الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«1999»سوقًا عشوائية بؤر للاحتراق .. وقرارات النقل «معطلة»

«1999»سوقًا عشوائية بؤر للاحتراق .. وقرارات النقل «معطلة»
«1999»سوقًا عشوائية بؤر للاحتراق .. وقرارات النقل «معطلة»




كتبت - مروة عمارة

 
التهمت نيران حريق سوق الجمعة بمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة، قرابة نحو 50 «عشة»، وخلفت خسائر طائلة، وعشرين كشكًا للبضائع وعانى رجال الاطفاء فى منع امتداد النيران لبقية السوق الذى يحوى مئات الأكشاك.
ولم يكن هذا هو الحريق الاول خلال هذا العام لأحد الأسواق العشوائية، فقد شب حريق بمنطقة الغورية فى القاهرة ونجم عنه حرق 24 محلا للقماش و25 فاترينة للاقمشة والعبايات، وكذلك حريق شارع الرويعى بالعتبة، بوسط البلد، والذى نتج عنه اصابة أكثر من 79 مواطنًا وتفحم ثلاثة مواطنين،  وخسائره تعدت 40 مليون جنيه بخلاف تفحم محتويات 238 محلًا.
وحال تلك الأسواق التى شهدت حرائق ضخمة خلال هذا العام لا يختلف عن بقية الأسواق العشوائية، فهناك أيضًا سوق الخميس بالمطرية والاحد بشبرا الخيمة والثلاثاء بمنطقة المرج وجميعها أسواق عشوائية وتعتبر ملاذًا للفقراء ومحدودى الدخل للهروب من ارتفاع أسعار السلع، ويحصلون منها على كل ما يحتاجونه بأسعار مناسبة، وتتسم أغلب تلك الأسواق بأنها تجمعات لعشش واكشاك خشبية وفرش ومواد سريعة وسهلة الاشتعال، فهناك عمال القهوة والشاى  يعملون وسط تلك التجمعات وتتواجد أنابيب البوتجاز بينهم، وسط غياب تام لكافة أجهزة الأمن الصناعى او تنظيم يسمح بدخول سيارات المطافئ فى حال حدوث حريق.
سوق الجمعة
رغم صدور قرارات لنقل بعض تلك الأسواق إلا أنها مازالت متواجدة وتشهد إقبالا من المواطنين وزحفا ًوسط الكتلة السكانية بشكل عشوائى وغير منظم، ولعل أبرز تلك الاسواق «سوق الجمعة» والذى شهد الحريق مؤخرًا ً ويقع بمنطقة الإمام الشافعى وأسفل كوبرى التونسى وكوبرى السيدة عائشة، وقد تعرض لحريق قبل ذلك عام 2010 ويرجع تاريخ سوق الجمعة  إلى عهدالملك فؤاد وهو مكان لبيع الحيوانات والطيور والاسلحة والثعابين والكلاب والانتيكات والخردة والبالة والأدوات الصحية المستعملة وعرف المعيشة والنوم المستعملة بأسعار رخيصة للغاية، جعله قبلة للوافدين من المحافظات والقرى الفقيرة لتجهيز بيوت الزواج بسعر رخيص لا يتعدى 10 آلاف جنيه لجميع مستلزمات الجواز، وبه قرابة 200 فرشة لتجار الاجهزة الكهربائية المستعملة والادوات الصحية من بواقى المصانع الكبرى وغرف نوم للكبار والاطفال ومطابخ وغرف معيشة مستعملة تعرض بقرابة 300 محل بالسوق، والاجهزة تبدأ من 100 جنيه ولا تتعدى 500 جنيه، والغرف من 500  ولا تتعدى ألفى جنيه.
وهناك مخطط لنقل سوق الجمعة  إلى 15 مايو بحلوان ، وهو أكثر أمانا للبائعين وحرصًا على حياتهم وممتلكاتهم، والسوق الجديدة تم إنشاؤها بمواصفات عالمية، وتم تدعيمها بكافة إجراءات الحماية المدنية، وسيتم توفير المواصلات لتنشيط حركة البيع بها، ولكن هناك حالة رفض من البائعين.
سوق الأحد
أما سوق الأحد بحى شبرا الخيمة، فهى مقصد لربات البيوت لتجهيز العرائس وبها كل ما تحتاجه العروسة فى تجهيزاتها للزواج، وبأسعار زهيدة تناسب دخل الأسرة فى حى شبرا الخيمة، وتشمل كافة المستلزمات من ملابس ومفارش وجميع أدوات المطبخ والأدوات والاجهزة الكهربائية وكذلك الاشياء المستعملة من ملابس وأجهزة ومستلزمات، وهناك أيضا الأكل والخضروات.
