متحف كفر الشيخ «كهف مهجور»..ومسئولوه يتحدثون عن إنجازات وهمية
علاء الدين ظاهر
تحقيق وتصوير - علاء الدين ظاهر
وسط الآلاف من أمثالنا الشعبية بحثت عن أى منها يمكن أن يلخص الحالة التى وجدت عليها متحف كفر الشيخ..وكم سعدت عندما عثرت على المثل القائل «هم يضحك وهم يبكى».. نعم المسمى متحف لكنه هم يثير الضحك بالفعل.. عبر سنوات تخطت 15 عاما يقبع المتحف هناك مجرد جدران من الطوب الأحمر والأسمنت بلا أبواب أو أى شىء آخر سوى الكتل الأسمنتية فقط.
ورغم ذلك تجد ما يثير السخرية حينما يحدثك الدكتور أحمد منصور مدير متحف كفرالشيخ الإقليمى عن الإنجازات العلمية والثقافية التى حققوها لتقديم خدمة متحفية وثقافية راقية لأبناء المحافظة، وهو ما حدث فى الزيارة الأخيرة التى قام بها الدكتور خالد العنانى وزير الآثار وقيادات الوزارة للمتحف، حيث تحدث مسئول المتحف عن تقارير دورية لنشاطات وإنجازات اتضح أنها مجرد وهم، حيث أن المتحف فاقد لأى من المقومات المؤهلة لذلك، والمثير للسخرية أنهم قدموا له أيضا دفتر زيارات المتحف، عن أى زيارات يتحدثون والدفتر ظهر جديدا وكأنه أعد قبل أيام من زيارة الوزير.. تفاصيل مثيرة وجولة أكثر إثارة فى السطور القادمة.
من واقع زيارة قامت بها جريدة «روزاليوسف» اليومية للمتحف رصدنا الوضع الحالى له ووجدنا العديد من العيوب فى تصميمه المعمارى والإنشائى، حيث إن مدخل المتحف غير ظاهر من الشارع الرئيسى نتيجة أن موقع المبنى تم اختياره بشكل منحرف وخاطئ، كذلك ارتفاع المدخل بشكل كبير عن منسوب الشارع مما أدى لزيادة عدد السلالم مع وجود رامب مؤدى إلى المدخل لاستعمال المعاقين بعرض ضيق جدا ومن مكان بعيد عن محور الدخول، كما أن حجرات التذاكر والأمن الحالية تقع وسط الموقع ولا تناسبه بعد زيادة مسطحه حتى الشارع الرئيسى للمدينة.
ونتيجة لتلك العيوب، هناك مطالبات بضرورة إعادة النظر فى الحلول المعمارية لمبنى المتحف من الداخل من حيث فراغ المدخل الرئيسى للمتحف واحتياجاته والعناصر المكملة له كى يؤدى دوره ومكان مكتب المدير وعلاقته بالمتحف، وتعدد المناسيب داخل فراغ المتحف بطريقة لا تتناسب مع أسلوب العرض المتحفى، والقاعة الدائرية مكشوفة بشكل لا يسمح بتتابع العرض المتحفى، كما أن حوائط قاعات العرض المتحفى ذات الفراغات بأعماق كبيرة غير مستغلة، والغريب أنهم يتحدثون عن إنجازات للمتحف وفى نفس الوقت يطالبون بعناصر مكملة له كى يؤدى دوره!
مسئولو المتحف قدموا لوزير الآثار ما وصفوها بأسس التطوير المقترحة، والتى تحمل فيما بينها تأكيدا على عيوب إنشاء المتحف، وأول تلك الأسس الاستفادة من زيادة مسطح الموقع واتصاله بالشارع الرئيسى، من خلال تحويل المدخل الرئيسى للمتحف من الشارع الرئيسى وتخصيص هذه الزيادة للمسطحات الخضراء التى تتوسط وحدات العرض المتحفى المكشوف وعلى محاور مدروسة وبشكل مرئى من الشارع الرئيسى وجاذب للزوار.
كذلك تضمنت تلك الأسس استكمال الخدمات اللازمة للمتحف من قاعة تهيئة مرئية وتربية متحفية وكافتيريا ومحل تجارى ودورات مياه، وإيجاد أماكن خاصة لانتظار السيارات للزوار بشكل لا يحجب واجهة المتحف، وإنشاء مبنى للدخول والخروج والتذاكر فى بداية الموقع مع إلغاء حجرات التذاكر المقامة وسط الموقع الذى لا يتناسب مع الوضع الحالى.
