الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مراكز الأشعة.. «خناقة فى حى شعبى» بدمياط

مراكز الأشعة.. «خناقة فى حى شعبى» بدمياط
مراكز الأشعة.. «خناقة فى حى شعبى» بدمياط




دمياط ـ محيى الهنداوى 

 

مراكز الأشعة الخاصة فى دمياط تحولت إلى سويقة بلدى، منافسة غير شريفة تشتعل فيما بينها، حيث عمليات حرق أسعار.. خامات رديئة.. والنتيجة الحتمية أن المرضى يدفعون الثمن، فالمنافسة بينهم أصبحت بمثابة «خناقة فى حى شعبى»، فالأمور تسير بلا ضابط أو رابط، والضرب أصبح تحت الحزام، وهو الأمر الذى يتطلب معه ضرورة تدخل وزارة الصحة والجهات المعنية، لتحديد أسعار جميع الأشياء، والمواصفات الفنية والطبية والقياسية أيضا، والعمل على إنشاء إدارة تشغيل مراكز الأشعة الطبية، حتى لا يتحول الحال إلى  فوضى أكثر وأكثر تثير الرأى العام.
بداية يستنكر محسن عبدالمحسن جمعة، موظف، استغلال وجشع مراكز وعيادات الأشعة الدائم للمرضى دون مراعاة لظروفهم، وكأنهم فوق القانون، بفرض أسعار تختلف من مركز لآخر، مضيفا: دخلت أحد مراكز الأشعة لعمل إشاعة عادية على الساق لوالدته، وكانت المفاجأة أن فنى الأشعة قام بعمل 3 لقطات، وعند الحساب طلب 150 جنيهًا، وعندما اعترضت خاصة أننى التقطها من قبل بـ30 جنيهًا، قال: «يا أستاذ فيه شغل غير الشغل إحنا عندنا خامة وصبغة مستوردة الناس التانية شغلهم زى عدمه».
ويلفت محمد رضوان، محاسب، إلى أنه قام بعمل أشعة مقطعية على الظهر بـ400 جنيه فى أحد المراكز الاستثمارية الخاصة، رغم أن شقيقه ذهب وأجراها على الناصية الأخرى على الجهاز الهضمى بـ190جنيهًا، مطالبًا بضرورة محاسبة المخالفين، ومواجهة جشع القائمين على إدارة مراكز الأشعة، ومنعهم من استنزاف الفقراء.
ويقول حسن طمان، مدير التعليم بكفر سعد: إن الأطباء المعالجين لا يقتنعون بالأشعة المقطعية على نفقة الدولة، ويوجهون المرضى لأحد مراكز الأشعة الخاصة، وكأن هناك اتفاقية بينهم على نسبة مالية عن جملة ما يرسلونهم من مرضى، وهنا يتحكم تجار الأشعة ويغالون فى طلب الأموال وعند مواجهتهم بأن هناك مركزًا يعمل الأشعة بمبلغ زاهد على نفقة الدولة يبرر ذلك بأنها دى جملة زى سوق الجملة «بتاع» الخضار والسمك.
ويضيف محمد فايد، مدرس: إن أشعة المخ بـ190 جنيهًا على نفقة الدولة وعندما لا يوجد قرار علاج تجد صاحب عيادة الأشعة مثله مثل الجزار، يتشفى فى المريض، قائلا: «مفيش إلا كده بـ400 جنيه، دا الجهاز تمنه بملايين يا حاج، واللى هيعمل الأشعة أستاذ من مصر مش من دمياط وكفاية إنه هيكتب التقرير بتاع الأشعة».
ويقول سامح أبو العطا، ممرض: أجهزة الأشعة العادية فى مستشفيات الحكومة معطلة دائما وفى الغالب يقوم على إدارتها، صاحب مركز أشعة شهير فى المحافظة، بمعنى أنهم شركاء فى المراكز التى تعمل فى دمياط حاليا كرءوس أموال، حيث يؤكد البعض أنهم يتعمدون إتلافها لإجبار وإرغام المرضى على اللجوء للمراكز الخاصة، وعند مواجهتهم يقولون أجهزة الحكومة تعبانة، وأنهم ليسوا مسئولين عن سلامتها كأطباء أشعة، وإنما الفنى هو المسئول.
ويشير الدسوقى البياع، مستخلص جمركى، إلى أنه ذهب لعمل أشعة على البطن فى أحد المراكز، فطلب منه 1000 جنيه، فى حين أن أحد معارفه عمل نفس الأشعة بـ800 جنيه، وعندما وجهت اعتراضى لفنى الأشعة، قال: «إحنا عندنا جهاز يعمل 300 لقطة فى الثانية أما الجهاز الأخر يعمل لقطة كل ثانية، ناهيك أن الفحص عندنا 30 دقيقة وهناك 2 دقيقة.
ويقول دكتور أشعة، حديث التخرج بأحد المستشفيات، الذى فضل عدم ذكر اسمه: إن أجهزة المستشفيات الحكومية أعلى جودة من أجهزة العيادات الخاصة، وأن الخلل قد يحدث نتيجة نفاد الأحماض الخاصة بالأشعة وعندما يلجأون للشركة الموردة، تفاجأ المستشفى بعدم وجود الأحماض، فيلجأ لشركة أخرى،  وهنا تكون الأحماض، مختلفة عن التى تم التعاقد عليها فتكون النتيجة رداءة جودة الأشعة ولا ترى مسئولا يهتم بذلك الأمر، وكأن هناك فى الأمر شيئًا.
