الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صلاح فضل: العقود الثلاثة لمبارك هى فترة الركود العظمى التى ألغت مشروع تحديث مصر

صلاح فضل: العقود الثلاثة لمبارك هى فترة الركود                       العظمى التى ألغت مشروع تحديث مصر
صلاح فضل: العقود الثلاثة لمبارك هى فترة الركود العظمى التى ألغت مشروع تحديث مصر




حوار - مروة مظلوم

للقلم قسم وما يسطره أمانة.. فالكلمة تبنى قصورا وتهدم عروشا.. تكتب تاريخا وتشق للحرية طريقا.. فن يثرى الحضارات بتواصلها أدبا وشعرا ونثرا.. فرقان بين أنبياء الدعوة ومدعى النبوة.. فحامل القلم ينقد مجتمعه ليعلى من شأنه.. ونادرون هم من يتبعون النقد الإصلاحى.. من يمنطقون منهجيتهم فى النقد ويطورونها لتتلاءم مع العصر.. كان لـ«روزاليوسف» حوار مع د. صلاح فضل الناقد الأدبى الكبير شاهدا على أهم المراحل الانتقالية للأدب فى مصر.

 

■ حدثنا عن نشأتك؟
- كانت نشأتى فى العقود الوسطى من القرن العشرين، العقد الخمس والسادس، فى بيئة ريفية وتلقيت التعليم الأول بالمعاهد الأزهرية طبقا للتقاليد التى كانت غالبة على أسرتنا فمعظمهم كان من شيوخ الأزهر وعلمائه لكننى كنت شغوفا فى الاستمرار بالتعليم المدنى وكانت قراءاتى المتفتحة منذ الطفولة تطلعاتى الأدبية وطموحى الثقافى وتمردى الشخصى دوافع جعلتنى أتمرد على التعليم الدينى وأنا أتلقاه، كنت أنظر إليه بعين النقد وأنا غارق فيه، ومن ثم لم أكد أتجاوز المرحلة الابتدائية حتى انتقلت إلى معهد القاهرة الثانوى وتوسعت اهتماماتى على المراكز الثقافية فى الخمسينيات والستينيات التى كانت شديدة الحراك والفعالية، كنا نلهث جريا بين الجمعية الجغرافية وجمعية الأدباء وجمعية الشبان المسلمين - وليس الإخوان فقد كانوا محظورين- وغيرها من المؤسسات التى كانت تقيم ندوات أسبوعية، إلى جانب التردد على دور السينما والمسارح التى لم تكن تطفئ أنوارها وكان علينا أن ختار بين المسرحيات العربية أو الأجنبية، فكانت الثقافة والعلم والفكر والأدب هى الوقود الذى كنا نبذل جهدا ماديا وبدنيا ويمثل لنا متعة، لم تكن وسائل المعرفة ميسورة كما تتجلى الآن بعد نصف قرن، بل كنا نبذل جهدا حقيقيا للحصول عليها وكانت الحياة أشد قسوة مئات المرات مما هى عليه اليوم، عندما عملت معيدا فى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة كان راتبى لا يتجاوز 20 جنيها وكان على تدبر أمر المسكن والملبس والمأكل منها، وطبعا كان أمرا عسيرا خاصة وأننى استأجرت شقة حينئذ بمبلغ 22 جنيها أى أننى كنت أحتاج إلى جنيهين لاستكمل إيجار الشقة وتدبر أمر الطعام والملبس من الهواء بالسعى لكسب موارد أخرى.
■ كيف كانت الدراسة الأكاديمية للأدب العربى فى تلك الفترة؟
- كنت أراقب أساتذتى فى الكلية فأجدهم ينقسمون إلى فئتين لا ثالث لهما، الأولى العلماء الطليعيون من الرواد الذين تجزرت ثقافتهم فى المحيط العربى الأصيل ثم سافروا إلى الغرب إلى كبرى الجامعات الأوروبية وأطلعوا على المنهجية الحديثة وعادوا لينقلوا علمهم وثقافتهم، الفئة الثانية وهم التقليديون ممن انغلقوا على ثقافتها المحلية وأصبحوا يرددون معارف القدماء دون إضافة، وكان الأمر بالنسبة لى محسوما فاخترت الفريق الأول من المجددين وهذا تطلب منى السفر إلى إحدى الجامعات الغربية وكان السفر آنذاك مستحيلا إلا من خلال المنح والبعثات الرسمية وهى محدودة جدا، كان المبلغ الذى يعطى للمسافر خمس جنيهات يمكن أن ينفقها وهو خارج من المطار، ولا يسمح باصطحاب أى عملة من نوع آخر، سافرت وخضت حربا حقيقية لأتم بعثتى وأحقق رغبتى فى التزود بالعلم المعرفى وأعد نفسى لأكون أستاذا مجددا.
