتمع، إلا أنه كان يجب عليها أن تعالج مشكلات المجتمع ولا تتأثر بها، وللأسف القنوات الدينية الأكثر تشددًا كانت الأعلى صوتًا ولها الدور الفاعل فيما وصل إليه المجتمع إلى تطرف دينى وتدهور مجتمعى بالإضافة إلى سوء المناهج التعليمية التى تدرس سواء فى التعليم العام أو التعليم الدينى.. لذلك يجب مراجعة المناهج التعليمية العامة والدينية للوصول إلى مناهج تشجع المتلقى لها على التلقين بل على الخلق والإبداع والابتكار فى إطار تربوى معتدل. كما يجب عدم الاكتفاء بالمواجهات الأمنية فى مواجهة الأفكار المتطرفة والإرهابية، لتكن مواجهة الفكر بالفكر والحوار من أهم الطرق الناجحة فى مواجهة الأفكار الإرهابية.