وتم التخطيط لنقله بعد تخصيص قطعة أرض على مساحة 700 متر على امتداد ترعة الإسماعيلية، عقب إدراج مبلغ 4 ملايين جنيه من وزارة التطوير الحضارى لإنشاء السوق ولم تنفذ حتى الآن.
سوق الثلاثاء
وبالمثل سوق الثلاثاء بحى المرج، بجوار محطة مترو الانفاق، هى أبرز الاسواق الشعبية والعشوائية وبها تنوع بالبضائع مشابه لسوق الاحد وبه كل مايلزم الأسرة المصرية بأسعار رخيصة ويقبل عليه راغبو الزواج لشراء مفروشات وستائر وسجاد واجهزة وملابس بأسعار رخيصة وكذلك سكان المحافظات، وفيه كل شىء موجود من الأجهزة الكهربائية والأدوات الصحية، ويشتهر ببيع البالات وبواقى المحال وفضلاتها.
وكان هناك مخطط لنقل السوق بسبب الاختناقات المرورية والازدحام، وذكرعلى لسان دكتور رضا فرحات ، محافظ القليوبية، أنه تم وضع مخطط جديد لنقل الأسواق العشوائية بوسط المدن إلى أماكن أخرى لا تسبب أى اختناقات مرورية، لتحرير الشوارع من الإشغالات العشوائية بعد أن تعذر حتى السير على الأقدام فى أغلبية هذه الشوارع والميادين.
سوق الخميس
أما سوق الخميس فهى متواجدة بأشهر ميادين حى المطرية، ويقبل عليها الباعة الجائلون لعرض بضاعهم من تجهيزات العرائس والمفروشات، وهى أيضًا من الاسواق الشعبية الشهيرة وبها تجمع لجميع تجار الستائر والسجاد والملابس الشعبية للكبار والصغار، وكذلك الادوات الصحية، وهناك مخطط لنقله لسوق المسلة لحل أزمه التكدس المرورى بالمنطقة، ولم ينفذ حتى الآن.
سوق العتبة
ومنطقة «العتبة» التى تقع بوسط العاصمة من أهم مناطق القاهرة الزاخرة بالعديد من أنواع التجارة والبضائع، والتى يرجع تاريخها لمئات السنين منذ عهد الخديو إسماعيل، ومركزا تجاريا حيويا ويضم محال شهيرة ومنها «عمر أفندي» و«أوروزدى بك»، و«سليم وسمعان صيدناوى» و«البيت المصرى» و«داوود عدس»، وبها محال الأدوات الكهربائية والمفروشات والملابس والتحف وآلاف الباعة الجائلين وأصحاب الفرش.
وتم الاعلان من قبل محافظة القاهرة النظر من جديد فى وضع المحلات والمخازن غير المرخصة والباعة الجائلين بمنطقة العتبة وهذه الأماكن التى تُباع بها هذه السلع شوارعها ضيقة للغاية ولا توجد بها عناصر الأمن والسلامة التى تُشدد الدولة على توافرها، وتم الاعلان عن التخطيط لنقل تلك المنطقة التجارية.
 
القاهرة 2050
تحدثت منال الطيبي، مدير مركز الحق فى السكن، أن الأسواق غير المنظمة المتواجدة تزايدت بعد الثورة، وبالأخص بعدما توقف مخطط القاهرة 2050 ، الذى قامت هيئة التخطيط العمرانى بإعداده منذ عام 2009 بإعداده، وكان من ضمن أهداف إعداد هذا المخطط هو حل المشكلات الموجودة بالقاهرة من اسواق عشوائية ومناطق عشوائية، بالإضافة إلى إعادة الريادة للعاصمة المصرية وزيادة القدرة التنافسية لها فى الشرق الأوسط بأكمله وأن تصبح مثل مدينة دبي.
