مال الله ( ) 3
عبد الله كمال
فى الولايات المتحدة تبلغ أموال التبرعات نحو 390 مليار دولار سنويا.. توجه إلى مجالات التعليم والصحة فى الأغلب.. بخلاف مجالات أخرى بالطبع.. وتشير الدراسات إلى أنه يتم انفاق 36 مليار دولار على عمليات الإعلان من أجل جلب تلك التبرعات والحملات التسويقية المختلفة.
وفيما يبدو فإن مستشفى57357 الذى أركز عليه اليوم فى نهاية تلك المقالات قد استفاد كثيرًا من خبرات الولايات المتحدة بخصوص طرق جمع التبرعات.. ووصل إلى حد أن يتمكن من تحقيق 40٪ من حجم التبرعات التى تصل إليه من الخارج.. وخصوصا من المصريين فى الخليج والولايات المتحدة وأيضًا الأثرياء العرب.. وقد نوع وسائله حتى أصبح لديه تبرع بالبريد وتبرع عبر الإنترنت.. ويفخر الكثيرون فى المستشفى بأنه تصلهم مبالغ قد لا تزيد على 30 دولاراً من مصرى فى الولايات المتحدة أو من 19 موقعا خارجيا تستهدفها الحملات.
ما ينبغى الإشارة إليه فى سياق هذا المشروع الناجح والقائم على الجهود التطوعية عدة نقاط:
- هناك فصل تام بين أقسام تحصيل التبرعات وأقسام الترويج للتبرعات.. ولدى المستشفى حسابات موثقة ودقيقة.. ولديه مجلس تنفيذى فيه الدكتور فتحى سرور ومحافظ القاهرة ووزير الصحة وعلا غبور وعلاء السبع وعدد من الأثرياء والنشطاء.. ودور الدكتور شريف أبو النجا فيه هو نائب المدير للعلاقات الخارجية ولكن للمستشفى مديرًا عامًا هو الدكتور هانى حسين.
- من حق المستشفى أن يسعى للحفاظ على تطوره وتنمية مؤشراته.. والإبقاء على مستوى صحى دقيق.. خصوصًا وأن معدلات الوفيات بين حالاته لا تزيد على 15٪.. وإن كان لم يبلغ بعد المدى الزمنى الذى يؤهله لأن يعلن عن معدلات النجاح فى العلاج.
- يصر المستشفى على أن يكون العلاج فيه مجانيا.. ولا يقبل فكرة إنشاء الأقسام الاقتصادية مدفوعة الأجر.. وهو لديه 185 سريراً.. وإن كان يستقبل يوميا فى الأقسام الخارجية عددًا هائلاً من المرضى.. وهو يتجه إلى التوسع فى قطعة أرض قريبة منه بحيث تكون موقعا لأسرة المرضى متلقى العلاج الذين لا ينبغى أن يحتجزوا فى المستشفى.. ويقوم الآن المشروع على إنشاء مستشفى مماثل فى طنطا.. ويستفاد من خبراته فى كل من مشروع مماثل فى السودان ومشروع يزمع إنشاءه ثرى إماراتى فى سوريا.
- تبلغ قيمة فواتير علاج بعض الأطفال فى هذا المستشفى نصف مليون جنيه. والمعنى إنه عمل ناجح يجب أن نسانده.. وأن ندعم ما يماثله.. وأن نطلب من كل الجهات القادرة على أن تعضده هو وغيره.. بدلاً من أن تحصل على التبرعات من الناس عصابات التسول فى الشوارع أو عصابات التطرف فى جهات مختلفة.. تسترت أو انكشفت.. خاصة ونحن ندرك أن هناك قدراً هائلاً من الأموال سوف يخرج من جيوب الناس لاشك فى ذلك.
وحتى بداية كتابة هذه المقالات فإننى كنت اتحفظ بدورى مثل بعض الزملاء على استخدام الأطفال فى الإعلان عن ضرورة التبرع.. وأرى فى ذلك عملا غير إنسانى.. ولكن تفسيرًا قدمه أحدهم لى.. ربما يكون مقنعا لى ولغيرى.. إذ أكد أن هذا طبيعى ومعروف فى جميع أنحاء العالم.. وأنه لابد من أن تستحث المشاعر لكى تنفق وتعرف أين تنفق أموالها.. وأن أشهر إعلان حقق فى بريطانيا أكبر عائد خلال العام الحالى كان يقوم على الأطفال.. وأشار إلى إعلان يضم ثلاثة أطفال أفارقة عراة يدخلون الاستديو على مذيع بريطانى ويأخذون مما شفى يده.
قد نتفق وقد نختلف.. لكننى أستطيع أن أؤكد أن أحد أهم مبررات اهتمامى بالمستشفى أننى عانيت من مشاعر قاسية حين رأيت أطفالاً على هذا القدر من المعاناة مع المرض اللعين. فى بعض الإعلانات.. وذهبت بدورى فى العام الماضى وساهمت فى تلك الحملة المستمرة التى أدعو لها بمزيد من التوفيق.
الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net
البريد الإليكترونى: [email protected]