الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

جريدة "تبسط" الحكومة لن أدخل الحارة "3"




‬قبل ما يزيد علي الشهرين قال مسئول معروف في جريدة المصري اليوم لشخصية برلمانية مصرية مرموقة‮.. ‬يكتب مقالا أسبوعيا في نفس الجريدة‮: (‬ابسط يادكتور‮.. ‬ادينا سلمنا أيمن نور والإخوان للحكومة علي طبق فضة‮.. ‬تعرف أي جريدة حكومية تعمل زي ما عملنا‮). ‬الاقتباس طبق الأصل‮.‬

‮ ‬وفي الشرح أقول إنه‮ (‬مسئول التحرير‮) ‬يقصد ما كتبه هو شخصيا وخرج يدافع عنه في التليفزيونات حول موضوع أيمن نور مع زوجته الذي أثر كثيرًا في سمعته السياسية‮.. ‬إذ كانت الجريدة هي التي كشفت قصة الانفصال العائلي‮ ‬غامض الأسباب حتي الآن بينهما.وفيما يخص الإخوان فإنه يقصد‮.. ‬ما كان قد قاله لي من قبل أحد ملاك الصحيفة‮. ‬حول أن الجريدة هي التي كشفت ميليشيات الإخوان‮.. ‬ثم ما قاله شخص آخر من أن نفس الجريدة قد جعلت برنامج حزب الإخوان سيفًا عليهم وليس في يدهم‮.. ‬وخسروا بسبب ما تفعله الجريدة الكثير‮.‬

‮ ‬وبقدر ما تحمل هذه العبارة التي قالها مسئول عن تحرير الجريدة من معان‮.. ‬راغبًا في أن‮ (‬يبسط الدكتور والمعسكر الذي ينتمي إليه‮).. ‬تناقض الواقع الحقيقي للجريدة التي أصبحت صوت المعارضة الوحيد في مصر تقريبًا‮.. ‬إذا ما صنفنا جريدة الدستور علي أنها لا تعبر عن المعارضة وإنما عن فيلق راديكالي لا تأثير كبيرًا له في الشارع‮.‬

‮ (‬المصري اليوم‮) ‬نموذج للتناقض الفج،‮ ‬والتخبط في التيه،‮ ‬وبكونها جريدة قامت في الأساس علي منهج وتعضيد مشروع‮ (‬الشرق الأوسط الكبير‮) ‬وبرامجه المتنوعة،‮ ‬وقاعدته الأساسية هي الفوضي الخلاقة،‮ ‬كانت ولم تزل الجريدة التي تدعي أنها مستقلة في حين أنها تتبع الملكية الخاصة ماليا‮.. ‬وتتبع منهجًا معروفًا منذ أكتوبر ‮٥٠٠٢.. ‬يقوم سياسيا في الأساس علي تجميع كل أشلاء المعارضة المصرية‮ ‬غير المنظمة في الداخل والخارج والتعبير عنهم وبلورة رسالتهم وإعطائها الأولوية الأولي في النشر‮.. ‬بحيث يمكن أن نعرفها بأنها‮ (‬جريدة المعارضة الأولي في مصر‮) ‬إن لم تكن الوحيدة‮.‬

‮ ‬ولا أقصد بالطبع هنا المعارضة القانونية الساعية إلي أن تنال فرصة عبر الديمقراطية‮.. ‬وإنما كل أشكال المعارضة التي تؤدي إلي الإخلال ببنية النظام وتركيبة الدولة واستقرار المجتمع‮.. ‬ويمكن الرجوع إلي كل الأحداث التي شهدتها مصر في السنوات القليلة الماضية وسوف نكتشف أن المصري اليوم كانت ظهيرها الأول ومنبرها الأساسي‮.. ‬ولم تدعم أبداً‮ ‬أي معارضة قانونية‮.‬