حجم الأسواق
«المؤشرات الدولية تشير إلى أن موقع القاهرة وفقا للمدن العالمية أصبح رقم 43، وطبقا لتصنيف جودة الحياة حصلت على المركز 135، أما فى مؤشر القدرة التنافسية الحضرية العالمية حصلت على المركز 282، وتقرير التنمية البشرية المحلية لعام 2015، الصادر عن وزارة التنمية المحلية،  أن حجم التعاملات فى الاقتصاد غير الرسمى مابين 1.2 و1.5 تريليون جنيه، وأن الاقتصاد غير الرسمى يهدر 50 % من الضرائب، وأن تقشف المحليات والفساد وراء انتشار الأسواق غير المنظمة، وهذه الأسواق توفر 73% من فرص العمل، وأن الباعة الجائلين يستحوذون على 40% منها، وإن الاقتصاد غيرالرسمى يضم الأسواق العشوائية، و18 مليون منشأة، بينها 40 ألف مصنع، وتحدث التقرير عن وجود 1999 سوقاً عشوائية فى 230 مدينة بالمحافظات، وأن نسبة الأسواق اليومية منها 73.8 % من إجمالى عدد الأسواق، ومحافظة القاهرة تحتل المرتبة الأولى بين المحافظات فى الأسواق العشوائية بعدد 134 سوقاً، بـنسبة 12.2% من إجمالى الأسواق العشوائية، تليها الإسكندرية 83 سوقاً، والشرقية بـ 55 سوقاً، والقليوبية 45 سوقا ، وفى كفرالشيخ 42 سوقا والمنوفية تضم 29 سوقاً».
وتابعت: « 9,8 مليون عامل ينخرطون فى الاقتصاد غير الرسمى، ونسبة الباعة الجائلين منهم 40%، الأسواق العشوائية توفر 73% من فرص العمل الجديدة، وأرجع التقرير ارتفاع حجم الاقتصاد غير الرسمى بسبب انتشار الأسواق العشوائية والباعة الجائلين بعد اندلاع ثورة 25 يناير ، لأسباب من بينها غياب الأمن، وانخفاض معدلات الشركات الصغيرة والمتوسطة لأقل من 10 %،وزيادة العمالة غير الرسمية من 40 % إلى 45 %، خلال الفترة الماضية، وكشف عن سلبيات الاقتصاد غير الرسمى، ومنها إهدار 50 % من حصيلة الضرائب ورسوم تراخيص المنشآت الصناعية والتجارية»
الأسباب
«حدد التقرير أسباب غزو الاقتصاد غير الرسمى للاقتصاد الرسمى فى الأسواق المحلية بالعشوائيات، بينها تقشف الإدارة المحلية وانتشار الفساد وعدم توافر الثقافة المعنية بأهمية المساهمة فى اقتصاد الدولة، ومواجهة الروتين حال السعى لفتح ملف ضريبى أو التراخيص، واهتمام الحكومة بالمناطق الحضرية، وإهمالها القرى فى الوجهين القبلى والبحرى، وغياب دور الحكومة فى رقابة القطاع الاقتصادى غير الرسمى، نظرًا لأنه من أصعب القطاعات الاقتصادية، ولصعوبة التعرف على تركيبه أو تنظيمه، فضلا عن رفض الباعة الجائلين التعامل من خلال القانون، وصعوبة الإجراءات الرسمية الواجب مراعاتها عند مزاولة أى نشاط اقتصادى وتعدد الجهات الحكومية الرقابية على الأسواق العشوائية وكلها جهات تتعامل بالسلب مع الأسواق العشوائية».
وأوضحت : « اقترح التقرير تقنين أوضاع الباعة الجائلين وضرورة تأسيس نقابة تدافع عن حقوقهم وحل مشكلاتهم مع الجهاز التنفيذى للمحافظات، وحمايتهم من البلطجية، واستخراج شهادات صحية لهم، تسمح بتسويق منتجاتهم الغذائية، وإعادة النظر فى المشروعات المأهولة بالمشروعات غير الرسمية، وإصلاح الأسواق العشوائية لتحسين الحصيلة الضريبية، فى ظل صعوبة الجهاز التنفيذى فى المحافظات، يستهدف إحكام السيطرة على الأسواق العشوائية بأوضاعها وظروفها الحالية»
جدير بالذكر أن مشروع القاهرة 2050 كان يستهدف نقل المناطق غير الآمنة خارج القاهرة وتنفيذ 22 مشروعًا ذات أولوية خلال الـ15 عاما المقبلة من خلال 3 خطط خمسية متتابعة، وذلك لجعل القاهرة مدينة عالمية مستدامة ومترابطة، وكذلك تطوير القاهرة الخديوية وميدان رمسيس ومنطقة الأهرام وإنشاء مدينتين طبيبتين عالميتين، كما قامت الدولة بوضع برنامج قومى لتطوير الأسواق العشوائية على مستوى الجمهورية، طبقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (92) لسنة 2010، بإنشاء أسواق حديثة مطورة بديلة للأسواق العشوائية الموجودة، والتى تهدف إلى تطوير تلك الأسواق، وتحفيز دورها فى مجال تنمية التجارة الداخلية وتنمية الحرف والصناعات الصغيرة المرتبطة بها، وتوفير فرص العمل.
