الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

لعنة الصيف تطارد المزارعين فى «طحانوب»

لعنة الصيف تطارد المزارعين فى «طحانوب»
لعنة الصيف تطارد المزارعين فى «طحانوب»




القليوبية ـ حنان عليوه

كارثة حقيقية تشهدها قرية «طحانوب» التابعة لمدينة شبين القناطر بمحافظة القليوبية، مع حلول موسم فصل الصيف من كل عام، حيث يعانى مزارعو القرية من انعدام مياه الرى بالترع الفرعية، وإلقاء مخلفات الصرف الصحى بها، حتى أصبح الحصول على قطرة مياه حلمًا بعيد المنال يراود أهل القرية، بعد تجاهل مسئولى الرى والزراعة لشكواهم المتكررة، فضلا عن أن الفلاحين يعانون من مشاكل أخرى تتضمن تهريب الأسمدة وتوزيعها حسب الوساطة، علاوة على انشغال مسئولى الجمعية الزراعية بتجارة الأجهزة والأدوات المنزلية تاركين مهامهم فى الإرشاد الزراعى وحل مشاكل المزارعين.

رصدت «روزاليوسف» معاناة المزارعين فى الحصول على المياه لرى الأراضى الزراعية، وارتفاع أسعار البذور، فى ظل انهيار تام للخدمة، ما يهدد أراضيهم بالجفاف وتعرضها للبوار بسبب العجز الصارخ فى المياه والأسمدة، واعتمادهم على المياه الجوفية ومياه الصرف الصحى، الأمر الذى ينذر بكارثة فى القليوبية.
فى البداية يقول، أحمد السيد، مزارع، ولديه ١٥ فدانا: إن الترعة العمومية «دير الناحية» بقرية طحانوب كانت تخدم أكثر من ٨٠ فدانا، بداية من ترعة محمد على وحتى ترعة السكة الحديد، إلا أن المياه لم تصل إلى أراضينا وعندما قمنا بمخاطبة المسئولين بالجمعية الزراعية، أكدوا أنه ستتم مخاطبة الرى لحل الأزمة، ولم يأت رد حتى الآن.
ويلفت صبحى الشحات، مزارع ولديه فدانان، إلى أنهم يعانون من أزمة وصعوبة فى وصول المياه منذ حوالى ١٠ سنوات، منوها إلى أنهم عندما تقدموا إلى وزارة الرى بطلب لتطهير الترعة، قالوا: إن الترعة ليست مجدولة للتطهير، وعندما طالبنا بحضور كراكة لتطهيرها بالجهود الذاتية، على أن تكون عملية التطهير تحت إشراف الري، لم نجد أى رد، مستنكرا إهمال المسئولين والضرب بشكواهم عرض الحائط، قائلا: «الزراعة بشبين القناطر موت وخراب ديار».
ويشكى محمود مسلم، مزارع ولديه ٥٠ فدانا، قائلا: إننا نتعرض لخسائر فادحة نتيجة ندرة المياه التى تؤدى إلى تدمير الإنتاج وتلف الزراعات والمحاصيل التى تم انتظارها عدة أشهر، ناهيك أنها كبدتنا مبالغ طائلة تصل إلى آلاف الجنيهات لنمو المحصول، حيث تكون المحصلة صفرا، الأمر الذى يعرضنا إلى خسائر بالجملة وتراكم الديون علينا بسبب تعرض الأراضى للجفاف، خاصة فى فصل الصيف.
ويضيف سلامة أبوقدح، مزارع: إن المشكلة تتمثل أيضا فى تدنى أسعار المحاصيل وارتفاع أسعار الأسمدة فى السوق السوداء، والتقاوى والخدمة الزراعية، إلى جانب عدم توافر مياه الرى، ما أدى إلى ترك الكثير من الفلاحين الأراضى دون زراعة، وتهديد المسئولين بتحرير محاضر بوار بسبب تركها إهمالهم فى ظل تعرضهم للخسائر.
ويكشف جعفر محمود، أحد المزارعين المتضررين، ولديه ٥ أفدنة، عن وجود تلاعب فى صرف الأسمدة للمزارعين، حيث إنهم يستلمون على الفدان ٣ أو ٤ أجولة أسمدة من الجمعية لمحاصيل الخضروات، فى حين أن الحصة المخصصة ٦ أجولة، حيث يتساوى محصولا الذرة والقمح بالخضروات بالمخالفة، وكان من المفترض أن يتم التوزيع حسب نوع المحصول، متهما مسئولى الجمعية بتهريب الأسمدة وتوزيعها للأقارب وأصحاب المعارف، حيث يحصل المزارع عليها فى السوق السوداء بأسعار ما بين ١٧٠ : ١٨٠ جنيهًا، فى الوقت الذى لا يتجاوز أسعارها فى الجمعيات الزراعية الـ105 جنيهات.
ويقول إبراهيم محمد، أحد أهالى طحانوب، ويمتلك 4 أفدنة: إننا أرسلنا عدة شكاوى للجمعية الزراعية، ومديرية الرى ومحافظة القليوبية، لكن دون جدوى، مؤكدا أنهم على استعداد للمساهمة بالجهود الذاتية فى تطهير الترع، شريطة أن تتم العملية تحت إشراف مديرية الرى بالقليوبية، منوها إلى أن أهالى قرى مركز شبين يشكون من الانقطاع المستمر لمياه الرى منذ سنوات، ما أدى إلى جفاف المحاصيل وأصبح السباق بين الفلاحين فى الحصول على مياه الصرف الصحى لإنقاذ المحاصيل، التى تصيب المزارعين بالأمراض، فضلًا عن إصابة النبات بأمراض تنتقل إلى الإنسان والحيوان.
