الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
حرب إسكات الإمام!
كتب

حرب إسكات الإمام!




 


كرم جبر روزاليوسف الأسبوعية : 10 - 10 - 2009

 

- المحظورة هي التي تحرك الحرب القذرة ضد شيخ الأزهر
- هم يريدون إماماً متخاذلاً يمالئ الإرهاب ويغازل التطرف
- الدعاة الجدد يصنعون الخائفين والخائفات حتي يسيطروا عليهم
- المهندس والمحاسب والطبيب وغيرهم من الفاشلين هم نجوم الدعوة الآن
- فتاوي الفضائيات مثل أفلام للكبار فقط مليئة بالعُري والجنس
- يا ويل الإسلام والمسلمين من سيوف الجهلاء وأفكار الظلاميين
فضيلة الإمام الأكبر.. لست وحدك.. ولن نتركك في الحرب الظالمة تتلقي الضربات والطعنات الغادرة، لأنك جاهرت بقول الحق ولا تخشي لومة لائم، فالتفت حولك طيور الظلام الجارحة، تنهش فيك من كل اتجاه.. أنت لست المستهدف، ولكن المقصود هو ابتزاز وإرهاب أي صوت مستنير، يوقظ في الناس نعمة العقل، في زمن الجهالة وتغييب العقل.
فضيلة الإمام الأكبر.. إنهم يتربصون بك ويتصيدون لك كل كلمة وحرف، لأنهم لا يريدون عالما مستنيرا ولا إماما فقيها، يكشف زيفهم وتطرفهم.. وبدون هذا الزيف وهذا التطرف لا يكون لهم دور ولا وجود ولا عيش.. وهي ليست المرة الأولي التي تواجه فيها هذه الهجمة الشرسة، ولن تكون الأخيرة.
--
فضيلة الإمام الأكبر..
أنت قوي في الحق وصلد وعنيد، لا تستسلم ولا تتراجع، وجريء في المواجهة والمناظرة، لا تخاف ولا تخشي إلا الله.. وهم لا يريدون إماما بهذه المواصفات، يقف لهم بالمرصاد.. يريدون إماما طيعا ومستسلما، يترك لهم الساحة خالية، يعبثون فيها بفتاواهم الظلامية، التي كانت سببا في مأساة هذه الأمة وتراجعها، وتخلفها عن سائر الأمم والشعوب.
أنت جريء في الحق، بينما كان يجلس علي مقعدك إمام آخر منذ سنوات رفض عدة مرات أن يذهب للشهادة أمام المحكمة في قضية التكفير والهجرة، لدرجة أن هيئة المحكمة الموقرة قالت في حيثيات حكمها إنها كانت علي وشك إصدار قرار بضبط وإحضار شيخ الأزهر، ليحضر إليها مقبوضاً عليه ويدلي بشهادته، ولكنها تراجعت عن ذلك احتراماً لمكانة الأزهر وتاريخه، وليس لشيخه الذي يمتنع عن الإدلاء بشهادته.
هم يريدون شيوخا من هذا النوع يمالئون الإرهاب وينامون في أحضان التطرف، حتي يتم إخلاء الساحة من كل الأصوات التي تعريهم، خصوصا إذا كان عالما جليلا في قامة ومقام شيخ الأزهر، لا يستطيعون تكفيره ولا اتهامه بالشيوعية والعلمانية، كما يفعلون مع خصومهم دون سند أو دليل.
--
فضيلة الإمام الأكبر..
نحن نعيش في زمن أسوأ من عصر جماعة التكفير والهجرة، فما الفرق بين شكري مصطفي الذي اغتال الشيخ الذهبي، وبين الأصوات المسعورة التي تحاول اغتيالك.. القاتل والضحية يا محمد مسلمين.. ويا ويل الإسلام من سيوف المسلمين وجهلهم، والسيف والجهل هما آفة هذه الأمة ومقتلها.
السيف والجهل هما المصيبة الكبري التي ابتلي بها هذا الوطن، فظل سنوات طويلة يعاني من الإرهاب والإرهابيين، حتي أنقذه الله من شرورهم وكيدهم.. والآن تعود نفس الوجوه المتطرفة التي مهدت الطريق للإرهاب والإرهابيين، عادت لتلعب نفس الدور، وتهيئ مسرح العمليات لنفس الحرب القذرة.
في السبعينيات عشنا أياما مثل هذه الأيام، انتعشت فيها الأفكار المتطرفة، واستيقظت طيور الظلام وعلت أصواتهم، حتي نجحوا في إسكات الأصوات الجريئة التي تكشف زيفهم، ولما تحقق لهم ذلك، أعطوا الضوء الأخضر للعمليات الإرهابية التي أسقطت من أبناء هذا الوطن مئات الضحايا.
