الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«رمضان.. شاهد شاف كل حاجة»

«رمضان.. شاهد شاف كل حاجة»
«رمضان.. شاهد شاف كل حاجة»




محمد عبد الشافى  يكتب:

المنجم يرتبط فى الأذهان باستخراج بعض خيرات الأرض وحصول النعمة والثراء، ويكون مختصًا بنوع واحد من تلك الخيرات، فكيف إذا احتوى على أكثر من نوع، وكلها غالية الثمن، عظيمة النفع؟! وكيف إذا كان استخراج تلك الكنوز سهلاً لكل واحد دون حاجة لتخصص دقيق، ولا جهد كبير؟! لا شك أن الجميع سيكونون حريصين على أن يكون لهم النصيب الأعظم منها.
المنجم أمام عينيك، وبين يديك، وهو طوع أمرك، ألست تراه؟ ألا تبدو لك كنوزه المتنوعة؟ ألا تغريك ثروته الغالية؟ انتبه.. ما لك؟!! ألا تُبصر الجموع الغفيرة تُقبل عليه وتأخذ منه؟ ألم يتكرر هذا المشهد أمامك كثيرًا؟! إنه منجمُ.. لا، لن أسمِّيه لك، بل سأنتقل إلى عرض بعض كنوزه فذلك أولى وأجدى.
■ كنز الفضائل والخصائص:
- مغفرة: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».
- تكفير: «فتنة الرجل فى أهله وماله وجاره، تكفرها الصلاة والصيام والصدقة».
- وقاية: «الصيام جنة، وحصن حصين من النار».
- مثوبة: «الصيام لى وأنا أجزى به، والحسنة بعشر أمثالها».
- خصوصية: «إن فى الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم».
- شفاعة: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة».
- فرحة: «للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه».
- تفرُّد: «عليك بالصوم؛ فإنه لا مثل له».
■  كنز الخلق والسلوك:
«المقصود منه السمو بالنفس إلى المستوى الملائكي، وصون الحواس عن الشرور والآثام، فالكف عن الطعام والشراب ما هو إلا وسيلة إلى كف اللسان عن السب والشتم، وإلى كف اليد عن الأذى، وإلى كف البصر عن النظرة الخائنة، وإلى كف السمع عن الإصغاء للغيبة والنميمة والقول المنكر».
«فألزمه - سبحانه - الصوم حتى إذا جاع وظمأ ذلّت نفسه، وأحس أنه - مهما أوتى -  فهو مسكين تُقعده اللقمة إذا فُقدت، وتُضعفه جرعة الماء إذا مُنعت، فيعترف بفضل الله عليه، ومتى عرف الله خافه، ومتى خافه استقام على الطريقة، وترك ما كان فيه من بغى واستطالة وعلو فى الأرض بغير الحق، وآثر رضوان الله على ترضية نفسه، وصار رسول رحمة وسلام لكل من حوله من أبناء الإنسانية».
■ كنز الإرادة والصبر:
«تلك الركيزة العظيمة التى عمل رجال الاجتماع وأصحاب التنظيم العسكرى على تقويتها فى المجتمع هذا الزمان، وقد سبقهم الدين الإسلامى على ذلك منذ أربعة عشر قرنًا تقريبًا، وما أحوج المسلم إلى أن يكون قوى الإرادة صادق العزيمة!»
«الصوم تقوية للإرادة، وتربية على الصبر، فالصائم يجوع وأمامه شهى الغذاء، ويعطش وبين يديه بارد الماء، ويعفُّ وبجانبه زوجته، لا رقيب عليه فى ذلك إلا ربه، ولا سلطان إلا ضميره، ولا يسنده إلا إرادته القوية الواعية».
■ كنز القوة والحرية:
«صوم رمضان من هذا الوجه إن هو إلا منهاج يتدرب به المرء على تحرير نفسه، والانسحاب بها من أَسْر المادة وظلمة الشهوة، ليحيا ما شاء الله فى ملكوت الحياة الحق، ويكون له ما شاء الله من خصائص الخير والفضيلة؛ فالحرية الصحيحة لا يذوقها ولا يقدرها إلا من حيى هذه الحياة».
■ كنز الذكر والدعاء:
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]، عن أبى هريرة، عن رسول الله قال: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم».
■ كنز الصلاة والقيام:
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، عن أبى هريرة عن رسول الله : «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».
■ كنز القرآن والتلاوة:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أيْ رب، إنى منعته الطعام والشهوة، فشفعنى فيه. ويقول القرآن: أيْ رب، منعته النوم بالليل، فشفعنى فيه، قال: فيشفَّعان».
■ كنز الجود والإنفاق:
عن ابن عباس - رضى الله عنهما- قال: «كان النبى أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه كل ليلة فى رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبى القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة».
■ كنز الرحمة والمساواة:
«رمضان الذى تتحقق فيه معانى الإنسانية، وتكون المساواة بين الناس، فلا يجوع واحد ويتخم الآخر، بل يشترك الناس كلهم فى الجوع وفى الشبع، غنيهم وفقيرهم، فيحس الغنى بألم الجوع ليذكره من بعد إذا جاءه من يقول له: أنا جوعان. ويعرف الفقير نعمة الله عليه، حين يعلم أن الغنى يشتهى - على غناه- رغيفًا من الخبز أو كأسًا من الماء».
■ إليك هذه الومضات أخى المسلم فهل استخدمتها لاستغلال تلك الكنوز؟
- هل أخلصت نيتك، واستحضرت عزيمتك، وزكيت نفسك، وطهرت قلبك؟
- هل بادرت بالتوبة، وأكثرت من الاستغفار، وأذرفت دموع الندامة؟
- هل حرصت فى الصلوات على التبكير وإدراك التكبير؟
- هل أخذت حظك من قيام الليل، ورفعت دعاء الأسحار؟
- هل أدمنت التلاوة، ورطبت لسانك بالقرآن، ونورت الليالى بالتجويد؟
- هل صلت رحمك، وعفوت عمن أخطأ، وخصيت بمزيد من الود والحب والوصل أهلك وزوجك وأبناءك.
- هل جعلت لنفسك مع أهل بيتك برنامجًا إيمانيًا لاغتنام الكنوز الثمينة؛ فجلسة للتلاوة، ووقت للقيام، وحلقة للذكر، وفرصة للدرس، ولا تنسَ أن فى الوقت بركة.
- هل حسبت زكاتك، واستعنت بإخوانك على وضعها فى مصارفها، وتوصيلها لمستحقيها؟
- هل تذكرت إخوانك المسلمين المضطهدين والمشردين والمظلومين فى بلدن العالم الإسلامى بالدعاء والنجاح مما هم فيه؟
 الآن.. أخى المسلم اسأل نفسك وحاسب نفسك ماذا جمعت من هذه الكنوز؟ بعد غد يرحل رمضان ليصعد إلى ربه ويقدم له سجلات الصائمين فكِسب من كَسبْ وخَسِر من خَسِر وبالطبع رمضان لا يكذب ولا يتجمل، وأكيد.. «رمضان.. شاهد شاف كل حاجة».