الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

افرم افرم يا سادات.. وخلصنا منهم

افرم افرم يا سادات.. وخلصنا منهم
افرم افرم يا سادات.. وخلصنا منهم




 محمد عبد الشافى يكتب:
مراكز القوى هى بعبع الحكام، فهى تحكم من وراء عرش النظام بل كانت تتسبب فى زعزعة هذا العرش وتأثيرها فى أشكال مختلفة ما بين توجيه إعلامى أو تنصت على أسرار النظام لقربها منه أو استدعاء الجماهير للتظاهر وذلك لتحقيق أغراضها وبالتالى كانت تحكم من وراء الستار فتعالو بنا لنتعرف عليها أكثر فى هذه الحكاية.
■ عهد جمال عبد الناصر
إنها قصة ضباط عاديون من الجيش لم يكن أحدهم من الضباط الأحرار أو له أدنى علاقة بثورة 23 يوليو1952 لكنهم تقربوا من بعض رجال الثورة الأقوياء فعملوا فى جهاز المخابرات العامة الذى أنشأته الثورة مما مكّنهم من التعرف على عبد الناصر وإظهار  ولائهم له وأنهم يخدمون الثورة أكثر من ضباطها الأحرار فسعوا فى التخلص من أعضاء قيادة الثورة واحداً تلو الآخر وهذا ما اعترف به الفريق محمد فوزى بأنه لعب دوراً رئيسياً فى التخلص من المشير عبد الحكيم عامر بعد قلب صديق عمره عبد الناصر عليه وانتهى الأمر بمأساة انتحاره يوم 14 سبتمبر1967ولم يتبق بعد ذلك من أعضاء قيادة الثورة سوى أنور السادات وحسين الشافعى وكانا بلا نفوذ أو سلطان.
■ الجماعة الثلاثية
إن أعضاء هذه الجماعة الثلاثية كانوا يحكمون مصر فى هذا العهد من خلال إحكام قبضتهم على جميع أجهزة الدولة عقب نكسة 5يونيو 1967 وهم شعراوى جمعة وزير الداخلية وسامى شرف سكرتير الرئيس والفريق أول محمد فوزى وزير الحربية وقتذاك حيث وصلت ثقة الرئيس عبد الناصر بهم بأنه عند سفره خارج البلاد كان يوكّل أحدهم بتصريف أحوال الدولة دون أن يعيّن نائباً له وكان شعراوى وسامى يتحكمان فى فرض الرقابة على الأشخاص والمسئولين عن طريق جهاز المخابرات العامة التابع لسامى شرف وجهاز المباحث العامة التابع لشعراوى جمعة وذلك بوضع أجهزة تصنت خفية فى المكاتب والمنازل عن طريق أفراد أمن متخصصين وبمفاتيح مصطنعة وقد ذكر السادات فيما بعد بأن هذه الأجهزة قد وصلت إلى منزله شخصياً.
■عهد السادات
مفجر قضية مراكز القوى فى عهد السادات هو اللواء طه زكى الذى كان يعمل فى مكتب الرقيب العسكرى الذى كان يصب فيه كل أسرار المجتمع المصرى حيث كان التنصت مفروضاً على جميع  فئات الشعب دون استثناء ولأغراض شخصية.
يقول «زكي» بأن تولّى السادات السلطة لم يعجب مراكز القوى لأنه طالب بحريات وديمقراطية فكانوا يسبّون السادات ويشتمونه ويخططون للتخلص منه وكان على رأسهم على صبرى لدرجة أن سعد زايد وزير الإسكان وقتها تحدث مع سامى شرف قائلاً اعطونى دبابة وآخذ السادات إلى القلعة وأضربه طلقة وأقول بأنه انتحر وكنا بالطبع نسجل لهم كل هذه التصرفات وعندما تأكدت من التسجيلات فى 11مايو 1971 قابلت السادات وحكيت له ما يحدث ولكنه طلب منى الدليل ولم تكن التسجيلات معى فقلت له الدليل فى مكتبى ولا أعرف كيف أحضر الشرائط؟  وخرجت من عنده وأنا خائف مما وضعت نفسى فيه ولكن اتصلت بمساعدى العقيد حنفى فأعطانى كود الشانون الذى توجد به التسجيلات فذهبت وأحضرتها فلما سمع السادات قال لى « يا ابنى مش مهم سيبها» ثم سألنى لماذا جئت إلىّ؟ فقلت له لأنك الرئيس الشرعى للدولة.
■ ليلة 14 مايو 1971
يواصل اللواء طه زكى كلامه قائلاً أرسل الرئيس السادات إلى الفريق «الليثى ناصف» وكان قائداً للحرس الجمهورى وقال له يا ليثى لدى معلومات مؤكدة لقلب نظام الحكم يقوم بها أصدقاؤك فماذا ستفعل؟ فرد عليه قائلاً يا أفندم سأنفذ أوامرك لأننى أتبع الشرعية، فقال السادات يوجد قرار بتلقى تعليماتك من سامى شرف ومن هذه اللحظة تعليماتك ستكون منى مباشرة، وهى مكتوبة لدى «ممدوح سالم» وزيراً للداخلية بديلاً لشعراوى جمعة، وما إن وصل ممدوح سالم إلى وزارة الداخلية قابله «فتحى بهنس» مدير مكتب شعراوى قائلاً يا أفندم الوزير ليس فى مكتبه فدخل سالم وجلس على كرسى الوزارة قائلاً أنا الوزير فعلم «حسن طلعت» مدير المباحث فاتصل بى وطلب حرق شرائط التسجيلات فأخبرت السادات فقال لا تحرق شيئاً والحرس الجمهورى سيصلك خلال ربع الساعة، وبالفعل وصل وحصل على كل الشرائط التى حرقها السادات فيما بعد.
■ ليلة 15 مايو 1971
فى 14 مايو 1971 أقال السادات شعراوى جمعة فردت عليه مراكز القوى باستقالات جماعية بهدف إحداث فراغ دستورياً لكن رد السادات كان سريعاً بقبول الاستقالات وتشكيل أول وزارة تخلو من مراكز القوى منذ ثورة 1952، وخرجت جموع الشعب تقول  «افرم افرم يا سادات» و«خلصنا منهم يا سادات» ثم ألقى السادات خطابه فى 17 مايو 1971أعلن فيه اعتقال «مجموعة صبرى»  كما سماها السادات بعد أن أُلقى القبض عليهم داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون، حيث كانوا يستعدون لاغتيال السادات وانعقدت محكمة استثنائية لمحاكمتهم بتهمة قلب نظام الحكم وصدر حكم بالإعدام ضد بعضهم ولكن السادات خفف الحكم لمدد متفاوتة فأكمل بعضهم مدته داخل السجن وخرج آخرون لأسباب صحية.