الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خبراء: محاربة الفساد تتطلب حزمة إجراءات لاقتلاعه من جذوره بجميع القطاعات

خبراء: محاربة الفساد تتطلب حزمة إجراءات لاقتلاعه من جذوره بجميع القطاعات
خبراء: محاربة الفساد تتطلب حزمة إجراءات لاقتلاعه من جذوره بجميع القطاعات




كتب - أيمن عبدالمجيد

 

عكست تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من خطاب مؤخرًا، عزمه محاربة الفساد المستشرى فى قطاعات واسعة بالدولة، إلا أن خبراء رغم إشادتهم بتوفر الإرادة السياسية لمحاصرة الفساد، فإنهم يؤكدون أن الإرادة السياسية تتطلب حزمة إجراءات إضافية تشريعية واجتماعية لاقتلاع شجرة الفساد التى نمت على مدار عشرات السنين من جذورها.
ورغم تأكيدات الرئيس المتكررة على ضرورة محاربة الفساد الذى يمتد من استغلال النفوذ والسلطة لنهب المال العام، وكان آخرها التوجيه بإزالة التعديات على نهر النيل إلى الفساد المتمثل فى تقاضى أجر دون عمل بالقطاع الإدارى للدولة، إلى أن وزارات الدولة مازال بها من يتحدى ثورتى 25 يناير و30 يونيو اللتين رفعتا شعارات محاربة الفساد، فكان ضبط مستشار وزير الصحة الحالى متلبسًا بتلقى رشوة ممثلة فى شيكات بقيمة 6 ملايين جنيه من شركة توريد مستلزمات طبية نظير منحها عطاءات توريد منتجاتها للمستشفيات الحكومية، واقعة كاشفة لمدى تحدى الفساد فى أعلى مستويات الوزارات لما تعلنه الدولة من حرب على الفساد، ودليل يقظة أجهزة الدولة فى الوقت ذاته.
وفى السابع من سبتمبر 2015، فوجئ صلاح هلال وزير الزراعة السابق، بقوات الشرطة تلقى القبض عليه فى ميدان التحرير مهد ثورة 25 يناير، وعلى بعد عشرات المترات من مقر مجلس الوزراء الذى غادره قبل لحظات من ضبطه بعد أن أجبر على تقديم استقالته، لتكشف السلطات عن تورط الوزير فى تلقى رشوة هو وثلاثة من مساعديه، والتى حكم فيها عليه بالسجن المشدد 10 سنوات وهو ومدير مكتبه.
ويعرف الفساد دوليًا بأنه استغلال السلطة لتحقيق مآرب شخصية بالانحراف عن القوانين بإخضاع المصالح العامة لحساب المصالح الشخصية، ويتنوع الفساد بين مالى وإدارى إلى الفساد السياسى والاجتماعى.
وحققت مصر نجاحًا نسبيًا فى تحجيم الفساد السياسى، عبر إجراء انتخابات برلمانية نزيهة شكلاً وإن تخللها جرائم شراء أصوات الناخبين واستخدام سطوة المال للتأثير على إرادة البسطاء.
إلا أن الفساد الاجتماعى متمثل فى غياب معايير الكفاءة فى تولى المناصب لحساب الوساطة المحسوبية، وكذا ما تشهده امتحانات الثانوية العامة من تسريبات لبعض مواد الامتحانات تمثل بحسب مراقبين جرائم فساد بالغة الخطورة تقوض مبدأ التنافس القائم على الكفاءة، وتهدد مستقبل البلاد.
فيرى خبراء أن سلبيات الفساد ونتائجه لا تقل خطورة عن الإرهاب ما يتطلب وضع منظومة لمحاربته، يرى أن الفساد أخطر على الأمن القومى من الإرهاب، فتفشى ظاهرة الغش فى الثانوية العامة تهدد مستقبل الوطن، وتسمح بمرور محدودى القدرات الذهنية إلى كليات القمة على حساب أصحاب القدرات الأعلى تحصيلاً.
وترى المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية سابقًا أن الإرادة السياسية وحدها ليست كافية لردع الفساد بتنوعه وتفشيه، مضيفة لـ«روزاليوسف»: «تحجيم الفساد وتقليصة يحتاج إلى منظومة متكاملة، فالقضية أكبر من مجرد إرادة سياسية تطلق يد الأجهزة الرقابية وتمنحها حرية الحركة، كون الفساد ناتجًا عن تكون شبكات مصالح وجماعات ضغط وأصحاب نفوذ، واستغلال مسئولين وعناصر تلك الشبكات لمواقعهم لتحقيق مصالح بالمخالفة للقانون، يحمل الاقتصاد المصرى فاتورة كبيرة».
وتشدد الجبالى على أن مواجهة الفساد تتطلب: «إعادة صياغة البنية التشريعية ووضع ضوابط ملزمة بتنفيذ القوانين، ووضع خطط شاملة تكفل الفحص الشامل للمسئولين والقيادات الإدارية ومراقبة مدى تداخل مسئولياتهم مع مصالحهم، بحيث لا يسمح بتولى من تتعارض مصالحه مع مسئولياته بتولى المنصب».
ويشدد الدكتور عادل عامر خبير مكافحة الفساد والشفافية والحوكمة، على أن توافر الإرادة السياسية يستلزم إجراءات تطبقها الأجهزة الرقابية على الأرض لتحويل الإرادة إلى واقع، إلى جانب تفعيل التشريعات القانوية القائمة وعلاج ما يكتشف بها من ثغرات.
ويؤكد عامر أن مكافحة الفساد أكبر من أن تتم بقرارات فوقية، فالفساد بمختلف أنواعه بات ثقافة مجتمعية، تتطلب توعية ومكافحة مجتمعية، إلى جانب تشكيل لجنة لمكافحة الفساد بالبرلمان المصرى تتولى التنسيق مع الأجهزة الرقابية المعنية لتحقيق الهدف.
ويضيف عامر بل يجب وضع رقابة على عناصر الأجهزة الرقابية أنفسهم وعلى نواب البرلمان، فهناك نوع من الفساد خطير يقع فى براثنه المطلعون على خطط الدولة، يتمثل فى تسريب المعلومات الاقتصادية والتى تمكن من يحصل عليها من اتخاذ قرارات وإبرام صفقات تدر عليه أرباح خيالية.
ويشير عامر إلى أن تقوية الإعلام ومنحه حرية العمل وفق ضوابط الحيادية والقواعد المهنية يوفر سلطة شعبية رقابية على مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والأجهزة الرقابية نفسها بما يسهم فى محاربة الفساد، على أن يراقب ملاك وسائل الإعلام أنفسهم من الأجهزة الرقابية فبعضهم ينشئ وسائل إعلام لحماية مصالحه وتحقيق نسبة أمان تضمن عدم فتح ملفات فساده، بمعنى أن محاربة الفساد تتطلب منظومة يراقب كل من عناصرها الآخر وفق أطر قانونية لحساب المصلحة العامة للوطن.