الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لغز تسريبات الثانوية

لغز تسريبات الثانوية
لغز تسريبات الثانوية




إبراهيم رمضان  يكتب:

تظل التسريبات فى مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة، لغزا يبحث عن حل، بعد أن طالت الجميع، بداية من تسريب المكالمات الشخصية، إلى تسريب الفقرات الحوارية مع شخصيات فى مناصب مهمة، إلى أن ظهرت هذه التسريبات بقوة فى امتحانات الثانوية العامة.
تسريب امتحانات الثانوية العامة، صارت مؤخرا لغزا كبيرا، والأخطر أن وزارة التربية والتعليم تعاملت مع هذه الظاهرة بمنتهى الأريحية، إلى أن كادت تسبب فى كارثة عندما قررت التعامل وإلغاء امتحان الديناميكا، وهو ما دفع عشرات الطلاب للتظاهر أمام الوزارة، فى واقعة مؤسفة فى تاريخ الوزارة وتاريخ التعليم المصرى.
إلا أن المحيّر فى الأمر، وبحسب المتابعة لما يجرى، فإن تسريب أسئلة الامتحانات يتم فى النصف ساعة الأولى، وهو ما يعنى أن هناك وقتا لإمكانية منح الطلاب امتحانا بديلا، وهو الأمر الذى يفعله بعض مدرسى المواد فى الامتحانات الشهرية التى يؤديها الطلاب، ربما يستصعب البعض هذا الأمر، ولكنه قد يبقَى أحد الحلول، بدلا من إلغاء الامتحان وإعادته، وتكبيد الدولة المزيد من النفقات فى عمليات النقل والتأمين، وغيرها، وما يترتب على ذلك من تعديل فى جداول المواعيد الخاصة بالامتحانات التى تلى هذا الامتحان.
لم تلجأ الوزارة لمثل حل الامتحانات البديلة، ولم تَطرح حلولا للمشكلة منذ بداية ماراثون الامتحانات، رغم تكرار ظاهرة التسريب خلال السنوات الماضية، إذن فهناك إصرار من جانب بعض المسئولين على استمرار هذه المهزلة، والدفع بالجميع إلى دائرة أخرى من الجدل، بل إن بعض مَن يدفعون بنا إلى مناطق مجهولة لديهم ترتيبات أخرى تخص العملية التعليمية، فى ضوء تنامى مَوجة السخط على كذبة «التعليم المجانى» التى نعيشها.
ربما تتفرق مسئولية تسريب الامتحانات فى نهاية الأمر بما يجعل من الصعب معاقبة أى مسئول عن تلك الكارثة، كما هو الحال فى معظم الحوادث الواقعة فى بَر مصر خلال السنوات الأخيرة، إلا أن هذه الكارثة ستظل سُبّة فى جبين المسئولين عن العملية التعليمية فى هذه المرحلة، وسيقف أمامها التاريخ كثيرا، ليذكر أن حكومةً ما فشلت فى تأمين امتحانات أهمِّ المراحل التعليمية الخاصة بأبناء وطنها.
إلا أن الأمر الذى لا بد وأن يحاسَب عليه وزير التربية والتعليم، هو تلك التأشيرات والاستثناءات التى قام بمنحها لأبناء أعضاء مجلس نواب ومستشارين، لنقل أبنائهم من لجان الامتحانات الأصلية إلى لجان امتحانات يُشاع عنها أنها مشهورة بالغش، كما حدث فى واقعة نقل 40 طالبا من لجانهم الأصلية بمحافظة أسيوط إلى لجان الامتحانات بمركز البدارى، وهو الأمر الذى يمثل إصرارا من الوزير على تزكية ظاهرة الغش الجماعى، على الرغم من أن الإجراء الطبيعى الذى كنتُ أتوقعه، أن يرفض الوزير هذه الاستثناءات، ويتخذ إجراءات تكفل إتمام الامتحانات بهذه اللجان بشكل يمنع أى حادثة غش.
ولعل هذه الواقعة هى الوحيدة التى تم تسليط الضوء عليها، إلا أننى أعتقد أن هناك عشرات الوقائع التى لم تصل تفاصيلها لنا معشر الصحفيين، ولم نتمكن من الحصول على المعلومات الخاصة بها، تؤكد أن هناك تخريبا ممنهجا لماراثوان الامتحانات، تكفى هذه التأشيرات لأن تكون قرينة لاتهام الوزير بالضلوع فى هذه الكارثة.
وربما إذا تم التحقيق بجِدية فى مثل هذه الوقائع مع المسئولين عن إدارة امتحانات الثانوية، ومع الوزير شخصيا، قد نكتشف وقائع جديدة، تؤكد أننا نحتاج إلى تغيير منظومة التعليم بما يمنع من تكرار حوادث الغش والتسريب، وهو أمر ليس بالصعب أو الغريب.