هل سنعود لتلك الأيام والذكريات الحزينة، هل يتصورون أن مصر ومفكريها ومستنيريها ومثقفيها يمكن أن يستسلموا ويسلموا رايات الوعي والاستنارة للظلاميين والمكفراتية وحلفاء الشيطان؟!
--
فضيلة الإمام الأكبر..
الجماعة المحظورة تستهدفك، مثلما تستهدف استقرار هذا الوطن وهدوءه وطمأنينته.. وتقود ضدك حربا قذرة تستخدم فيها أسلحة محظورة.. سيدة منهن تصفك بالمتخاذل الأكبر، معاذ الله، وأين كلامها من أخلاق الإسلام والمسلمين والخُلق الرفيع الذي بُعث نبينا الكريم - صلي الله عليه وسلم - لإتمامه؟!
يتهمون فضيلتك بأنك ارتكبت الجريمة الكاملة.. وبالفعل هي جريمة كاملة في حق المتطرفين والمنغلقين، عندما تنصح فتاة صغيرة في عمر أحفادك برأي الشرع في النقاب، خصوصا إذا كانت في فصل للبنات وتقوم بالتدريس لها مدرسة في عمر والدتها.
النقاب ليس محل اتفاق ديني أو فقهي، ولم تفعل فضيلتك سوي بيان صحيح الدين.. وكان يمكن مخاطبتك بالشرع والدين وآداب الإسلام، وليس بالتطاول والسفالة والقذف والسب والخطأ في شخص عالم جليل، والمطالبة بعزله وتكفيره والتنكيل به.
لم تعتدِ فضيلتك علي الحرية الشخصية، بل هم الذين يعتدون عليها كل لحظة ودقيقة، بأفكارهم الرجعية وأحاديثهم المشتبه فيها التي يقومون بترويجها عبر الفضائيات والمساجد، حتي أصبحت بناتنا وأمهاتنا محاصرات طوال الليل والنهار بالحرام والخطيئة والعورات، وأحاديث التخويف والترهيب والنار والعذاب والثعبان الأقرع.
--
فضيلة الإمام الأكبر..
هم الذين يسيئون إلي الإسلام والمسلمين وليس فضيلتك.. يسيئون إليه بجهلهم وتسلطهم، بعد أن انتحلوا شخصيات الدعاة دون علم أو دراسة، فالمحاسب والمهندس والطبيب والمحامي وغيرهم من الفاشلين في مهنهم الأصلية، أصبحوا نجوما للفتوي في الفضائيات، وحققوا ثروات طائلة وشهرة واسعة.
هؤلاء الدعاة هم الذين يقودون الحرب ضدك يا فضيلة الإمام، حتي تخلو لهم الساحة، ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا بتشويه سمعة علماء الإسلام الكبار وأساتذة الأزهر الأجلاء الذين أفنوا عمرهم في العلم والبحث والدراسة، ثم جاء هؤلاء الدعاة ليسحبوا السجادة من تحت أقدامهم.
الدعاة الجدد مثل الزرع الذي لا تنمو جذوره إلا فوق سطح الأرض، فلا يثمر ولا يطول، يعتمدون علي الأحاديث غير الصحيحة والتفسيرات التي لا يُجمع عليها علماء المسلمين، ويلجأون إلي التشدد والترهيب حتي يسيطروا علي الخائفين ويحركوهم كالعرائس مثل الحواة في السيرك.
الدعاة الجدد لا يحترفون إلا الجدل الذي يميت القلوب ويُغيِّب العقول، لا يعلمون الناس ما ينفعهم، لأنهم لو فعلوا ذلك فسوف ينصرفون عنهم، فليس لديهم علم نافع، ولا أدلة شرعية ودينية علي ما يقولون، لا يحترفون إلا إشعال الفتن وإيقاظ الضغائن.
--
فضيلة الإمام الأكبر..
أنا شخصياً أعذرهم حين يتصيدون لك الأخطاء.. لأنك كنت لهم كالشوكة في الزور.. فتاواك سبقت عصرها، وانحازت إلي التسامح والتنوير والوعي والترغيب وليس التخويف، لم تترك شأناً يهم الإسلام والمسلمين إلا وتحدثت فيه بروح الإمام الذي يتحسس أمته وهمومها، ويسعي إلي التخفيف عنها والتيسير عليها.