‮ ‬إن أول مادة نشرت عن الادعاء بتزييف الانتخابات،‮ ‬وبما في ذلك دائرة‮ (‬الشخصية البرلمانية‮) ‬التي قيل لها إن الجريدة قد سلمت الإخوان للحكومة،‮ ‬كانت في صدارة الجريدة‮.. ‬ورسالة نهي الزيني‮ ‬غير المدققة لم ينسها أحد‮.. ‬وقد اعتبرتها‮ (‬المصري اليوم‮) ‬سبقًا كبيرًا‮.. ‬وكل بيانات الإخوان منذ الانتخابات البرلمانية السابقة وكل تعليقاتهم وكل ندواتهم تنشر بانتظام في الجريدة وتروج لها‮.. ‬وصولاً‮ ‬إلي حد تعيين صحفيين إخوان في الجريدة يقومون مباشرة بنقل أخبار الجماعة المحظورة‮.‬

‮ ‬وتحت هذا السقف فإن الجريدة كانت المنبر الأول لحركة كفاية والمنبر الأهم لكل الحركات النابعة تحت نفس العنوان والمساحة الإعلامية الأهم التي نشرت كل ما يساند تأليب القضاة في أزمتهم الشهيرة وصولاً‮ ‬إلي تشويه الفريق الجديد الذي قاد نادي القضاة في الانتخابات الأخيرة وتصريحات الفريق الجديد قبل أيام تقول ذلك‮.. ‬وكانت المنبر الأهم لتسخين كل الاعتصامات والإضرابات ودعوات العصيان وبما يتخطي الدور الصحفي إلي دور الشريك السياسي المستمر لهذا النوع من المعارضة حتي اليوم‮.. ‬وسوف يكون هناك دليل موثق تنشره‮ ‬روزاليوسف ‬تفصيلاً‮ ‬علي حلقات‮.‬

وكانت الجريدة ولم تزل هي المنبر الأساسي لكل الأسماء التي عضدتها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش،‮ ‬وعلي رأسهم الدكتور سعد الدين إبراهيم وله مقال أسبوعي فيها،‮ ‬وأيمن نور‮.. ‬وكانت الجريدة المنبر الأول له ولزوجته المنفصلة عنه‮.. ‬ألم تكن المصري اليوم هي التي قالت أن جميلة ستبيع السيارة المرسيدس لكي تجد ما تأكل به؟‮.. ‬وبحيث يمكن القول إنه لولا الجريدة ما كان أيمن نور قد حظي‮ ‬بالهالة الكاذبة التي أحاطت به‮.. ‬قبل أن تذهب الجريدة للتضحية به وفق ما قال مسئولها إلي الشخصية البرلمانية المذكورة‮.‬

‮ ‬أكثر من متغير أدي إلي حدوث ارتباك في بنية المضمون الذي تبيعه الجريدة وعلي أساسه تقدم نفسها‮.. ‬الأول هو أن برنامج الرئيس بوش سقط ولم يعد له وجود‮.‬

‮ ‬والثاني هو أن وجودها في الساحة أنشأ لها علاقات مع عديد من الأطراف المحسوبة علي الحكومة بما في ذلك‮ ‬عدد من الوزراء‮.. ‬وقد راحوا يستخدمونها وتستفيد منهم‮.. ‬ودخلت بينيا في تصفيات سياسية وصحفية متنوعة‮.. ‬بعضها يعرفه ملاك الصحيفة وكثير منها لا يعرفون أبعاده‮.. ‬لأنه‮ ‬يخضع لحسابات مسئولين في الجريدة ولأغراضهم الشخصية‮.‬

والمتغير الثالث هو أن الملاك الذين دفعوا إلي تأسيس المشروع تبينت لهم سلطة الصحافة وتأثيراتها علي مسار أعمالهم بالسلب والإيجاب‮.. ‬فأصبح علي الجريدة أن تقوم بالتخديم علي هذا‮.. ‬وفي ذلك تلحظ توجهاتها في مجالات الطاقة والزراعة والاتصالات والعقارات وغيرها‮.‬ ‮ ‬
وبين الصيغة السياسية للجريدة التي تقدم بها نفسها للقارئ،‮ ‬ولو حادت عنها سوف يتركها،‮ ‬والمصالح الاقتصادية للملاك‮.. ‬نشأت معضلة‮.. ‬أضيفت إليها معضلة أخري تتعلق بمصالح‮ ‬غالبية الصحفيين وعلاقاتهم‮.. ‬ولكن تلك قصة أخري‮.‬

وأواصل‮ ‬غدًا‮ ‬ ‮ ‬
الموقع الإليكتروني‮: ‬ www.abkamal.net

البريد الإليكتروني‮ :‬ [email protected]