الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التعليم يحتاج للتقويم

التعليم يحتاج للتقويم
التعليم يحتاج للتقويم




كمال عبد النبى  يكتب:

إذا طرحنا سؤالًا حول سياسة التعليم فى مصر هل هى مخيرة أم مسيرة منذ حوالى أربعين عامًا.. ويترتب على هذا السؤال إجابة يمكن فى ضوئها محاسبة المؤسسات التعليمية محاسبة سياسية مع الآخرين من قادة وسياسيين وتنفيذيين وأفراد على ما أنتجوا من مخرجات، ونبدأ الإجابة منذ ثورة يوليو 1952 وهى علامة فارقة فى تاريخ مصر مع وجود فواصل زمنية أخرى يمكن الاسترشاد بها من تلك الفترة.
كما تشير الدلائل إلى أن السياسة العامة فى التعليم غالبًا تفرض مبادئها ومعاييرها الفكرية على السياسة التعليمية وبالتالى تصبح السياسة التعليمية مسيرة.. أما إذا امتلكت السياسة بدائل تربوية رصينة من صنعها فتصبح سياستها  مخيرة وتصبح فى مسئولية عنها. وإذا رحنا إلى ما بعد قيام ثورة يوليو بفترة قليلة حدث تغير فى هيكلة التعليم، منها ما تم تغيره لمجرد الاختلاف عن النظام السابق، مثل إعادة هيكلة السلم التعليمى وتغيير طرائق تعليم القراءة والكتابة فى المرحلة الابتدائية وهذا يظهر فى نظام فى التعليم الحالى الذى لم يستطع سن نظمه فى أمور التعليم وتدخل بمعرفة أو دون معرفة تحت ضغط غير واع من أساتذة السياسة التعليمية والسياسة العامة للجماهير.
 ومن هذه التدخلات ما كان له من عدد سياسى وتربوى مثلًا نشر التعليم وإتاحة الفرصة كامل لكل الطبقات فى التعليم عن طريق دخول مصر عصر التخطيط التربوى، كذلك مجانية التعليم سواء الابتدائى والإعدادى والثانوى إلى المرحلة الأخيرة وهى الجامعة، وتوفيره للطبقات الكادحة وإنشاء مكتب التنسيق بخبرة السياسى وضعف مبرره التربوي.
 وقد استمر ذلك صعودًا حتى عام 1967 حيث بدأ بعدها الهبوط الملحوظ فى منحنى نوعية التعليم وان استمر التوسع الكمى، وكان وراء هذا النمو الكمى دولة مساندة وفق قدرتها المتاحة، أو بمعنى آخر كانت سياسة الحكومة فى التعليم مسيرة تمامًا بنتائجها الإيجابية والسلبية.. كما ان فترة ما بعد حرب 67 مرورًا بانتصارات أكتوبر 73 كانت كل أمور الدولة التعليمية مسيرة بظروف الاستعداد للحرب، وماثلًا ذلك من قصور فى التمويل واستمرار التوسع الكمى نظرًا للزيادة المطردة فى عدد راغبى التعليم فى الشريحة المصرية لسن القيد المدرسى الحالي.  وقد جاءت فترة أخرى بعد ذلك وهى التى استمر ثلاثين عامًا تتصف بعدد من السياسات، منها على سبيل المثال خفض سنوات التعليم الأساسى من ست سنوات إلى خمس سنوات، ثم الرجوع إلى ست سنوات.. أننا نسمع عن خطط كثيرة خطة خمسية وخطة عشرينية وكذا خطط كلامية لا أساس لها من الصحة.. كما كثرت المؤتمرات والندوات ووثائق التطوير والادعاء بتطوير التعليم وظهور المعايير القومية وإنشاء هيئة لضمان الجودة والاعتماد.. ورغم ذلك لم يتعد هذا التطوير اعتاب ديوان وزارة التربية مع حدوث زيادة فى كثافة الفصول الدراسية وتعيين معلمين جدد من غير المؤهل التربوي.. والأدهى من ذلك هو اشتعال الدروس الخصوصية التى باتت المشكلة الرئيسية لكل أسرة.. كذلك انتشر الغش الجماعى الفاضح الذى ظهر هذا العلم فى الثانوية العامة، وفضائح وزارة التربية والتعليم في امتحانات الثانوية العامة..  من أجل ذلك تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى شخصيًا لمحاسبة كل من أخطأ وكل من له يد فى فشل امتحانات الثانوية العامة فهى كانت فضيحة كبرى لوزير التربية والتعليم. إننا مازلنا نعيش فترة لا يمكن الحكم عليها حاليًا بأن يكون هناك تطوير وتقدم، ولكن نتمنى أن تتغير بوجود مجلس دائم لسياسة التعليم يشكل من علماء التربية المختصين فى هذا الشأن وسياسة متقدمة ومتطورة برئاسة وزير التربية والتعليم ويضم معه وزراء آخرين قريبين من سياسة التعليم، ويضم خبراء من التعليم العالى والتعليم الفنى والبحث العلمى وكذلك خبراء من وزارة الثقافة لحث الطلبة على الثقافة وان يكون سياسة التعليم بؤرة محورية فاعلة بين السياسيات والاستراتيجيات والقرارات والبدائل الرشيدة ذات مؤكد والعاجلة وليست ميسرة  بالهوى والظروف والطوارئ والأزمات وأدعياء المعرفة والتجربة التربوية والتفرغ.. هذه الوزارة لصنع سياسات تعليمية وترك التنفيذ لكوادر مؤهلة قادرة من خلال عملية اختيار وفق معايير علمية ولها القدرة على فك شفرة المركزية واللامركزية.. ويمكن ان تعكس سياسة التعليم درجة توجه السياسة العامة للدولة نحو توفير ما يطلبه الأفراد ليحققوا أهدافهم المعلنة والضمنية فى التعليم وتحقيق ما يتمنونه للمجتمع ولأبنائهم والعلاقة بين التبادل إيجابيًا أو سلبيًا. وفى النهاية يجب الاهتمام من الدولة بتغيير منظومة التعليم التلقينى من الابتدائى الثانوية العامة ويجب أن يدرس هذا بوعى وحب من أجل البلد كما يجب التشديد بقوة على مشكلة الدروس الخصوصية التى تعجز كل أسرة دخلها الشهرى لتوفر لابنائها مدرسًا يشرح وذلك لعدم وجود مدرسين فى المدارس يقومون بمهامهم التعليمية من أجل الطلبة ومن أجل الدولة.