الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كلام فى خرافات قديمة!!

كلام فى خرافات قديمة!!
كلام فى خرافات قديمة!!




وليد طوغان  يكتب:

بعد الثورة الفرنسية، كتب «إدموند بيرك» أن المجتمع الذى آمن بـ«الحقيقة الدينية الواحدة» بعد الثورة، هو نفسه الذى رفض «الدوجماتيك»، بعدما اكتشف آثار «الأصولية» التى تملكت دولة فرنسية سيطر عليها رجال الدين.
ولما جاء «مارتن لوثر»، كشف ما أدت إليه «الدوجماتيك»، من دخول «أساطير» على العقائد، إلى الحد الذى تحولت فيه «الأساطير» على يد رجال الدين فيما بعد إلى جزء لا يتجزأ من صلب العقائد، أو معلوم من العقائد بالضرورة.
 الثورات «انقلابات» اجتماعية فى الغالب، وفى «الانقلاب الاجتماعي» غالبًا ما يلجأ العوام إلى دين أعادوا صياغة مسلماته من أنفسهم.
لذلك؛ أسهب «بيرك» فى الكلام عن «استغلال» التيارات السياسية لرجال الدين، ومحاولات هذه التيارات لإيقاع رجال الدين وسط دوائر غير دينية تحت دعاوى عقائدية، بينما لم يتمكن رجال الدين من ملاحظة هذا.
فى أزمات اجتماعية كثيرة، تأرجح رجال الدين، أو «الثيوقراط» كثيرًا بين نظريات عقائدية لم يفحصوها، وبين أطماع سياسية لم يفطنوا إليها.
مثلًا لاحظ «دور كايم» أبو علم الاجتماع «ظهور طبقات من الكهنة مزجت آراؤهم بين أفكار الكتب المقدسة وفكر العوام»، ثم اكتشف «دور كايم» أن هذه الطبقات من الكهنة؛ هى التى عادة ما تستغلها التيارات السياسية،  من دون أن يفصح السياسيون، ومن دون أن يلحظ رجال الدين.
ملاحظة «دور كايم» كانت إلى حد ما صحيحة، فبعد ثورة «عرابى باشا» وهزيمته فى «التل الكبير»، دخلت الصوفية إلى دلتا مصر وصعيدها . أكثر «المتصوفة» الذين ظهروا بعد ثورة عرابى كانوا مهديين، دعوا للانفصال عن مصر.. من خلال دعوة المصريين لـ«حب آل البيت».
انخدع المصريون فى المهدية؛ فروجوا لمطالبهم من منطلق «ديني»، رغم أنه لم تكن هناك علاقة بين رغبة «متصوفة» سنار السودانيين فى الانفصال عن مصر، وبين «حب الحسن والحسين»، أو الهيام فى «آل البيت» والعترة النبوية.
عندما داهمت الشرطة المصرية مجمع خدمات الطريقة الهاشمية الصوفية فى البحيرة أوائل عام 2009، لاحظوا جدارية كبيرة للإمام الحسين كتب تحتها «لبيك يا حسين»؛ فسألوا الشيخ الصافى شيخ «الطريقة الهاشمية» عن سبب تعليق الجدارية؛ فقال: «بركة» .
 الشيخ «الصوفى» لم يلحظ أن صورة الإمام الحسين، طبعتها جريدة «كيهان الإيرانية الشيعية».. قبل سنوات من حصوله عليها، وكتبت أسفلها بالفارسية.. وبخط بالغ الصغر «بركة مولانا الحسين.. من كيهان»!!
كان هناك من يستغل مفهوم «بركة الحسين» للنفاذ بالدين إلى السياسة، فى الوقت نفسه،  كان هناك يستعمل الصوفية للتغلغل بـين المصريين،  لكن الجماعات «الصوفية» يرفضون التصديق، ولا يرغبون فى الاعتراف.
لما تتبع علماء الحملة الفرنسية السبب وراء تمسح المتصوفة المصريين بالأضرحة، واعتقادهم فى أن الأولياء المدفونين بها لا يزالون أحياء، يراقبون العالم من المقابر، عرفوا أن الشيعة المغاربة هم السبب، فلا المصريون قدسوا أضرحة الأولياء قبل ذلك، ولا رموا فيها طلباتهم من الله بخط اليد إلا بعد دخول وخروج الفاطميين من مصر.
لاحظ علماء الحملة الفرنسية أيضا إنه فى الفترة بين دخول حملتهم مصر وقبل قليل من خروجها،  ظهر 27 ضريحًا جديدًا فى مدينة القاهرة . المعنى، كان ظهور 27 «وليًا» جديدا لم يكن يعرف المصريون عنهم شيئا، وفى فترة لم تزد على 3 سنوات، هى عمر الحملة الفرنسية.
حاول العلماء الفرنسيون، الدخول فى نقاشات اجتماعية مع المصريين فى ذلك، لكن علماء الأزهر هاجوا وماجوا ودخلوا الجامع الأزهر وصلوا جماعة، لأجل أن يخسف الله الأرض بـجيش نابليون،  الذى يسأل عن أشياء إن تبدو تسوء . فاستغرب الفرنسيون من جديد.
حتى خرجت حملتهم من مصر.. لم يعرف الفرنسيون السر فى انتشار «أضرحة المجاذيب»، كما لم تعرف هيئة الآثار المصرية أسرار مقام «الشيخ عباطة»، ولا عرفت من الذى أطلق على المغربى «حسن الذوق» لقب «سيدى».
بعد أعوام اكتشفت وزارة الأثار كما هائلا من الأضرحة المزيفة، ومقامات أولياء ليسوا أولياء، تمسح فيهم البسطاء حبا، ورموا اموالا ونذورًا فى اضرحتهم تقربا الى الله.
المعنى البعيد، اننا مجتمع أدمن الخرافة، وساوى بينها وبين الدين!
كارثة.