الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مفتى تشاد السابق: لا وجود لتضارب الفتوى فى بلادنا.. ولا نعرف الخلافات المذهبية

مفتى تشاد السابق: لا وجود لتضارب الفتوى فى بلادنا.. ولا نعرف الخلافات المذهبية
مفتى تشاد السابق: لا وجود لتضارب الفتوى فى بلادنا.. ولا نعرف الخلافات المذهبية




حوار ـ صبحى مجاهد


 ساهم أحمد طه مفتى تشاد السابق  فى نشر فكر وسطى مستنير خلال الفترات السابقة، حيث  تعلم فى كتاتيب تشاد منذ الصغر وظل فى حلقات العلم وذاع صيته حتى  وصل إلى منصب مفتى الدولة، وهو منصب رسمى ليس له راتب من الدولة، ولذلك فإن حياة مفتى الدولة هى حياة بسيطة لا تختلف عن بقية الأفراد العاديين فى تشاد.
وفى حوار مع مفتى تشاد  السابق أكد أن الدعاة فى تشاد يعملون تطوعيا بلا رواتب، وأن الدولة غير مسئولة عن مسار الدعوة فى البلاد لأن دستورها علمانى، وأن الشعب التشادى صوفى ورغم ذلك فلقد حارب من يريدون إقامة الموالد، كما أن الوهابية لم تنجح حتى الآن فى تشاد رغم كثرة الأموال التى تنفق، إلى غير ذلك من الأمور التى تحدث عنها مفتى تشاد فى سياق الحوار التالى:
■ نود بداية إلقاء الضوء على التعليم الدينى فى تشاد، وإلى أى مدى وصل؟
ـ التعليم الإسلامى داخل تشاد مبنى على النمط القديم من خلوات قرآنية كقنوات للتعليم ثم الحلقات العلمية التى تعقد غالبا فى المساجد والزوايا ويقودها شيوخ من العلماء ويدرسون العلوم الشرعية الفقه والتفسير والحديث واللغة العربية والعقيدة الإسلامية، ومازال هذا النمط هو السائد فى تعليم المسلمين فى القرى وغير المحافظات، أما فى المحافظات فتوجد مدارس رسمية طبقا للنمط الحديث، سواء حكومية أو أهلية، أما المعظم فمازالوا يعتمدون على الخلوات والحلقات القرآنية، وحلقات العلم فى المساجد، فعندنا الحلقات القرآنية الأساس فى التعليم الدينى، وعندما يكون هناك شخص له مقدرة مادية فيقوم بعمل حلقة قرآنية فى بيته.
أما المرحلة الجامعية فالطالب عندما يبلغ خمس سنوات يدرس فى المدارس لكن هذا النوع غير متوافر للجميع نتيجة  للحالة المادية وكذلك البعد الجغرافى، وصعوبة الانتقال، ولذلك فنسبة التعليم الرسمى لا يتجاوز حوالى40%، ونصف هذا التعليم هو دينى، وهناك تعليم دينى جامعى تمثله جامعة الملك فيصل الإسلامية التى بها كليات للغة العربية والحقوق والقراءات .
■ ما دور المنظمات الإسلامية فى تشاد؟
ـ المنظمات الإسلامية دورها كبير لأن تشاد دستورها علمانى فلا يعيطك ولا يمنعك، فالدولة لا تعطى اموالا للدعاة والدعوة ، لكنها لا تمنع اخذ الأموال من المنظمات الإسلامية،  ولذلك فدور تلك المنظمات فى تشاد حيوى يتمثل فى بناء المساجد وتأسيس المدارس الأهلية والخلوات القرآنية وحفر الآبار، وهناك عدة منظمات نشطة فى تشاد منها المنظمة الكويتية « الهيئة الخيرية الإسلامية بالكويت»، وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية الليبية حيث كفلت 600 معلم للقرآن واللغة العربية لأكثر من عشر سنوات ، وكذلك منظمة الدعوة الإسلامية السودانية فلها مكتب دائم فى تشاد بجوار جامعة الملك فيصل.
المشاركة السياسية
■ مرت تشاد بالعديد من الظروف السياسية، وكان الحكم غير مستقر فنود التعرف على  مظاهر مشاركة المسلمين فى نظام الحكم بتشاد، وإلى أى مدى وصلت؟
ـ الديمقراطية فى تشاد تعد وليدة العصر الحالى حيث مرت تشاد بحكومات ديكتاتورية، وسيادة الحزب الواحد استمرت عشر سنين، ولم تعرف الأحزاب إلا بتولى الرئيس الحالى أدريس ديبى إتنو الحكم ، حيث أسس المؤتمر الوطنى للم شمل المواطنين، وغير من دستور البلاد  قريبا،  وأصبح لدينا 120 حزبا فى تشاد، والحزب الحاكم هو جبهة الإنقاذ الوطنية.
أما المسلمون فهم أساس الحكم فى تشاد حيث إن الإسلام دخل تشاد عام 46 هجرية على يد عقبة بن نافع قبل أن يذهب إلى تونس، حيث كان يحكم تشاد مملكة كانم الوثنية، واستمر الإسلام طواعية وانتشر بتشاد حتى الآن، وما من  يوم  جمعة يمر إلا دخل الإسلام عشرات وربما المئات خاصة فى الجنوب فقرى بأكملها تسلم وحتى قساوسة فى الكنائس يسلمون،  فتغلق كنائس ويبنى مكانها مساجد، والمسيحيون لا يتعدون 15% فقط  من تعداد السكان،