ويشير على أبو سيد، أحد المزارعين، ولديه ١٠ أفدنة، إلى أن أكثر من ٨٠ فدانًا مهددة بالبوار بسبب عدم وصول مياه الرى لهم نتيجة ردم الترع وعدم تطهير المراوى من قبل وزارة الرى، ما دفع الفلاحين إلى اللجوء إلى الرى بمياه الصرف الصحى التى تؤدى إلى تلف بعض المحاصيل، فضلا عن أن هناك من لجأ إلى المياه الجوفية من خلال الطلمبات الارتوازية لرى الأراضى.
ويؤكد عبدالله عبدالعاطى، مزارع ولديه ٦ أفدنة، أن ضعف مياه الرى يتسبب فى تلف وهلاك المحاصيل، وارتفاع نسبة ملوحة الأرض الزراعية، وعدم صلاحيتها للزراعة، كما أن عدم وجود رقابة أدى إلى قيام بعض الأهالى بتوصيل الصرف المنزلى بالترع، الأمر الذى يهدد بكارثة، ويؤدى إلى تلف الخضروات المنزرعة، ناهيك أن عدم تطهير الترع يؤدى إلى إعاقة وصول المياه للأراضى حال تواجدها كل سنة مرة.
ويوضح محمد الجزار، أحد المضارين، أن ملوحة الأرض الزراعية أصبحت غير مؤهلة لزراعة الخضروات، ولم تؤد بإنتاج يغطى تكلفة وخدمة الزراعة، حيث أصبحت الارض حاليا غير مؤهلة سوى لزراعة الأرز، وهو ممنوع زراعته بالمحافظة، والخسائر والديون تحاصر الفلاحين فى غفلة المسئولين.
ويطالب فتحى شحات، فلاح، بتغيير مواسير الصرف بالترعة، حيث حدث كسر بالماسورة المتواجدة أسفل الترعة على عمق ٣ أمتار، أثناء توصيل صرف الأهالى، وعندما طالب المزارعون العاملون بالمشروع بتغييرها، رفضوا مؤكدين أنها تابعة للرى وليس من اختصاصهم رغم أنهم هم من قاموا بإتلافها.
من جانبه نفى المهندس رضا مهدى، وكيل وزارة الرى بالقليوبية، وجود أى مشاكل فى مياه الرى، حيث إن توزيع المياه بالمحافظة يتم بنظام المناوبات، ويوجد ببعض المناطق مناوبات ثنائية وثلاثية، وسط توافر المياه بالترع لمده 5 أيام، وغير موجودة لمدة 10 أيام، اما المنوبات الثنائية تتوفر لمدة 7 أيام وغير موجودة مثلها، ويتم تحديد فترة توافر المياه حسب نوع المحاصيل، فضلًا عن أنه يتم توصيل المياه بالتدريج، ويتم توفيرها رغم الصعوبات التى تتزايد نتيجة التحديات المائية.
وأضاف وكيل الرى: إن القليوبية مقسمة على 3 أقسام بـ3 أدوار على 3 زمامات، ولا استطيع فتح المياه فى وقت واحد، فلابد أن يحرص المزارع على أن يروى الأراضى اثناء المناورة، حيث ترسل مياه تكفى ثلث الزمام ولا تغلق الترعة إلا فى حالة رى الجميع، منوها إلى أنه يوجد 358 ألف فدان زراعة بالمحافظة، ويوجد 3 مصادر رئيسية للرى بالقليوبية.. الموارد المائية «النيل ـ المياه الجوفية ـ الآبار»، ومياه الصرف الصحى المعالجة، وتبلغ مسافة أطول ترعة على مستوى المحافظة 1407 كم، ويوجد 31 بئرًا إنتاجية، و157 بيرًا مرخصًا للأهالى، كما أنه من المخطط عمل 8 أبيار إنتاجية جديدة للمساهمة فى حل المشاكل ببعض المناطق المتبعة.
أما عن رى الأراضى الزراعية بمياه الصرف الصحى فقال وكيل الري: إنه سلوك فردى يقوم المخالفون به فى أوقات متأخرة، وللأسف من السلوكيات السيئة تفريغ سيارات الكسح ببعص الترع، منوها إلى أنه لا توجد شبكة صرف صحى أو وعى لدى المواطنين، مطالبا بعمل شبكة صرف صحى رسمية، والتوعية بشكل مباشر عن طريق الوحدات المحلية ومجالس المدن، ويتم تحرير مخالفات للذين يتم ضبطهم.
وأعلن وكيل الرى أنه توجد خطة سنوية لتطهير الترع وإزالة الحشائش والنباتات والمخلفات الطافية على سطح الماء، خاصة فى نهايات الترع، وذلك بتكلفة 60 مليون جنيه سنويًا، ويتم طرح عقود جديدة لتنظيم الترع بالمحافظة سنويا، مع وضع برنامج زمنى لتطهير الترع طوال العام، مضيفا أن معظم الترع تمر داخل الكتل السكنية، والأهالى تقوم بإلقاء المخلفات بها ونحاول التغلب عليها بإزالتها.