كانوا يسممون علي الناس حياتهم بفتاوي الربا والبنوك، ومهدوا الطريق لذئاب توظيف الأموال الجائعة لتمتص عرقهم وجهدهم وأموالهم، فأقسمت بالله أن شيخ الأزهر يضع مدخراته في البنوك العادية ويحصل علي الفائدة، ويطعم منها أولاده حلالا طيبا، وفتواك هذه أضاعت عليهم الملايين والملايين.
فتاواك الخاصة بالفنون والثقافة والآداب والتكفير والتحريم والتطرف والإرهاب، كلها تستهدف صالح الإسلام والمسلمين، وتضيق الخناق علي مرتزقة الدعوة وقناصي الأبرياء الغلابة، الذين يبحثون عن أحكام سمحة تهدئ من روعهم، فلم يجدوا أمامهم إلا محترفي النصب والاحتيال الذين يرتدون عباءة دينية، وللأسف الشديد فقد أصبح هؤلاء هم الغالبية العظمي.
--
فضيلة الإمام الأكبر..
بالفعل نحن أمة ضحكت من جهلها الأمم، فبينما تتسابق الأمم والشعوب حولنا من أجل العلم والتقدم ورفاهية شعوبها، فنحن نتشاجر حول النقاب.. وكأن المسلمين سوف ينتصرون علي أعدائهم إذا ارتدت نساؤهم النقاب.
لا أدري لماذا يركز هؤلاء الدعاة علي المرأة وجسدها وزينتها، وليس عقلها وعلمها ووعيها وفكرها.. فبين نساء المسلمات آلاف الصور والنماذج المشرقة في مختلف مناحي الحياة، ولم تنل واحدة منهن أدني درجات الاهتمام، لأن دعاة الأمة الجدد مشغولون بفتاوي الحيض والطهارة وغرف النوم حتي جعلوا المرأة عورة في عورة من أخمص قدمها حتي شعر رأسها، بل إن عقلها أيضا أصبح عورة.
هلاوس الجنس هي التي تسيطر عليهم، وتحولت أحكامهم وفتاواهم في الفضائيات إلي ما يشبه أفلام الكبار فقط من فرط الجرأة والوقاحة تحت شعار لا حياء في الدين، والدين بريء منهم ومن أفعالهم السوداء.
ماذا تستفيد الأمة من معارك جدلية، سبق أن شقت الصف وأدت إلي تناحر علماء المسلمين، وجعلتهم شيعاً وأحزاباً.. وهل نحن نسير إلي المستقبل بالرجوع إلي الوراء بالانكفاء في عصور الرجعية والتخلف وحريم السلطان والسيف والجلاد؟!
--
فضيلة الإمام الأكبر..
مصر لن تكون وطناً لجلادي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونساؤها لن يكن مطية لكرابيجهم وألسنتهم السليطة وأحكامهم الشريرة.. مثلما كان يفعل جلادو طالبان وهم يجلدون النساء في الأسواق بالسياط، إذا انكشف نقابها قيد أنملة، وهي تنقذ طفلها من السقوط علي الأرض!
مصر لن تكون وطناً للتشدد والغلظة والقسوة، لأنها تعشق في الإسلام وسطيته وتسامحه، والإسلام رفع شأن المرأة ومنحها حقوقها، ولم يجعلها مجرد جسد لتفريغ شحنات الرجل والاستجابة لشهواته.
هم يفسرون سبب النقاب بدرء المفاتن، دون أن يدركوا أن عيني المرأة هما بيت الفتنة، وأن النقاب يزيدهن إثارة وغواية.. فهل يكون الحل بعد ذلك هو وضع شاش أسود علي عينيها حتي تخبو فتنتها.. ولماذا كل هذه المعاناة والتعب.. ولا نختصر الطريق ونحكم علي النساء بعدم الخروج من المنازل أصلاً إلا حينما يحين الأجل، وتذهب إلي مثواها الأخير؟!
--
فضيلة الإمام الأكبر..
لست وحدك.. غالبية المصريين يعرفون قدرك وسماحتك وحرصك علي التيسير علي الناس في أمور دينهم.. وإنك لم تكن يوماً إلا صوتاً للوعي والاستنارة والسماحة وصحيح الإسلام.
لست وحدك.. وسوف يظهر لك كل يوم آلاف من المؤيدين والأنصار، لن يتركوك في الحرب الظالمة، حرب الإفك والضلال واللعب بمشاعر المسلمين.
لست وحدك.. ولينصرن الله من ينصره، ولن ينصر الله من يظلم الناس ويستعبد الناس، ويضلل الناس باسم الله، والله بريء منهم.


كرم جبر


E-Mail : [email protected]