الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الأساطير المؤسسة للعنف الجديد

الأساطير المؤسسة للعنف الجديد
الأساطير المؤسسة للعنف الجديد




كتب: د.حسام عطا
عندما يعيش العالم الآن كل هذا العنف على المستوى السياسى والاجتماعى والعرقى، وعندما يتحول ما اصطلح على تسميته بالربيع العربى إلى كل هذا العنف الممتد للمحيط الإقليمى، وعندما يصبح الصراع إكراهيا قاسيا فى مصر بين دعاة الأصولية والإرهاب ودعاة التمدين والدولة الحديثة، فإن التأسيس للقوة القاهرة كوسيلة للتغيير الاجتماعى ولتقدم الأفراد والحراك المالى والطبقى قد أصبح هو القانون الأساسى الحاكم لثقافة العنف المستبد، عنف رمزى فى التعليم التلقينى الصعب يقابله عنف فى السلوك اليومى فى الشارع، كل هذا يفتح الباب من عنف الواقع إلى عنف الدراما وهو عنف الخيال، وهنا يصبح خيال العنف الدرامى بيئة خصبة سهلة لتأكيد غياب العقل، ولتبرير صناعة عنف جديد هو عنف المناطق والجماعات المعزولة سواء فى الحارة الشعبية ذات الطابع العشوائى أو فى المعازل الجديدة غالية الثمن للأثرياء الجدد فى مصر، حيث فخامة المكان وانحطاط البشر بين الخيانة الزوجية والجنون والشر الشخصى العنيف المرتبط بالذات المريضة، إنهم شخوص لا يعرفها ملايين المصريين القائمين على رأس عملهم اليومى الجاد البسيط أو الكبير، السائرون سعيا فى دروب مصر من أجل الحصول على عيشهم وكرامتهم الإنسانية كتعبير عن الثقافة المصرية الوسطية المؤمنة بالتسامح والعمل والتى عبر عنها المصريون فى عبقرية 25 يناير ومعجزة30 يونيو، وهو الجزء المستهدف سرقته وضمه لعالم العنف الخيالى الدرامى المتنوع الذى أطلق نيرانه على المصريين من الشاشات فى رمضان الماضى، قصف مكثف من نيران العزل والإكراه والتفتيت، وصناعة نماذج جديدة للاحتذاء، بدت كمن يريد أن يقول لنا إن هؤلاء من شذاذ الآفاق والخلق هم صدارة المشهد فى المنتجعات والمناطق الشعبية، شخوص هم رجال أعمال بعصابات شرسة وجميلات ومهندمون وقوادون وعاهرات من زمن الماضى القريب، ومغنٍ تاريخى تعشقه زوجات الآخرين بلا سبب مقنع، وأسطورة قتل شابة جديدة تفتح باب المزايدة للخيال الدرامى العنيف، وصور ذهنية صادمة لاتباع ديانات سماوية تتصارع على ثروة، وهى ترسخ صورا جديدة فى الواقع المصرى لكنها لا تحل صراعا ولا تفسر فى العمق اشتباكات تاريخية، بينما يثرثر المبررون وينبرى المدافعون عن حرية الإبداع وعن النجم الغر الصغير صانع الملايين، بينما يغيب عن خيال الدراما البسطاء والبنائين والعمال والشباب الحالم بمصر الجديدة.
من يقف وراء ذلك.. هل هو عنف الواقع، أم جهل المال، أم فرض خيال درامى يصل إلى حد المؤامرة فى صنع الأساطير الجديدة المؤسسة للعنف والحاضنة لليأس؟