الآن أنا أرى مئات من الشباب ليس لديهم نفس الروح ولا الرغبة فى السفر والتزود بالمعرفة، أرى دعوات التقليديين وأشعر أننا نفتقد لأهم آليات التطور الفكرى وهى الاحتكاك العميق والمتواصل بالأوساط الأكاديمية والثقافية التى تتيح كل ما هو جديد كل يوم، شبابنا الآن غامت أمام معظمه هذه الرؤية، فمنذ أن انفجرت آبار النفط فى الخليج العربى يطمحون للسفر من أجل جمع ثروة لامتلاك وسائل الرفاهية من مسكن فاخر وسيارة جميلة وسداد كل الاحتياجات، لم تصبح الدوافع العلمية هى التى تحرك طموح الشباب، وهذا أشد ما أفتقده وأحزن له لأن تدهور التعليم فى مصر والجامعى على وجه التحديد مرده إلى هذه النقطة أننا عكفنا على ذاتنا واكتفينا بمعارفنا وتعودنا على مظاهر التردى والضعف والقبح فى حياتنا بينما لو أطلعنا على الثقافات الأخرى وقارنا وجددنا كان الأمر سيختلف كثيرا.
■ على من تقع مسئولية ذلك؟
- المسئول عن ذلك ليس الأفراد وإنما الدولة التى تولى قيادتها خلال العقود الأخيرة مجموعة من أغبى أبنائها، يقال لهم كثيرا أن التعليم هو قاطرة التقدم والنهضة ويرددون هذا كثيرا دون حراك، فعندما ننفق على التعليم أكثر ما ننفق على الجيش والدعم وعلى سداد الديون نكون قد بدأنا مسيرتنا الحضارية.
■ شهدت مصر خلال فترة الستينيات والسبعينيات ما يسمى بالهروب الكبير للمبدعين والمفكرين والأدباء إلى خارج مصر.. فى رأيك ما أسبابه؟
- هؤلاء المبدعون أمرهم غريب، كانوا يدخلون السجون فى الستينيات فى عهد عبد الناصر ويخرجون منها يتغنون باسمه ويسعدون بالعيش فى ظله لأنهم كانوا يجدون بعض أحلامهم وهى تتحقق على أرض الواقع، حلم العدالة الاجتماعية، القضاء على الإقطاع بين الطبقات وإنصاف الفقراء، النموذج الاشتراكى كان يتحقق حلمهم فى الزعامة الريادة المصرية للوطن العربى ورفع قيمة الدولة المصرية الوطنية وقيادتها للنظم الأخرى ورغبتها فى تحويلها تحقق، نموذج للوحدة العربية كان فى سبيله للتحقق لكن لم يدركوا أن الثمن الفادح الذى يدفعونه لتحقيق هذه الأمور كان هو القضاء على التطور الديمقراطى فى مصر فكانوا يعانون من كبت الحريات لكنهم لم يهجروا وطنهم نتيجة لذلك، لكن عندما جاء السادات وأحدث الانقلاب الخطير فى السياسة المصرية نقلها إلى النقيض من سياسة عبد الناصر فقضى على كل الاتجاهات التى كانت تطمح إلى المزيد من الاشتراكية والعدالة الاجتماعية ووجهها نحو الرأسمالية الجشعة نحو الانفتاح «السداح مداح» كانت تقف فى وجه العدو الصهيونى وتهزم بمرارة منه كما حدث فى 1967 لكنها تصر على النهوض، أما فى عهد السادات فقد أضطر لدخول الحرب وهرع وسارع ليمد يده إلى إسرائيل، عبد الناصر كان مواليا للاتحاد السوفيتى من المعسكر الشرقي، جاء السادات ليحتضن بكل قوة أمريكا ليقول أن فى يدها 99% من أوراق الحل، نقد جذريا ما زرعه عبد الناصر، وتلك كانت خطيئة عبد الناصر نفسه لأنه ترك وليا لعهده لا يؤمن بأى شىء من مبادئه فكانت أكبر خطاياه أنه لم يترك إلا السادات ليخلفه، هذا التحول الجذرى فى السياسة المصرية فى عهد السادات كبح آراءهم على الرغم من أنه فعل شيئا مناقضا للغاية، بدأ فى تكوين الأحزاب الصغيرة، اليسار والوسط والاتحاد القومى، الاتحاد الاشتراكى، مع هذا التطور نحو القليل من الديمقراطية لم يسمح لمعارضيه من الكتاب والمبدعين والمفكرين أن يمارسوا أى تأثير على الرأى العام لكى يضمن استقرار نظامه فاضطروا للهجرة خارج مصر ثم عادوا إليها تدريجيا.
