السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«فى فمى لؤلؤة» جديد ميسون صقر

«فى فمى لؤلؤة» جديد ميسون صقر
«فى فمى لؤلؤة» جديد ميسون صقر




كتب: إسلام أنور


فى روايتها الصادرة حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة رواية «فى فمى لؤلؤة» تتحدث الشاعرة الإماراتية ميسون صقر عن عالم صـيد اللؤلؤ وحياة الغواصين على مراكب الصيد، وترصد المفارقة ما بين بريق اللؤلؤ الذى يشع من أعناق النساء  وظلمة المغاصات وبؤس حياة جالبيه.
لا تكـتـفى الرواية بحياة البحر لتوثِّق تواريخ الغوص وطقوسه فقط، بل تقدم رؤية لحياة الإمارات خلال زمن صيد اللؤلؤ فى خيوط سرد متوازية، فتتنقل بين الحصون ومزارع الإبل ومناطق البدو ومدن الصيد وخيام الغواصين وجبال الشحوح، وتحتفى بخصوصية كل مجموعة، وتقدم بين ثنايا القصة المتخيلة شخصيات وأحداثا من الواقع تصل إلى حد التأريخ فى بعض المواضع.
تحدثت ميسون صقر عن بعض التفاصيل الخاصة بالرواية، مشيرة إلى أنها استغرقت منها سبع سنوات من المغامرة اللغوية، والقراءة، الغوص فى الذات وتحولات المنطقة، والبحث المضنى فى أرشيفات البحر والأساطير ورحلات الغوص والمواويل البحرية والشعر الشعبى المتعلق بجماليات اللؤلؤ، وكذلك ملاحقة مراحل صعود وانهيار تجارة اللؤلؤ على يد المخترع اليابانى «ميكوموتو» الذى ارتدت الممثلة المنتحرة مارلين مونرو إحدى قلائده الصناعية، وهى الممثلة التى تظهر على غلاف الرواية بالقلادة ذاتها، إمعانًا ربما من ميسون فى تفكيك العلاقة المعقدة بين الأصيل (المنسي) وبين الزائف (الحاضر).
وقالت: «بدأت أبحث عن سحر وتأثير اللؤلؤ فى المدونات القديمة، ووجدت أن كليوبترا نزعت قرطها، وسحقت اللؤلؤة الكبيرة التى تزينه، ثم أفرغت المسحوق فى قدح نبيذ، وشربته أمام أنطونيو، وفيما بعد، قُدّم قرطها الثانى الذى تم إنقاذه، قربانا لتمثال الإلهة فينوس فى الإمبراطورية الرومانية، حيث يعد اللؤلؤ من أقدس الأحجار الكريمة»
مضيفة أن هناك حكايات كثيرة صيغت وأُلفِّت حول اللؤلؤ، ولكن أهم اللآلئ هى تلك التى خرجت من سواحل الخليج، وساحل الإمارات تحديدًا، وهى اللآلئ التى زينت عنق الممثلة المعروفة إليزابيث تايلور، كما زينت عمائم مهراجات الهند.
وأوضحت ميسون أن معظم الحكايات حامت والتصقت بالقيمة المادية والمعنوية لعنصر اللؤلؤ، ولكن لم يتطرق أحد لمعاناة الإنسان الذى أخرج هذه الجوهرة من أعماق البحر، ومن هنا- كما قالت- أتت هذه الرواية كى تفصح عن مغامرات وعذابات وأفراح وأتراح هؤلاء الغوَّاصين الذين نسيهم الجميع، وذابت أرواحهم فى قيعان التعب، كما نسى المؤرخون المراكب التى ذهبت إلى أقاصى الحلم ولم تعد، ونسوا التاريخ الذى نعتز به فى دواخلنا كأناس معنيين، وبشكل جذري، برحلات الغوص وبمعاناة الرجال الذين تقبّل البحر جثامينهم دون اعتراض.
وقالت ميسون صقر:  إنها وزّعت زمن روايتها «فى فمى لؤلؤة» على عالمين، وهما العالم الأصلى المتعلِّق بالصيد والغوص والرحلات والأذى الحسى والنفسى الذى يطارد الغواصين، ثم العالم الثانى وهو العالم الافتراضى الوهمى الذى يعيشه الأثرياء والفنانون، الذين يقتنون اللؤلؤ وتلاحقهم لعناته الخفية.
وقسَّمت ميسون صقر روايتها  إلى خمسة أجزاء، أو خمس مغاصات، وكل مغاصة وُزِّعت على أربعة أقسام، وكل قسم يتناوب بين الحديث والقديم، والملموس والوهمي، وقالت إن روايتها «تحمل إسقاطات عديدة حول تعاقب المحتلين والمستعمرين لأرواحنا وذواتنا وبلداننا منذ الأزمنة القديمة وحتى اليوم، ولكن بأشكال وصيغ مختلفة».
تكاد ميسون صقر لم تترك شاردةً ولا واردة حول اللؤلؤ إلا واصطادته، مؤمنةً بما جاء فى الكتاب المقدَّس، العهد القديم، إصحاح أيوب «تحصيل الحكمة خير من اللآلئ»، وإذا كانت هذه الرواية هى رواية لؤلؤ، فهى فى الوقت ذاته رواية حكمة، فـ «ميسون صقر» فى مغاصتها الرابعة المعنونة بـ«العنف والوَلَه» تعود إلى الآيتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين من سُورة الواقعة لتصل إلى ذُروة الحكمة: «وحورٌ عين، كأمثال اللؤلؤ المكنون».
ولدت ميسون صقر فى الإمارات، وجاءت إلى مصر فى طفولتها المبكرة، حيث درست كل مراحلها التعليمية فى القاهرة، وتخرجت فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية من قسم السياسة بجامعة القاهرة. وعملت فى المجمع الثقافى بأبوظبى فى مركز الوثائق، ثم فى مؤسسة الثقافة والفنون كرئيس لقسم الثقافة، ثم لقسم الفنون ثم أنشأت قسمًا للنشر بما فيه من عقود ونظم ومستشارين وطبع خلال فترتها الكثير من الكتب المهمة المترجمة والمؤلفة، ثم أصبحت رئيسًا لقسميْ النشر والفنون؛ فأنشأت قسم النشر، كما أنشأت وأقامت مهرجان الطفولة الأول والثانى وعملت بوزارة الإعلام والثقافة كمدير الإدارة الثقافية.
وجرَّبت كتابة السيناريو لأعمال موجهة للأطفال، وأخرجت ستة أعمال صلصال بهذه السيناريوهات. وجمعت وحققت الأعمال الكاملة لوالدها الشاعر الشيخ صقر بن سلطان القاسمى فى أربعة أجزاء، والذى استغرق سنوات كثيرة من العمل.