الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«الأقليات المسلمة» قليل من الروحانيات كثير من المرح




تختلف أجواء عيد الأضحى لدى الجاليات والأقليات المسلمة فى أمريكا وأوروبا وآسيا عنها لدى الشعوب العربية فعلى الرغم من عدم وجود نفس القدر من الروحانيات إلا أن العيد لديهم لا يقل بهجة ومرحًا عن نظرائهم خصوصا أنهم يصرون على اظهار احتفالهم بالعيد باقامة شعائره وسننه بالصلاة وذبح الأضاحى إلا أنهم يضفون عليه مذاقًا خاصًا لا يقل روعة عن غيرهم.
واختلف توقيت عيد الأضحى هذا العام حول العالم إذ إنه بدأ فى 25 أكتوبر فى تركيا ومقدونيا وألبانيا وفى 27 أكتوبر فى باكستان والهند وبنجلاديش ويوم 26 أكتوبر فى البلدان الإسلامية الأخرى.
 
 

 
 
 
فى أمريكا الشمالية يبدأ موقع الجمعية الإسلامية «ISNA» والمكلفة بالشئون الدينية للمسلمين فى أمريكا وكندا بنشر معلومات عن العيد وسبب احتفال المسلمين به كما يلقى بالضوء على مناسك الحج وفكرة الأضحية وتقسيمها كنوع من أنواع التوعية لإظهار جوهر الدين والاحتفال والفسحة فى الإسلام، وتحدد الولايات المتحدة المراكز الإسلامية الرئيسية والتى تحضر للاحتفال بشكل رسمى وستكون هذا العام مراكز ولايات نيويورك وفرجينيا وميرلاند.
وتعد التجمعات العائلية أحد أهم مظاهر الاحتفال بالعيد فى أمريكا حيث يجتمع أفراد العائلة المفرقون فى الولايات المختلفة بمنزل كبير العائلة، كما يجتمع الأصدقاء والمعارف من كل مكان  ويذهبون للصلاة معا فى المراكز أو المساجد الإسلامية هناك ثم يتفقون على ذبح الأضحية والقيام بحفلات شواء عائلية تجمع الأسرة فى جو دافئ ملئ بالمرح يتناولون الطعام فيه على مائدة واحدة ويشكرون الله على نعمه كما لا ينسون توزيع جزء من اللحوم تلك على الفقراء والمحتاجين.
وفى فرنسا حيث تعيش أكبر جالية إسلامية فى دول الاتحاد الأوروبى أجمع، وثانى أكبر جالية إسلامية فى العالم بعد الولايات المتحدة،  يسعى الفرنسيون إلى الاحتفال بعيد الأضحى المبارك وتأدية كل شعائره وسننه بما فى ذلك التضحية تمسكا منهم بهويتهم الإسلامية، كما يحرص الفرنسيون على تهنئة بعضهم البعض باللغة العربية، ويحتفلون بطريقتهم الخاصة عن طريق تزيين المساجد والمنازل وإضفاء جو من الروحانية فى البيوت حيث يجتمع الآباء بأطفالهم ليقصوا عليهم قصة النبى إبراهيم وذبحه لإبنه إسماعيل وكيف أن الله افتداه بالكبش كما جاء فى القرآن الكريم.
وتلقى عمليات البيع والشراء رواجا كبيرا فى فرنسا فى عيد الأضحى حيث تحرص بعض العائلات على شراء الهدايا للإطفال والكبار وتحرص النساء والأطفال على شراء الملابس الجديدة والتزين والتعطر من أجل العيد، ويزداد الاتجاه لشراء اللحوم والحلوى والعصائر والفاكهة، لذا قبل العيد تستعد المتاجر الكبرى وتمتليء بجميع أنواع البضائع حيث يتضاعف الاستهلاك بشكل كبير للاحتفال.
وتعتبر الحكومة الفرنسية يوم عيد الأضحى يوم عطلة رسمية بعكس ألمانيا حيث تعيش ثانى أكبر جالية إسلامية فى أوروبا. وفى ألمانيا يجمع المسلمون على أن العيد هناك أقل بهجة منه فى أوطانهم، لدرجة أنه على البعض مزاولة أعمالهم بشكل طبيعى حتى فى أيام العيد، بسبب شروط العمل القاسية التى تتسبب فى إضعاف روح التكافل بين المسلمين المهاجرين فى ألمانيا. وتعد أكبر المشكلات التى تقابل المسلمين فى ألمانيا فى عيد الأضحى هى منعهم من ذبح أضحياتهم، لأن السلطات الألمانية تعترض على ذبح الأضاحى بدون تخدير، لذا يطالب المسلمون هناك السلطات بتوفير مذابح خاصة بالمسلمين فى منطقتهم يتم فيها ذبح الأضاحى بطريقة شرعية حتى لا يشعرون بالتمييز والحرمان من تأدية شعائر دينهم بحرية. ويحاول المسلمون فى ألمانيا أن يتبادلوا الزيارات بين الأصدقاء قدر الإمكان حتى لا يفوتون عليهم جو الدفء والترابط فى تلك المناسبة الإسلامية الأكثر قدسية.
أما فى بريطانيا لا تغيب بهجة العيد عن المسلمين الذين يحرصون أولا على الصلاة ثم يقومون بتبادل التهانى وتقديم الحلوى للأطفال فى جو تسوده روح من الألفة والمودة التى تطغى على البرود الإنجليزى الشهير، والروابط الاجتماعية شبه المنعدمة. وبعد الصلاة يحرص البعض على القيام بذبح الأضحية بينما يتأثر البعض بالضغط الذى تمارسه بعض جمعيات حقوق الحيوان هناك والتى تحاول بشتى الطرق أن تسيء لهذه الشعيرة. حتى أن بعض تلك المراكز أجرى دراسة طريفة ليثبت أن المسلمين يتناولون 30% من اللحوم فى أوروبا فى العيد، وهو ما تهاجمه الجمعيات المختلفة ويشيد به تجار الماشية والفلاحين بالريف الإنجليزى.

