الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مع أفراح العيد

مع أفراح العيد
مع أفراح العيد




أحمد عبده طرابيك  يكتب:

يأتى العيد فترتسم الفرحة والبهجة على وجوه المسلمين فى شتى بقاع الأرض، تتآلف القلوب وتلتقى على فرحة ذلك اليوم المبارك، وينعكس ذلك التلاقى فى العديد من مظاهر الحياة التى تدعو إلى السعادة والفرح والسرور فى ذلك اليوم الذى قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: «للصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، و فرحة حين يلقى ربه»، فمنذ أن بدأ الاحتفال بعيد الفطر المبارك فى السنة الثانية للهجرة لأول مرة فى التاريخ الإسلامى، تميزت أعياد المسلمين بأنها قربة وطاعة لله، ففيها تعظيم الله وذكره، مع إظهار الفرح والسرور على نعمة العيد ونعمة إتمام الصيام فى الفطر، كما يتحقق فى العيد البعد الروحى للدين الإسلامى، فيكون للعيد ما يجعل الناس جميعا يشاركون فى تحقيق هذه المعانى واستشعار آثارها المباركة ومعايشة أحداث العيد كلما دار الزمن وتجدد العيد.  
   كما تتجلى فى العيد الكثير من معانى الإسلام الاجتماعية والإنسانية، ففى العيد تتقارب القلوب على الود ويجتمع الناس بعد افتراق ويتصافون بعد كدر، كما يأتى العيد للتذكير بحق الضعفاء فى المجتمع الإسلامى حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت وتعم النعمة كل أسرة، ويتجلى المعنى الإنسانى فى الفرحة التى تعم جميع المسلمين فى وقت واحد فيظهر اتحادهم وفى ذلك تقوية للروابط الفكرية والروحية والاجتماعية.
فرحة العيد تتحقق بنشر السلام والمودة بين الأهل والأصدقاء، وتمتد لتشمل الجيران وكل من نتعامل معهم فى كل أمور حياتنا، وتستمر لما بعد العيد، ذلك السلام والوئام الذى افتقدناه بشكل ملحوظ، وافتقده الكثير من الأشقاء فى كثير من الدول العربية والإسلامية، فعودة لديننا ومبادئ الإسلام الذى يدعو إلى السلام والتراحم لنصنع لأنفسنا ومع إخواننا المسلمين وجيراننا من غير المسلمين السلام الذى يحقق الأمن والاستقرار للجميع.
فرحة العيد التى بشر بها رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - تكتمل باخراج زكاة الفطر، حتى ندخل الفرحة على كل محتاج فى هذا اليوم، لقوله - عليه الصلاة والسلام - «أغنوهم عن ذُلِّ السؤال فى هذا اليوم»، ونتعلم قيمة ذلك ليمتد أثره إلى كل أيام العام، فإذا ظهر فقير أو محتاج بين أبناء الأمة، فهذا دليل على أنه هناك تقصير فى إخراج الزكاة من قبل الأغنياء، فقد شرعت جميع أنواع الزكاة «المال، والزروع، والتجارة، وغيرها» كحق للفقراء فى أموال الأغنياء، وقد جعل الله تعالى ذلك كنظام تكافل يحفظ للجميع كرامته وعزته وحقه فى الحياة الكريمة.
نشعر بفرحة العيد ولذتها عندما تسود بيننا لغة وثقافة التسامح والمحبة والتراحم، التى غابت كثيرا عن مجتمعاتنا، رغم أن هذه القيم هى من أهم مبادئ ديننا الإسلامى الحنيف، ولذلك فإن الابتعاد عن تلك القيم السامية هو ابتعاد عن جوهر الدين، فالدين ليس عبادات وحسب، ولكن ديننا دين الرحمة والتراحم، ومن ثم يأتى العيد ليذكرنا بهذه القيم مرة أخرى، ويدعونا للتمسك بها بعدما ذقنا طعم الشقاء والحرمان من السعادة والفرحة الصافية بالبعد عنها.
الفرح والسعادة والبهجة والسرور كلها مرادفات لثقافة الشعوب التى تعيش فى سلام ووئام واطمئنان ورخاء، فصناعة السعادة والفرح ثقافة لابد لها أن تسود فى مجتمعاتنا، وخاصة أن ديننا وعقيدتنا الإسلامية تدعونا إلى السعادة فى الدنيا والفوز بنعيم الآخرة، كما يحسنا ديننا الإسلامى على أن نعمل ونسعى لإدخال السعادة والسرور على غيرنا بقدر المستطاع، سواء كانت مساعدة مادية أو معنوية أو حتى ابتسامة فى وجه الآخرين، لقوله - صلى الله عليه وسلم  : «تبسمك فى وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل فى أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك فى دلو أخيك لك صدقة»، فذلك هو جوهر الدين الإسلامى وسماحته.
أما عكس ذلك، من قتل وترويع وسرقة واستغلال النفوذ وتحقير الآخرين، وتحويل المجتمع إلى غابة يستبيح فيها الكبير الصغير، وينهش فيها القوى الضعيف، مجتمع يسوده الهموم والأحزان، والخوف والهلع على النفس والمال والعرض، فذلك شأن آخر بعيد كل البعد، ليس عن الدين الإسلامى وحسب، بل عن كل الشرائع، والفطرة الإنسانية السليمة، فلنجعل من العيد وفرحته فرصة لتغيير حياتنا إلى ما يسعدنا، ونسعد كل من حولنا بقدر المستطاع. دامت حياتكم مليئة بالسعادة والأفراح. وكل عام وأنتم بخير.