الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المسجد الجامع

المسجد الجامع
المسجد الجامع




كتب: د.محمد مختار جمعة
المساجد بيوت الله، وعمارها زوارها، وحق على المزور أن يكرم زائره، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز: «فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ» (النور: 36-38).
وهذه البيوت يعمرها أهل الإيمان، وتتعلق بها قلوبهم، وجزاؤهم فيها خير الدارين، حيث يقول الحق سبحانه: «إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ» (التوبة : 18)، وحيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِى ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِى عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» (رواه البخارى)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» (صحيح مسلم).
على أن رسالة المسجد فى الإسلام تتجاوز كونه دار عبادة إلى ما هو أبعد من ذلك من جوانب علمية وثقافية وتعليمية وتربوية واجتماعية، وهو ما جعلنا نؤكد على إحياء فكرة المسجد الجامع، باختيار ألف مسجد جامع على مستوى الجمهورية كمرحلة أولى، بحيث يتم اختيار ألف إمام من أكفأ الأئمة وأكثرهم تميزًا والتزامًا بواجباتهم الشرعية والوطنية والمهنية الوظيفية، مع مجموعة متميزة من المعاونين، سواء من مقيمى الشعائر، أم المؤذنين، أم العمال، مع مجلس إدارة وطنى يعى معنى ومبنى رسالة المسجد الجامع.
على أن يقوم المسجد الجامع برسالته الدعوية والتربوية والتثقيفية من خلال خطبة الجمعة والدروس الأسبوعية المتنوعة، والندوات، والأمسيات الدينية، وإلى جانب ذلك نسعى أن يكون بكل مسجد جامع مكتب لتحفيظ القرآن الكريم، وفصل لمحو الأمية من خلال التعاون مع الهيئة العامة لتعليم الكبار ما أمكن ذلك، إضافة إلى مقارئ وحلقات القرآن الكريم، وتزويد هذه المساجد إما بمكتبات أو مجموعات من مطبوعات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية فى القضايا الحديثة والعصرية، وقد يتجاوز الأمر ذلك إلى دورات تدريبية نوعية فى المساجد الكبرى من هذه المساجد الجامعة .
وإلى جانب هذه الرسالة الدعوية، هناك رسالتان مهمتان:
الأولى: دور هذا المسجد ومجلس إدارته فى مجال البر والتكافل والتراحم، والعناية بالفقراء والأيتام والمحتاجين من أبناء المنطقة المحيطة بالمسجد، فديننا دين التراحم والتكافل، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (البقرة: 261)، وحيث يقول سبحانه: «الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» (البقرة : 271)، وحيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عبداً بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» (رواه مسلم)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَاد فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانَ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا؛ وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا” (صحيح البخارى) ”، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (متفق عليه).
الثانية: هى المشاركة المجتمعية والوفاء بحق المسلم على أخيه المسلم، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ» (صحيح البخارى)، وحيث يقول الحق سبحانه: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَان» (المائدة : 2)، إضافة مهام إصلاح ذات البين والصلح بين الناس والعمل على التأليف بين قلوبهم وإنهاء ما بينهم من عداوات أو شحناء.
وزير الأوقاف