 
 
وفى ايطاليا فإن الاحتفال بالعيد لا يكون مبهجا خصوصا وأن البلاد لا تسمح بالعطلات يوم العيد ويقتصر العيد فى إيطاليا على الصلاة، وكذلك فإن نقص المساجد فى روما يجعل المسلمون يبحثون عن أماكن بديلة فسيحة تجمعهم وتستوعب أعدادهم، وفى بعض الأحيان يتجمع المسلمون بقصر بشارع «جواسكو» لأداء الصلاة التى يحضرها رئيس مجلس البلدية باعتباها مناسبة اجتماعية ولإظهار روح التعددية الثقافية فى المدينة إلا أن المسلمين يشعرون بالضغط الواقع عليهم، فهم لا يشعرون ببهجة العيد كما أن الصلاة تكون صعبة فى معظم الأوقات وتتسبب لهم مشكلات خاصة مع غرامات ركن السيارات فى اماكن مخالفة.
والاحتفال بالعيد فى الهند له مذاق خاص حيث تبدأ مظاهر الاحتفال بالعيد قبلها بأيام حيث تتعاون الاسر فى تنظيف المنازل وترتيبها ويستعد الأطفال بشراء ملابس جديدة ويسهر الجميع لإعداد المشروبات والحلوى ليوم العيد وفى الصباح يتوافد المسلمون على المساجد الكبرى بأعداد مهولة لأداء الصلاة، ويعتبر عيد الأضحى فى الهند مناسبة قومية يتشارك الجميع من كل الديانات فى الاحتفال بها وتتمركز الاحتفالات غالبا فى نيودلهى بمسجد «جاما» الضخم والذى يتوافد عليه الملايين كل عام. ويصنع الهنود حلوى خاصة بالعيد مكونة من الحليب والفاكهة. وتلقى محال اللحوم رواجا كبيرا بينما يقبل كل مقتدر على شراء أضحيات وذبحها وتوزيعها فى مهرجان مبهج وسعادة غامرة.
وفى اليابان يحتفل المسلمون بالعيد بشكل أساسى من خلال أداء صلاة العيد، التى كانت حتى وقت قريب تقام فى المساجد، ولم تكن حينها تسع كافة المصلين فكانوا يضطرون لأدائها على دفعات متتالية، ولكن مؤخرًا سمحت الحكومة اليابانية للمصلين بأداء صلاة العيد فى الملاعب الرياضية والحدائق والمتنزهات، وهو ما زاد من فرحتهم بالعيد الذى تحول إلى واحد من أهم وسائل الدعوة للإسلام فى اليابان.
أما فى الصين التى يبلغ عدد المسلمين نحو 20 مليون مسلم، وفى إقليم ننيجشيا ذى الأغلبية الإسلامية يرتدى المسلمون ملابس العيد البيضاء المكونة من الجلباب والعمة ، ويتوجهون للمساجد للصلاة وسماع خطبة العيد ثم يقوم من يستطيع منهم بالذبح وتوزيع لحوم الأضاحى والتزاور خصوصا وأن الحكومة تسمح بإعطاء اليوم الأول من عيد الأضحى إجازة للمسلمين.
ومن الطقوس الطريفة للاحتفال بعيد الأضحى فى الصين لعبة «خطف الخروف» وهى واحدة من أهم مظاهر الاحتفال حيث يتسابق الشباب على ظهور الخيل من أجل التقاط «خروف العيد» دون السقوط وتنتهى اللعبة بإعلان الفائز الذى استطاع التقاط الخروف فى أقل وقت ودون أن يسقط من على جواده، وبعد الانتهاء من اللعب تجتمع الأسرة لتلاوة القرآن والأدعية ثم الصلاة وبعدها يقوم إمام المسجد بذبح الأضحية وتقسيمها إلى ثلاثة أجزاء بحسب الشريعة.
 