الفاجعة الكبرى كانت فترة الركود العظمى فى تاريخ مصر هذه العقود الثلاثة التى ألغت مشروع تحديث مصر ونهضتها وتصنيعها وتعليمها والثقافة فى مقابل أن يبقى شيء واحد فقط السيد محمد حسنى مبارك رئيسا للجمهورية وأن يؤسس لنظام ملكى لتوريث الرئاسة لأولاده فيما بعد هذا السنوات الثلاثين هى التى دمرت العقل المصرى التعليم والثقافة المصرية الاقتصاد القومى فضلا عن اللعب مع الجماعات الدينية والإخوان المسلمين بالإتاحة وترك الحبل على الغارب للتغلغل فى الأوساط الفقيرة لكى يقيموا المستوصفات فى الأحياء العشوائية حيث لا تقام أى مستشفى تابعة للدولة، لكى يعقدوا الدروس الخاصة والملخصات للطلاب الفقراء لأن التعليم تدهور وأصبح يباع ويشترى فى الأسواق وليس فى المدارس لكسب تعاطف المهمشين والفقراء باسم الدين، لذلك ثورة يناير كانت حتمية ومن ينتقدونها الآن قصار النظر إلى أبعد مدى.
■ هل نجح النتاج الأدبى فى مصر فى أن يعكس الأوضاع السياسية فى مصر وأثرها الاجتماعى فترات الثورات الحروب؟
- النتاج الأدبى لا يتوقف على التغييرات السياسية لأنه فردى، الأديب يعتمد على عقليته الفردية، يكفيه ورقة وقلم لكى ينتج أعظم ما لديه وهو فى بيته لم يبرحه كما هو الحال مع نجيب محفوظ، لذا نجد ركودا شديدا فى الحياة العلمية وحيوية فى الآداب والفنون، أما السينما فهى صناعة تحتاج إلى ميزانيات، المسرح عمل جماعى يحتاج إلى مناخ من الحريات ودعم الآداب التى يمكن التى تعتمد على الجهد الفردى هى التى قدر لها أن تزدهر فى العقود الثلاثة الماضية لكن الفنون والعلوم والصناعات التى لابد أن الدولة تحميها تدهورت لأن الدولة مغيبة، فكان نجيب يكتب فى عهد الملكية وعبد الناصر والسادات طبعا نقد كل هذه العهود لكنه ظل يؤمن بالنموذج الديمقراطى ويحن للملكية.