وأصبح المسلمون هم الأغلبية ويصل عددهم 85% وليس كما يذكر فى الانترنت بأنهم من 40 إلى 60%، ويقومون بمشاركة عملية فى السياسة حيث قاموا بالتصويت على تغيير الدستور من خلال استفتاء شعبى جعل اللغة العربية لغة رسمية، كما يمثلون الأغلبية فى الأحزاب المختلفة.
■ ما أكثر الدول  الداعمة للمسلمين فى  المجتمع التشادى؟
ـ منذ أن أسست الثورة هناك دولتان فقط يدعمان تشاد  هما ليبيا والسودان، فالسودان تمنحنا الأرض، وليبيا تمنحنا المال والسلاح إلى أن وصلنا إلى إزاحة المسيحية  من السلطة، ونقلها إلى أيد المسلمين.
دعوة مجانية
ـ إذا انتقلنا إلى الدعوة فى تشاد، نود التعرف على كيفية مسار الدعوة الإسلامية فى تشاد؟
■ تشاد كانت قبل عشرين عاما ليس بها أى جهة  تختص بمسألة الدعوة الإسلامية، ولكن عندما جاء الرئيس إدريس ديبى إتنو تم تأسيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وهو بمثابة وزارة أوقاف، وهذا المجلس له فروع فى كل المحافظات والمقاطعات فلدينا 225 مقاطعة، و53 محافظة، و22 ولاية، وكلها بها فروع للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
وكانت المساجد قبل أربعين عاما فى العاصمة إنجمينا أربعة مساجد أما الآن فبها 465 مسجدًا، أما تشاد كلها فهناك مساجد كثيرة لا يمكن أن نحصيها.
■ ماذا عن حال الدعاة ماديا؟
ـ الدعاة الموجودون فى المساجد الدولة غير مسئولة عنهم ماديا والعمل بالدعوة والمناصب الدينية فى تشاد كله  تطوعى، فأنا كمفتى للدولة وقاض فى الأحوال الشخصية ليس لى راتب بحكم الدستور، وأعيش منذ صغرى على التجارة، فالمناصب الدينية ليس لها رواتب ولا رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ونأمل تغيير هذا الوضع، خاصة أن رئيس الدولة بدأ الانتباه لمسألة الدعوة فبنى مسجدًا كبيرًا فى كل محافظة بلغوا حتى الآن عشرين مسجدا، وبدأ يساعد الأئمة لكن بدون راتب.
التشدد والتطرف
■ عانت كثير من الدول ظهور فئات متشددة دينية، فهل تمر تشاد بمثل هذا الأمر؟
ـ التطرف والتشدد موجود فى كل مكان حتى عندنا فى تشاد رغم الظروف المادية الصعبة، إلا أنه لا يأخذ نفس الشدة التى نسمع عنها فى  الدول الأخرى كنيجيريا التى يسبب التطرف  الدينى فيه إلى حروب وسفك دماء، ونواجه التطرف بالتصدى له بالعلم.
■ ما مظاهر التطرف التى ظهرت فى تشاد؟
ـ الشعب التشادى بطبيعة الحال صوفى منذ مئات السنين ، لكن جاءت الدعوة الوهابية مؤخرا وسببت الخلافات بين المسلمين،  حيث إن الشعب التشادى صوفى وتابعون  للطريقة التيجانية.
أما الفكر المنحرف فلم يظهر فى تشاد إلا من خلال أناس انشقوا وأسسوا طريقة تسمى «الفيض الجارى» وبدأوا يقومون بأفعال مخالفة  للشريعة وأقاموا الموالد التى يرقصون فيها،  وما وجدوا إلا الأطفال واناسًا جهالاً، فواجهنا تلك الطريقة، وقررت الدولة حظر تلك الطريقة.
■ ماذا عن وجود الوهابية فى تشاد اليوم؟
ـ الوهابية مازالت موجودة وتحاول الانتشار لأن معها المادة، وبعض المنظمات الخيرية  تحاول نشرها من خلال الأعمال الخيرية، ومن أجل المادة قد يتبع اناس الوهابية، لكنها لم تدخل فى قلب احد، والاعداد التابعين لها قليلين.
■ هل يوجد فى ظل هذا تضارب فى الفتوى؟
ـ تشاد لم تعرف يوما التضارب فى الفتوى أو الخلاف المذهبى حيث إن المجتمع التشادى كله يؤمن بالمذهب المالكى.
■ بماذا تنصحون الدول التى تعانى من تضارب الفتوى؟
ـ كان لى شيخ فى الأزهر هو الدكتور مصطفى الشكعة لديه كتاب «إسلام بلا مذاهب» وفيه عالج قضية الانقسامات وكيف أن الإسلام واحد والمذاهب ما هى إلا وسيلة للوصول لأفضل عبادة لله وليس للتناحر بها، ولابد من نشر الوعى فى دولنا الإسلامية بالأمر الإلهى للمسلمين بعدم التفرق والتناحر حيث يقول: «ولا تفرقوا فتفشلوا وتذهب ريحكم»، فالتضارب والتعصب المذهبى يؤدى إلى عدم الاحترام بين الطوائف الدينية.
■ فى أى الموضوعات تفتى بها فى تشاد؟
ـ انا افتى فى قضايا الأحوال الشخصية  «الطلاق والنكاح والميراث» ولا نفتى فى أى موضوعات سياسية إلا فى الحلال والحرام، كما أننا مسئولون عن رؤية رمضان، فنحدد رؤية هلال رمضان بأى دولة إسلامية وثبت لديها شرعا  رؤية الهلال فنحن نصوم معها، ولا نأخذ بالأمور الحسابية، ونتمنى لو أن الدول الإسلامية جميعا تصوم فى يوم واحد لأن هذا هو الأصل.