 
 
وفى تايلاند يتحدى المسلمون، البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، التمييز والتهميش والقمع الذين يتعرضون له ويصرون على الصلاة والتواصل الاجتماعى بينهم فى عيد الأَضحى، وما يميز مسلمو تايلاند عن غيرهم هو بطاقات المعايدة التى يرسلونها لأهلهم وذويهم وجيرانهم، فعلى الرغم من أن العالم كله أصبح لا يستخدم البريد الورقى أو بطاقات التهنئة ويتجه لرسائل المحمول والبريد الإلكتروني، يرى مسلمو تايلاند أن تلك الرسائل الورقية والبطاقات الملونة هى الأسلوب الأمثل للتهنئة بهذا اليوم المبارك معتبرين ارسالها عادة قديمة لا يجوز انتهائها. وفى يوم العيد يغتسل المسلمون ويضعون العطور ويرتدون الزى الشعبى التقليدى للمسلمين، وعقب الصلاة يتصافحون ويتوجهون لمنازلهم لذبح الأضاحى وبعدها يتوجهون للحدائق والمتنزهات لقضاء اليوم.
وفى بلجيكا تصر الجالية الإسلامية على إضفاء نكهة خاصة على عيد الأضحى أو «عيد الخروف» كما يحلو لهم تسميته باعتباره أهم أعياد المسلمين على الإطلاق، ويصر المسلمون هناك على ذبح الأضاحى مما يجعل السلطات تضطر لاتخاذ إجراءات استثنائية منها تخصيص مذابح مؤقتة فى مختلف الأحياء والبلدات، بالإضافة لعدة إجراءات تنظيمية للمحافظة على النظام والترتيب هناك، بالإضافة إلى تشديد الإجراءات على النظافة فيما يتعلق بالتخلص من مخلفات حيوانات الأضحية.
وفى احتفالهم يذهب الآباء مع الأطفال لشراء الملابس المبهجة والحلوى والبالونات الملونة فالعيد بالنسبة للأطفال فى بروكسل هو المناسبة الأكثر متعة ومرح، ويذهب الجميع للصلاة فى المراكز الإسلامية والذبح وبعدها الشواء فى حديقة المنزل مع العائلة والأصدقاء.
وفى روسيا فيتسبب الاحتفال بالعيد والذهاب إلى الصلاة فى حدوث زحام شديد وأزمة مرورية بسبب وجود 4 مساجد فقط فى العاصمة موسكو مع حرص المسلمين هناك فى العاصمة على التوجه للصلاة، وهو ما جعل السلطات هذا العام تقرر السماح للمسلمين بأداء الصلاة فى قاعة مركز المعارض فى «سكولينيكى»، والذى يعد أحد الأماكن العامة مع شكوى المسلمين هناك من الاضطهاد وعدم السماح ببناء المساجد وتوفير أماكن للصلاة لاستيعاب المجتمع الإسلامى المتزايد هناك.
أما فى سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك والتى تقطنها أغلبية مسلمة فتستعد للعيد بإضاءة الشوارع الرئيسية وتعليق الزينة، كما ينشط فيها بيع الأضاحى لأن المسلمين هناك يصرون على إقامة الشعائر الإسلامية بحذافيرها. وقد أصدر اتحاد مسلمى البوسنة والهرسك مؤخرا فتوى تتعلق بالاحتفال بعيد الأضحى أشار فيها إلى ضرورة اتباع المسلمين للتعاليم الإسلامية وحذر من الاحتفال عن طريق شرب الخمر وسماع الموسيقى الصاخبة مشيرا إلى أن العاصمة سراييفو تريد أن تكون فرحة المسلمين بالعيد من خلال قيم الإسلام التى تعززه.
أما المسلمون فى ميانمار فيبدو أنهم لن يحتفلوا بالعيد هذا العام فقد رفض ائتلاف المنظمات الدينية هناك احتفال الأقليات المسلمة (المعروفة باسم الروهينجا) بعيدهم مع الاضطهاد الواسع الذين يتعرضون له هناك، ولم تتخذ الحكومة أى إجراء بخصوص ذلك كما أنها رفضت طلب منظمات الإغاثة الدولية العرض المقدم من منظمة المؤتمر الإسلامى ومنظمة التعاون الإسلامى لمساعدة اللاجئين فى الصراعات هناك.