■ هل يوجد ما يسمى بمثقفى السلطة.. من يسخر قلمه لدعم أفكار الحاكم؟
- بالطبع هناك مثقفو السلطة لكن كى نكون منصفين خلال العهود الثلاثة كان هناك ثلاث أنواع من المثقفين، الإعلاميون وهم أخف فئة دورا فى الثقافة، معظمهم يبيعون أنفسهم للسلطة لأنها تستطيع قتله عندما تحرمه من لقمة العيش من العمل وهو بحاجة لصحيفة أو مجلة يكتب فيها والصحف خاضعة للرقابة وتصدر وتحجب بأمر السلطة، وبعض المثقفين الآخرين ممن يبغون مغانم كثيرة ومناصب وفيرة وجاه وسطوة يتقربون إلى السلطة ويزيفون لها الحقائق ويمدحونها ويصنعون من رئيسها الفرعون الأكبر، هذه الفئة مثلهم مثل «ترزية القوانين» مجموعة من رجال القانون الفطاحل اللذين يضعون نصب أعينهم حياكة القوانين المناسبة للسيد الرئيس ورغباته، هناك نوع أخر من المثقفين وهم قلة معظمهم من اليساريين من ناحية والمتطرفين دينيا من ناحية أخرى ممن يغلب عليهم النزعة الأيدلوجية سواء إلى أقصى اليسار أو أقصى اليمين احتفظوا بمواقع معارضة وتمسكوا بشرفهم وآرائهم لكن بعصبية شديدة، فقدوا معها تأثيرهم فى المجتمع لأنه نتيجة لذلك لم تتح لهم فرصة التواصل مع الناس لأنهم يحتاجون إلى منابر وصحف وشاشات ووسائل يتواصلون بها مع الناس، كانت النظم تهمشهم وتضغط عليهم وتحاربهم «المثقفون الأيديولوجيون»، هناك فئة ثالثة وهى الأعراض من المثقفين يرون أن السلطة ليست الدولة وأنهم يعيشون فى وطن كبير اسمه مصر وعندما أعمل فيه وفى مؤسساته وأنشر فيه الأفكار والعلم والمعرفة واستخدام وسائل الاتصال فيه بكرامة ودون امتهان ولا نفاق فأنا أساعد فى خلق تيار ثقافى وطنى مستنير يعمل للمستقبل دون أن ينعزل أو ينكفئ، هذا النوع الوسطى الذين تركبهم رسالة الوطن ومهنية ما يمارسونه من عمل هو الأكثر تأثيرا والأرقى فى محيط الثقافة العامة سنجد أن أكبر المثقفين فى مختلف العصور هم من هذه الفئة الذين بقيت كتاباتهم وأعمالهم وأثروا فى الأجيال التالية لكنهم للأسف يسيرون على الصراط المستقيم، إذا أصدروا رأيا مخالفا للسلطة حاربتهم واضطهدتهم وأبعدتهم وإذا توافقوا معها تسامحت معهم هذا هو المشهد الثقافى كما أراه، وأعتقد أن الأسماء يمكن توزيعها على هذه الفئات الثلاثة مابين المثقفين الذين توزعوا على الإعلام والنقابات المهنية والأدباء والمبدعين والمفكرين من أساتذة الجامعات.
■ لماذا يهرب الكتاب الشباب من فكرة عرض كتابتهم أو أعمالهم الأدبية للنقد؟
- هذا غير صحيح أى كاتب يصدر عملا فنيا أدبيا دائما يخامره إحساس حقيقى ورغبة ملحة بأن يعرض عمله على خبير ليطمئنه أنه أحسن أو ينبهه أنه قد أساء، المبدعون قد يتظاهرون بغير ذلك لكننى أعرف أنه مجرد تظاهر فأنا أكتب كثيرا أثناء متابعاتى عن أدباء شبان فيفاجئون بما أكتب عنهم ويقولون أنهم منحوا شهاداتهم الأدبية بكتاباتى عنهم.
■ ما مشكلة النقد الأدبى فى مصر؟
- مشكلة النقد هى من صنع الإعلام من الدرجة الأولى لأننا لدينا فيض غزير جدا من الكتابات فى مجال القصة والرواية والمسرحيات والدراما التليفزيونية والشعراء وبرغم هذا العدد من المبدعين فى المقابل لا يوجد 10 نقاد محترفين من الجيل الذى أنتمى إليه، بعضهم قد أخذ فرصته فى التواصل والكتابة، 3 أو 4 والباقون صامتون لا يكتبون، لكن هناك جيلا جديدا من شباب النقاد لديهم طموح وقدرات هائلة لا يجدون فرصة فى الصحف ولا يرحب بهم ولا يدعون للكتابة ويلجأون إلى بعض الصحف والمجلات غير المتخصصة وضعيفة التأثير فى الرأى العام، وأنا أراهن أن هناك ما يزيد على خمسين اسما من النقاد والناقدات الشباب شديدى الوعى والقدرة وجديرين بأن يشعلوا حركة نقدية حقيقة فى مصر لو أتيحت لهم وسائل التواصل، وهى حتى الآن مقصور على الصحف القومية وهى لا تفرد أى مساحات للنقد بل تحارب المساحات النقدية، ولم يبق أمامهم سوى الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعى وهذه الكتابة مازالت حتى الآن لم تصنع قانونها ولم ترتب آليتها، كل من يستطيع الكتابة يكتب دون المرور بأى قنوات تختبر جدية كتاباته ومستواها قابليتها للنشر كما يحدث فى المطبوعات وبالتالى هناك عشرات الآلاف من المشروعات الكتابية على الوسائط الرقمية وعدة مئات من مشروعات نقدية.