وبالعودة للوراء نجد أن متحف كفر الشيخ ربما يكون سيئ الحظ عندما تقرر إقامته فى حديقة صنعاء التابعة للمحافظة قبل 20 عاما بقرار من اللواء صبرى القاضى محافظ كفر الشيخ الأسبق، ولم ينته العمل فيه حتى الآن رغم أنه تغير عليه 4 محافظين لكفر الشيخ ومازال جدران أسمنتية بلا أى ملامح تقول أنه متحف، كما أنه يحتل مساحة تبلغ 2000 متر من الحديقة وتعدت تكاليف إنشائه 15 مليون جنيه.
وظل المتحف فترة طويلة مثل الطفل اللقيط الذى لا يجد من يرعاه، حتى أنه فى 1997 قامت محافظة كفر الشيخ باستغلال مبنى المتحف وحولته إلى قاعة لإقامة الأفراح وحفلات الزفاف، وظل على تلك الحالة حتى عام 2010 حينما تسلمت الآثار مبنى المتحف لاستكمال العمل فيه، إلا أن الظروف التى مرت بها مصر بعد ثورة يناير 2011 حالت دون ذلك، ليبقى ما يسمى مجازا متحف كالكهف المهجور دون أدنى دليل على أنه مكان مفترض أنه معد لاستضافة وعرض آثار المحافظة.
ومن الإنجازات التى يتحدث عنها مسئولو المتحف، تحقيق السيناريو الأثرى لمتحف كفر الشيخ فى مجلدين طباعة ملونة وتوثيق رقمي، وجمع المواد العلمية الخاصة بالمواقع الأثرية والحفائر العلمية بمنطقة كفر الشيخ للدراسة والتوثيق، وتجهيز أرشيف علمى وقاعدة بيانات معلوماتية للمتحف والقطع المرشحة للعرض طبقا للسيناريو الأثرى المعتمد، ووضع برنامج تدريبى مكثف للعاملين بالمتحف من خلال المشاركة فى البرامج التدريبية وورش العمل والندوات العلمية والثقافية المحلية والأجنبية، وتنظيم وتنفيذ عدد من الأنشطة العلمية والثقافية داخل المحافظة وخارجها.
كذلك حماية موقع متحف كفر الشيخ وأرضه ومنشآته وحرمه من جميع التعديات والحفاظ على المشروع والاشتراك فى تطويره الأثرى والمعمارى، وتأسيس الهيكل الإدارى للموارد البشرية بالمتحف من مجموعة من شباب الأثريين المؤهلين ذوى الكفاءة والتميز من أوائل الخريجين وباحثى الماجستير والدكتوراة، وحشد دعم المجتمع المدنى والنخبة من كبار العلماء والمبدعين والمثقفين من كل محافظات الوجه البحرى لدعم مشروعات المتاحف بالدلتا، وذلك بزيارة موقع المتحف والتوقيع على بيان جماعى بذلك.
إلهام صلاح رئيسة قطاع المتاحف فى وزارة الأثار حينما سألناها، عبرت عن تعجبها من مسئولى المتحف قائلة «عن أى إنجازات ونشاطات يتحدثون؟ «والمتحف بهذه الحال، مشيرة إلى أنها ذهبت عدة مرات ولم تجد أحدا فى المكان، مؤكدة ان وجود هؤلاء خطأ طالما ان المتحف على هذه الحالة،وقد أحلتهم جميعا للشئون القانونية والتحقيق لمعرفة كيف يتم تعيينهم مسئولى متحف هو غير موجود إلا جدران أسمنتية فقط بلا أى مقومات.
وأوضحت أن أزمة المتحف المتوقف منذ حوالى ٢٠ عاما تكمن فى نقص التمويل المادى خاصة فى ظل الأزمة التى تعانى منها وزارة الآثار وأثرت على مشروعات كثيرة حالتها مشابهة بمتحف كفر الشيخ بعض الشىء مثل المتحف الأتونى بالمنيا ومتحف سوهاج، كما أنه لو وجد التمويل المادى فهناك أولويات فى مشروعات الآثار خاصة التى تحتاج استكمالها ودرأ خطورة عنها ولا تحتمل تأجيلا.