 حماية المستهلك
وصرح اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، إن خطة تطوير الأسواق التى تقدم بها الجهاز للحكومة تتضمن نقلها الأسواق إلى الظهير الصحراوى، بما فيها المدخلات ضمن آليات عمل جهاز تنمية التجارة، بهدف ضبط الأسواق وإحكام الرقابة عليها من خلال انتظام الباعة الجائلين فى هذه المنظومة، لتحديد ما لهم من حقوق وما عليهم من التزامات تجاه الدولة، من أجل حماية المستهلكين من السلع المجهولة المصدر وغير المطابقة للمواصفات وإمكان الرجوع للبائع حال ارتكاب أى مخالفات ضارة بحقوق المستهلك أو تمثل خطرًا على صحته.
لابد من زيادة حملات الداخلية  لأنها بؤر للاحتراق.
مطالب
الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، طالب  بتشديد الرقابة من قبل الدولة على هذه الأسواق الشعبية، عن طريق زيادة حملات وزارة الداخلية على الباعة الجائلين، لأنها بؤر للاحتراق فى ظل غياب وسائل الأمن الصناعى وكونها غير مرخصة ولم تحصل على إشتراطات السلامة المهنية، واصبحت أيضا بؤر لسيطرة البلطجية واصحاب الاتاوات والباعة الجائلين والعاطلين والسلع المسروقة، وعلى الاجهزة المحلية ضبط تلك الأسواق وعودة الأمن والرقابة عليها. 
«وعلى التاجر والبائع ان يعى انه المستفيد من نقل المناطق التجارية من وسط العاصمة المزدحم لمناطق مخططة ومنظمة وآمنة، فهو قرار تأخر 20 سنة، حيث لا تتمكن سيارات الدفاع المدنى من الوصول إلى كل المناطق، لضيق الشوارع ولازدحام المنطقة بالسكان» مطالبا ً دكتور عامر .
 محافظة القاهرة
وكشف اللواء أحمد تيمور القائم بأعمال محافظ القاهرة، عن السعى لنقل 21 منطقة تجارية، إلى خارج محيط وسط القاهرة، بعد الحريق فى منطقة العتبة وقبله الغورية، لأنها تفتقر الوسائل الأمان الصناعى وأنها تمثل خطرًا على المواطنين.
وأكد أيمن محمد عبدالتواب، نائب محافظ القاهرة للمنطقتين الغربية والشمالية، ضرورة نقل أسواق وسط القاهرة إلى أطراف المحافظة أسوة بسوق العبور، وذلك فى إطار مواجهة عشوائية الأسواق، وشدد على تغليظ العقوبة ضد من يتعدى على الطرق من البائعين بأسواق وسط البلد.
وزارة الإسكان
وقال الدكتور أحمد عادل درويش، نائب وزير الإسكان للتطوير العشوائيات، أنه تم إسناد مهمة تطويرها لصندوق التطوير الحضارى والعشوائى عقب اندلاع حريق سوق التونسى، وهناك من الأسواق اليومية أو الموسمية أو الخاصة بالخضروات و الأسماك وغيرها، وتختلف طبقا لاحجامها، ولذلك نعمل على أن نقوم بوضع آلية مستديمة لإدارة السوق بشكل جيد سواء تلك الخاصة بنظافته وجميع المخلفات أو أى جزئية يمكن أن تتسبب فى عودته بشكل عشوائى مرة أخرى، بالتعاون مع المحافظات والتجار أصحاب المصلحة، وحاليا سيتم الانتهاء من سوق غزة بمنطقة الزاوية الحمراء وسوق الكونيسة بالطالبية خلال الأشهر «المقبلة القليلة»، كما يتم عمل بعض التعديلات للاستجابة لمطالب الباعة الجائلين البسيطة بموقف أحمد حلمى بما يحقق زيادة نسبة الإقبال عليهم.
جدير بالذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسى اهتم بتطوير العشوائيات، والقضاء على المناطق الخطرة، وتم تكليف القوات المسلحة ووزارة الإسكان بالانتهاء من تطوير العشوائيات خلال سنتين، دون تحديد الكيفية التى سوف تتم بها عملية التطوير، أو مصادر التمويل، وتأكيده على وجود 850 ألف مواطن يعيشون فى هذه المناطق، والحاجة لـ 8 مليارات جنيه لتنفيذ هذه الخطة الطموح.