■ ما رأيك فيما يُكتب فعليا على الفيس بوك باعتباره نقدا ورؤيتك لهذه المشاريع؟
- لا أعرف كيف تتبلور فى المستقبل هذه المشروعات، هل ستنتج فعلا أدباء من هذا العالم الذى يُخيل لى دائما أنه يشبه عالم الجن القديم.
■ وهل تؤمن بعالم الجن؟
- عشت فترة فى طفولتى كان العالم السرى الذى يؤمن به الناس ولا يرونه هو عالم الجن وتمردت على هذا العالم وأنكرته، أذكر أن لقائى الوحيد الذى جمعنى بـ«عباس محمود العقاد» وكنت فى الليسانس وزرته فى منزله والسؤال الخطير ليفصل فى القول فى صحته أن هناك فى الريف إيمانا شديدا بالجن هل هو حقيقة أم أنه مجرد خيالات، وكنت أعرف أن إجابته ستكون فاصلة فى حياتى، فالعقاد العظيم لا يمكن أن يؤمن بوجود هذا العالم لكنه لو قال غير ذلك فسيخالف آيات القرآن الكريم فهرب من الإجابة وقال لى يا مولانا هل حللت كل مشاكل الإنس ولم يتبق عندك إلا مشاكل الجن فكر فيما تستطيع أن تحسمه فى حياتك واعتقدت ذلك هروبا منه ولم أذهب إليه ثانية، فى المرحلة الأخيرة للعالم الرقمى خيل لى أنه بعث جديد لعالم الجن القديم، الناس يتعاملون كالأشباح، فى عالم الجن كان الإنس يمكن أن يتزوج جنية، فى العالم الرقمى الناس من الممكن أن يتزوجون فى الفيس بوك، فهذا العالم أتصور أن ينتج إبداعاته يبلور قوانينه ويصنع منطقه ويبرز نقاده كيف ويمكن أن يحدث هذا.
■ هناك بعض النقاد لا يشعرون بكينونتهم دون ترديد كلمة «الأصالة» «الأصولية» ويرجعون معظم أساليبهم النقدية إلى القوالب القديمة أو ما يسمونه بـ «المدرسة الكلاسيكية»؟
- هؤلاء تقليديون مساكين، هناك فرق كبير بين «الأصالة» و»الأصولية»، فالأصولية هى التيارات المتطرفة دينيا سواء كان ناقدا أو مبدعا أن يكون أصوليا لأنه لابد أن يؤمن بالحرية وهى ضد الأصولية والناقد الوحيد الذى كان ناقدا ثم تحول إلى رأس الحربة فى النزعات الأصولية كلها كان سيد قطب، فعندما انطفأ وهجه النقدى تحول إلى أكبر داعية للأصولية بُليت به الثقافة العربية فى العصر الحديث، إنما الحديث عن الأصالة فهو حديث واهم لأنها تعنى الوعى العميق بالتراث القديم والتمثل الصحيح له لابد أن تتطلب وتقتضى وتنادى بالتجدد والحداثة لأن هؤلاء القدماء أنفسهم الذى يعبدهم دعاة الأصالة لو عاشوا عصرنا لكانوا أكثر انفتاحا وإفادة من منجزاته العلمية والمعرفية والثقافية من الذين يدعون للانقلاب عليه بمعنى أن المعرفة الإنسانية فى تناغم والفكر دائما خصب وولاد، مادمنا نؤمن بأن مسيرة الحضارة الإنسانية تتقدم والعلم يتطور وسيطرة الإنسان على الكون ونفسه ومجتمعاته تتزايد يصبح تجاهل هذه الأشياء عجزا وتخلفا، المعرفة قوة العلم هو أدوات اختراق المستقبل وصناعة الحياة.

 



تصوير: مايكل أسعد