ويرجع استغلال مراكز الأشعة، إلى عدم وجود رقابة، وعدم وجود جهة معينة تقوم على تحديد أسعار تلك الإشعات ما فتح الباب للاجتهاد، حتى أصبح سوقًا يحارب عليه أطباء الأشعة، حيث يقومون فيما بينهم بفتح مراكز للأشعة، والاستدانة من البنوك وشراء أجهزة وينهشون المرضى بحجة سداد الأقساط، وكأن المريض مسئول عن جشعهم وطمعهم، منوها إلى أن نوعية المراقبة على مراكز الأشعة تتعلق فقط بالطبيب الذى يكتب التقرير فيجب أن يكون مؤهلًا وليس فنى أشعة، أما رقابة الأسعار فلا أحد يستطيع اقتحام ذلك الأمر الشائك، فهناك حسابات متورط فيها معظم المسئولين عن الطب فى دمياط.
ويؤكد أحد المتخصصين فى الأشعة أن الأنبوبة الخاصة بأفلام جهاز الأشعة المقطعية تعطى 100 ألف صورة رغم أن ثمنها 160 ألف جنيه، وبذلك تكون الصورة الواحدة بـ160 قرشًا، وبعد ذلك الأنبوبة لا تصلح للاستخدام، هذا بخلاف التكلفة والتشخيص وجلسنا نحن أطباء الأشعة لحساب ذلك، بالورقة والقلم فوجدنا أن الأشعة المقطعية تتكلف 120جنيهًا، والمفاجأة أن أحد المراكز يأخذ 60 جنيهًا مقابل الأشعة المقطعية، وعند مواجهة صاحب المركز بأنه يحرق السوق، يعلن أنه يكسب من ناحية أخرى لا نعلمها.
ويتابع فنى أشعة: إن تكلفة المربع الواحد فى الأشعة المقطعية 4 جنيهات بخلاف ثمن الفيلم 10 جنيهات، بالإضافة إلى 30% للتشخيص، بما يؤكد ارتفاع سعر التكلفة المطلوبة من المريض الذى يسدد الـ400 جنيه، لافتا إلى أن سوق الأشعة منافسة حتى الموت ـ ضرب تحت الحزام ـ، فالأشعة المقطعية تتفاوت أسعارها من 900جنيه بالقاهرة حتى 60 جنيهًا عند أسامة خليل، الذى يدفع فاتورتها المريض بسبب سوء الخدمة، حيث تعتمد بعض المراكز على تخفيض السعر لدرجة الحرق لتغطية نسبة الصبغة المستخدمة فى الأشعة.
 ويبرر دكتور آخر ارتفاع أسعار الأشعة بأن أسعار الجهاز نار، فمثلا: جهاز السونار بـ375 ألف جنيه، وهناك من يقوم بعمل أشعة السونار بـ»60 ـ 70 ـ «120، حيث إنها الأسعار المتداولة، وبعد تجميع ثمن الجهاز يصبح الجهاز قديمًا ويعود للمركز من جديد لشراء جهاز آخر، وعند حدوث عطل بالكاميرا فإن إصلاحه يتجاوز الـ15 ألف جنيه، وهناك فى مستشفى كفر سعد انقطعت الكهرباء على جهاز الـcr فتم حرق السوفت وير، الذى يحتاج 15 ألف جنيه لإصلاحه بعد مرور شهرين.
ويرى محمود عبدالسلام، فنى أشعة، أن سبب المنافسة القاتلة فى السوق الدمياطى، يرجع لتعدد مراكز الأشعة التى وصلت لــ10 مراكز رغم أن المحافظة يكفيها من المراكز أقل من ذلك بكثير ،والتعدد لمراكز الأشعة الذى يحسبه البعض ميزة، فالكل يشكك فى قدرته ومهارة الآخر، ونظرا لتعدد تلك المراكز أعلن أحدهم أن سعر الصورة 15جنيهًا، بما يعادل أقل من تكلفتها الفعلية، وعند مواجهته أكد أنه مطالب بسداد أقساط وآخر العام تكون النتيجة خسارة فادحة، منوها إلى أن المكسب الحقيقى لمن يعمل بتلك المراكز، حيث يحصل على 30% عن كل حالة.
ويلفت إلى أن المرضى الذين يترددون على المراكز الأخرى، ويتم استغلالهم، يكون ما هو إلا ثمن لاطمئنان المريض على صحته، لأن المريض حينها لا يفكر إلى فى نفسه بغض النظر عن الأفضل والأسوأ، منوها إلى أن سبب ارتفاع الأسعار فى سوق الأشعة يرجع إلى أن تكلفة صيانة الجهاز تحتاج مبلغ طائل وبالعملة الصعبة، فجهاز أشعة الرنين يحتاج سنويًا 20 ألف دولار، والمقطعية 16 ألفًا، وماكينة الطبع CR صيانتها تحتاج أيضًا 20 ألف دولار، تلك المطالب بخلاف المنافسة غير الشريفة التى يتعرض لها أصحاب المراكز دون النظر للجودة والتشخيص الجيد، ولا بد من تقديره ماديًا لأنه إذا حدث لا قدر الله خطأ فى التشخيص تكون هناك مصائب لا يحمد عقابها للمريض.